د. أسماء بنت صالح العمرو
الحب كلمة لا يعقلها المعاند، ولا يستوعبها الأحمق، ولا يلتفت لها الغضوب، ولا يبالي بها العيي.
اللفظة بحد ذاتها تنقلك إلى عالم مُتَناء رحيب، وممتد إلى كل جمال وسرور، وحياة مبهجة ومنشرحة.
قف عندك ولا تعطني مرادفات الكلمة، ولا أقسامها، ولا سلبيات أنواعها، كلا، فلن أخوض في مراتب الهوى والعشق والهيام، وإنما الحب فقط ولا غير الحب.
هو السلوى لكل مكلوم، واليد الحانية لكل مفارق، والمتنفس للحزين، والأمان للخائف.
هو أنيس للمؤمنين، ويقظة للغافلين، وهناء للمتآلفين، وفرح للمشتاقين، وراحة للحالِمين، وسلام للآمنين.
ياه، ويا عالم بفضله اصطفيناه، كم هو آثر، وآخى، وألّف، وفضّل، وجمع، وضم.....
برمقة محبة، اغتنى الفقير، واعتلى المكسور، وانجلى الظلام، وانزاح الغمام وأفل عن أصهار وأرحام وأحباب.
من لا يحب فليس من بني آدم، ولا نريد أن يبقى في عالمنا المبتهج الجذلان.
كيف يكون منهم وهو لم يحب أركان إسلامه، ومبادئ دينه؟!
أم كيف يُكوّن أسرة مستقرة تسكن في الجَنان قبل العمران؟!
وإلام يعطي ويتصدق، ويبني الخير في أرجاء المعمورة دون مقابل؟ إلا والشوق يحثه على الخير الجزيل، والحب يعينه إلى كل أجر وفير.
تخيل شعور حبيبين التقيا بعد مدة، وصفيّان كل منهما يقول:
أنا هو غير أنه إياي! ورفيقا درب تعاهدا على كل ما ينفع بينهما ويرفع، وأم تخدم أبناءها وكلها حب وحبور، وأب ينازعها هذا الشعور.
نعم، وإن كان هناك من يُنغص عيشك، ويختلس فرحك، وينهك قواك بِلَغْو الكلام، وسيء الفعال، فلا تضجر، ولا تيأس، ولا تأكل بعضك بعضا، فالحياة نحن من يرسم معالمها، ويصنع مجاديف القوة، والظفر، والتفاؤل فيها، ويسطر أرقى عبارات الحنين والفضل والامتنان.
المحب هو من ينثر على حبيبه عظيم خيره، وبهجة روحه، وحُنوّ مشاعره؛ لينقى ويرقى، ويفلح ولا يشقى.
مَن كانَ يَزعُمُ أَن سَيَكتُمُ حُبَّهُ
أَو يَستَطيعُ السَترُ فَهوَ كَذوبُ
الحُبُّ أَغلَبُ لِلرِجالِ بِقَهرِهِ
مِن أَن يُرى لِلسِرِّ فيهِ نَصيبُ
وَإِذا بَدا سِرُّ اللَبيبِ فَإِنَّهُ
لَم يَبدُ إِلّا وَالفَتى مَغلوبُ
إِنّي لَأَحسُدُ ذا هَوىً مُستَحفِظاً
لَم تَتَّهِمهُ أَعيُنٌ وَقُلوبُ