عبده الأسمري
منذ أن خلق الله عز وجل هذا الكون والمتضادات أمر محتوم وواقع حتمي ومنذ أن بدأ الإنسان في الركض وسط ميادين العيش ومضامين التعايش ظل في «خيار» ذاتي ما بين الخير والشر والحق والباطل..
من موازين الحكمة الربانية العظيمة اختلاف الشعوب وتغير اللهجات وتبدل اللغات وتباين العادات والوجوه والديانات حيث جاءت «الخارطة» البشرية موشحة بالاختلاف بين سلالة آدم وجاء كل ذلك ليصنع التحدي «الحقيقي» للإنسان وفق المنطلقات الشرعية والاتجاهات النظامية من منطلق منظومة ترجح «كفة» الشرع وتبرهن «همة» النفس وتعلي «شأن» العقل في دروب حياة تقتضي «التمييز» وتستوجب «التغيير» وصولاً إلى «التفوق» والعيش بأمان وسلام وارتياح لصناعة «حياة» تعتمد على «الصواب» وتستند إلى «المنطق».
يتحدث الأكاديميون والمختصون والخبراء والوجهاء والحكماء كثيراً عن «التربية» وعن «التوجيه» وتتعاقب «الأجيال» وسط «تحديات» انتقلت من حيز «السر» إلى أفق «العلن» والتعليم يتطور كما «تقول» وزارة التعليم والمنابر قائمة ومؤسسات المجتمع في «حراك» منبري مستمر ولكن ثمة «فراغاً» واضحاً و»فجوة» عميقة و»هوة» سحيقة باعدت ما بين «الأمنيات» و»الواقع».
تكمن مشكلة «التوجيه» لدينا في مكامن خلل متعددة تتلخص في نوعية الخطاب وفئة المتحدثين الذين يلقون «الكلمات» المكررة والنصائح المعلبة إضافة إلى طريقة «التثقيف» مع وجود أخطاء أزلية في محتوى «الإرشاد» مع سيطرة «الطرق» التقليدية في الحوار والنقاش وفي ظل «تباعد» مخجل في آلية «التعاون» ما بين الجهات المعنية وسيرها في منحنيات «الروتين» القاتل بإقامة الفعالية أو انطلاق النشاط بشكل «مؤقت» ومن باب «تأدية الواجب» دون الاستمرارية في جني الثمار ومعرفة التداعيات ورصد الاتجاهات الصائبة والأبعاد الخاطئة ومواصلة التخطيط العقلي والذهني والعملي لتحقيق الأهداف.
على مر «التاريخ» ترسخت مفاهيم تختص بقبائل وشعوب حافظت على «هويتها» المرتبطة بصفات التعامل مع الآخرين وكان المسلمون هم «نواة» هذا الثبات و»أنموذج» هذا الاستقرار الذي لم تستطع «يد» التنصير ولا «عباءة» التقليد ولا «موجة» التبدل إلغاء «الوجه» الأصيل للدين والذي شكل «هوية» المسلم في تعاملاته ومعاملاته وقيمه وقيمته.
ومن «الوقائع» التي أثبتت قيمة «الأصالة» وشموخها أمام «المخططات السرية» لأعداء الدين ومحاربي القيم أن أوروبا منذ قرون حاولت إرسال بـ»بعثات» تحت مظلة «الاستشراق» والبحث العلمي والتنقيب وتحت «حيل» الفرق العلمية التي جاءت إلى بلاد «المشرق» الإسلامي وفي أجنداتها «تبديد» الهوية وجلب أعضاء إلى معسكرات «التغريب» فتفاجأوا بصمود «الطفل» وقوة «المرأة» وقوة «الرجل» وعزة «الشاب» وحكمة «الشيخ» حيث وجدوا «أقواماً» أبرزت للغرب الصور المبهجة والقيم العالية للأصالة الإسلامية والتأصيل الشرعي والأصول التربوية التي قلبت «خطط» التنصير وهزمت «تخطيط» التهويد بدخول العديد من أعضاء تلك «المجموعات» في الإسلام ومن ثم تزايد أعداد المسلمين من «دروس» القيم التي أجهضت خطط «العدو» وقوّت وحدة «الصف».
مع ثورة «التقنية» وجدت الجهات المعادية والتي تعتمد على «الخلايا» النائمة «ثغرات» لتمرير «الأفكار» المسمومة ووجدوا في «الحرية» المزعومة و»السرية» المدعومة مجالاً لمحاولة «النيل» من «الثوابت» معتمدين على «غفلة» بائسة من «مشاهير» جوعى باعوا «الضمير» من أجل المال على «حساب» القيم والأصالة والأخلاق..
تعتبر «الأصالة» معياراً رئيسياً للتفريق بين الإنسان «الأصيل» في هويته صاحب المعدن الثمين الذي يعتز بقيمه وأصوله وطبيعته وبين «الهزيل» في قيمته ذي الشخصية المريضة الذي أضاع تربيته وتنشئته وطبعه وفي كل الأحوال والمغيرات ومتى ما هبت «رياح» التغيير فإن الصمود أمامها من «طبع» النبلاء ومن «شيم» الفضلاء الذين يقفون صفاً أمام كل من يحاول «المساس» بأصولنا وقيمنا وثوابتنا.
نحن أمام «تحديات» وبيننا ووسطنا ومن حولنا من يفرغ «سمومه» في أفق «التحضر» ومن ينادي بأصوات «واهية» ممتلئة بسوءات «التغريب» ومكتظة بإساءات «التخريب» وفي عمقنا من «السفهاء» الكثير ممن يجب الحذر منهم والابتعاد عن «محيطاتهم» الملوثة بتحرر يدعو للسخرية ويستدعي الإنكار وليعلموا أنهم الضحايا «الحقيقيون» في معارك «الحرب» على الأصالة والقيم..
الحاضر يستوجب تحديد «هويات» المسيئين للأصالة والمعادين للقيم وإبعادهم من «مساحات» التطور وإخراجهم من «ساحات» التحضر لأنهم سيعيدوننا آلاف الخطوات إلى الوراء حيث سيرة «الأعداء» الأولى وسيشوهون «الواقع» المشرف لطبيعتنا وطبعنا حتى نقود المجتمع بمنأى عنهم لتحقيق «الاعتبار» في «الأهداف» والانتصار في «النتائج».