عبدالرحمن التويجري - بريدة:
وصف صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم الإرجاف بأنه سلاح فتّاك مدمر للأمن يقوم على نشر الشائعة وإثارة اللغط وتضخيم الأحداث وتشكيك الناس في واقعهم باستغلال السذّج وضعفاء النفوس، لبثّ الذعر والخوف، في المجتمع فيجد الإرهاب فرصته واليأس سطوته فتنقلب الحياة الهانئة رأساً على عقب.
جاء ذلك، خلال رعاية سموه لندوة: «الإرجاف.. المفهوم والأثر الاجتماعي»، والتي أقيمت مساء أمس الأول، بمشاركة أصحاب الفضيلة والمعالي أعضاء هيئة كبار العلماء وعدد من المختصين، وذلك في مركز الملك خالد الحضاري بمدينة بريدة.
وأشار سمو أمير القصيم بأن الله قد أنعم على وطننا الغالي في ظل قيادته الرشيدة – أعزها الله – نعمة الإسلام والأمن والأمان عبر تاريخه الممتد لما يزيد على ثلاثة قرون، ليكون جديراً بتصدر الصف في محاربة الإرجاف والقضاء على مسبباته عبر سلوك منهج نبوي كريم وطرق بحثية مميزة، مؤكداً سموه بأن المرجفين هم أعداء السلم ووجودهم لا يتماشى مع مقتضيات سفينة الحياة المنطلقة بأمان.
وبيّن سموه بأن المرجفين يخوضون في الفتن والأخبار السيئة و يضخمون السيئ ويحقرون الجميل ويتلذذون بإحباط الناس وزرع الفرقة في كل زمان ومكان.
وأضاف سموه بأن هذه الندوة هي الثانية لاستكمال ما تمّ من قبل، للوقوف بوجه المضللين وممارساتهم لإحداث الفتنة، الذين يستغلون وسائل التواصل الاجتماعي بحرب معلوماتية مغلوطة لتفكيك المجتمع عبر تشكيك الناس بمعتقداتهم وقيادتهم وترسيخ الانتقاد السلبي لبلادهم بما يحقق مخططات خبيثة مدمرة وأجندات مشبوهة.
وبيّن سموه بأن وسائل التواصل الاجتماعي أفرزت الكثير من التأثيرات وتضخيم الحدث حتى لوكان لا يستحق ونشر التدوينات عبر عدة حسابات تجعل منه أكبر مما يستحق، ويضيف سموه : بالرغم من سرعة النقل إلا أن سلبيات انتشار المعلومة السلبية يؤثر أكثر من انتشار المعلومة الإيجابية، موضحاً سموه بأن هناك الكثير من الحسابات تدار من خارج الوطن، وتشكل خطورة في بثّ الشائعات والإرجاف وتسيء للوطن وقيادته بل وتلقي بالاتهامات بدون وجه حق.
وأشار سموه بأن الكثير أصبح لا يبحث عن الإيجابي بل يبحث عن السلبي وغير العادي حتى لو لم يحظَ بمصداقية إلا أنه يعكر صفو الجانب الإيجابي.
ولفت سموه خلال حديثه بالندوة بأن الغالبية العظمى من قراء وسائل التواصل الاجتماعي هم من الشباب والنشء ومن السهولة سرعة التأثير عليهم بل وإقناعهم وتغيير سلوكهم.
وكانت الندوة التي أدارها الدكتور سليمان العيدي، قد شهدت مشاركة معالي المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع، الذي ثمّن لسمو أمير القصيم اختيار هذا الموضوع المهم لتعرية الإرجاف وآثاره السيئة وما يؤول إليه من شر.
وأشار المنيع بأن الإرجاف يعتبر من أخطر ما تبلى به البلدان، وما نزل في محكم القرآن الكريم والأحاديث الشريفة حول أهل الإرجاف والشر والكيد للبلاد الإسلامية.
المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله حميد تطرّق خلال مشاركته في الندوة إلى خصائص المرجفين الذين يتحدثون عن الفاسدين والمنحرفين، فيظن السامع أن الثابتين على الحق قليل، مشيراً إلى أنهم يخطئون في قراءة الأحداث ويشوهون قراءة الواقع وتزوير التاريخ، ويهرفون بما لا يعرفون.
واستعرض بن حميد صفات المرجف، حيث قال إنه يكون قلقاً مكتئباً سيء الظن عابس الملامح والأمل عندهم خيبة ولا يرى إلا القسوة والشر، وإسقاط لمعاناة نفسية ومعايب أخلاقية، والمتابعون والمغردون يسلكون مسالك المرجفين.
موضحاً أن بواعث المرجفين هي كره الآخرين، وهز الاستقرار ونزع الثقة، وغاياتهم الإرهاب الفكري والحرب النفسية وإدخال الهم والحزن على أهل الحق.
فيما قدم معالي المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق شكره لسمو أمير القصيم على إقامة هذه الندوة، مشدداً أن الإرجاف المرض المفسد للمودة القاضي على الثقة المظهر للعداوات، مبيناً أن هذا المرض لا يقوم به إلا المنافقون، وهذا أشهر أعمالهم، وهناك المغفلون الذين يصدقون المرجفين، الذين يسمعونه وينشرونه، وقال إن بعضهم لا يشعر أنه يخطئ وهو يدق المسمار في أمن الناس وصفاء قلوبهم، يسمعون وينقلون ما يهلكهم.
موضحاً أن الإرجاف نقل الأخبار الكاذبة التي تسبب اضطراباً بين الناس، وأن الأراجيف ملاقيح الفتن، والمرجفون يلوذون بالأخبار الكاذبة ونشرها بالمجتمع، ليكون اضطراب بين الناس، الذين يستغلونهم الأعداء، ويصلون لمرادهم.
من جانبه أكد اللواء المهندس بسام بن زكي عطية، المستشار في رئاسة أمن الدولة أن مشاركة رئاسة أمن الدولة في مثل هذه الندوة، هو تكريم للدولة وأمنها، التي تمثل القيمة الإسلامية والثقل والتأثير الدولي، وهي العقيدة والمقدسات وولاة الأمر، الدولة تستحق أن يكون لها أمنها الرادع، مشيراً بأن الإرجاف فقد الحلم والرغبة والحياة، لأن جريمة الإرجاف تسقط الدول من خلال عدة أبعاد تشمل الأبعاد الجيوسياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية وغيرها من الجوانب، مضيفاً أن الإرجاف يسكن في هذه الأبعاد ويتحرك إلى أبعاد أخرى، هو زلزلة المجتمع، ومقدرات الوطن، لأن الإرجاف يتحول إلى هادم للدول من خلال أمور مبرمجة ضمن مشاريع تعمل في هذا الشأن.
وقال: إن الإرجاف عندما يتحرك في يستهدف منظومة، وهدم أسس السلطة في مختلف مجالاتها القضائية والإعلامية والتعليمية، واختراق مضامين القوى، التي تعمل على اختراق العمق الاجتماعي والقيم والمبادئ ومكونات الأسرة، ويتحول الأمر إلى مزيج من الشك وأحاديث عن المجالس ويتوغل ويصنع امتداداً كبيراً، بالأوهام والأكاذيب والتقليل من الإنجازات والمكاسب الحضارية.
كما شهدت الندوة مداخلات، للدكتور فهد الشهراني من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أوضح فيها أن الإرجاف أبعد من قضية توليد شائعة الكذب إلى مفهوم القضايا والأحداث في وقت الفتن والأزمات والكوارث، من الحاقدين لدوافع نفسية لبث الشائعات وإلقاء التهم، وهو القادم من الخارج وتقوم به دول ومنظمات، موصياً بالتأصيل الشرعي لأبناء الوطن وهو سلاح لمواجهة الإرجاف، ودعوة الجهات المختصة للبحث خلف هذه المعرفات واستقطاب المختصين للحديث عن أثر الإرجاف وضرره على المجتمع والوطن.
الدكتور خالد أبا الخيل، من جامعة القصيم، أشار بأن أهل الإرجاف يشعرون بالخيبة والآيات الكريمة توعدت المرجفين مشيراً بأن المرجفين هم من الذين يسعون إلى نشر الإشعاعات بين أوساط المجتمع.
كما تطرّق الدكتور زايد الحارثي من جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية إلى بعض من الجوانب الوقائية من الإرجاف، من خلال التحصين الشرعي، والتحصين الفكري، مشيراً دور التواصل الاجتماعي في تعليم النشء وترسيخ الوسطية، وأن التربية أساس راسخ مهم ليس ضد الإرجاف فقط إنما في الأمن.
كما بيّن الأستاذ الدكتور نايف الوقاع إلى أهمية البحوث العلمية في دراسة مفهوم الإرجاف، ودوافعه والبيئة التي يستهدفها لمواجهته والتقليل من آثاره، قائلاً إن مكمن الخطورة أن الإرجاف عماد الحرب، مشيداً بوعي المجتمع السعودي.