مذ أن بدأت المملكة العربية السعودية وهي تسير بخطوات فارقة تطور بها أجهزتها الحكومية ومكوناتها المجتمعية وتهدف بأن تكون في كل يوم هي أفضل من اليوم الذي قبله, ومن ضمن هذه الخطوات أتت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 وانطلقت منها وتيرة عالية من التطور والنماء حيث ترتكز هذه الرؤية على أن تكون وطناً طموحاً واقتصاداً مزدهراً و مجتمعاً حيوياً، ومن أهم المكونات التي أعارتها اهتماماً وحرصت على أن تجعلها جزءاً من تنمية المجتمع وهو ما يعرف الآن بالقطاع غير الربحي، والذي قام هو بدوره بتطوير أدواته والرفع من كفاءة الكوادر العاملة وذلك للرفع من جودة المخرجات والأثر الملموس.
ومن ضمن هذه الأدوات الفاعلة والمحرك للقطاع غير الربحي حوكمة الجهات المنتسبة له والرفع من كفاءتها، وقبل أن نأخذ مفهوم الحوكمة لدى القطاع غير الربحي لدي سؤال كيف بدأت الحوكمة في القطاع الربحي (وهو ما يعرف لدينا بالقطاع الخاص ) وما هي القيمة المكتسبة من تطبيق الحوكمة؟
حرصاً من المملكة العربية السعودية على تهيئة البيئة الاستثمارية والربحية التجارية فقد أطلقت هيئة السوق المالية عام 2006م لائحة حوكمة الشركات (الشركات المدرجة) وكما انطلقت وزارة التجارة والاستثمار بدورها فأصدرت لوائح وأنظمة لائحة حوكمة الشركات المساهمة غير المدرجة، ومن هنا انطلق القطاع الربحي في تنمية أدواته وكوادره وكل منشأة من منشآت هذا القطاع تحرص على أن تطبق حوكمتها بكامل قوتها لعلمها بأثر الحوكمة في رفع كفاءتها فبذلك تكون احتمالية رفع الإيرادات وخفض التكاليف أكبر وأعلا وبهذا تكون القيمة التنافسية لدى المنشأة أقوى.
وحيث إن الحوكمة ذات قيمة عالية لدى القطاع الربحي فما قيمتها لدى القطاع غير الربحي ولماذا هي عامل مهم لتنمية مؤسسات القطاع غير الربحي؟
قبل أن نلتفت للقيمة والأثر المترتب على إقامة الحوكمة وتطبيقها على مؤسسات القطاع غير الربحي تستوقفنا نقطة ألا وهي مفهوم الحوكمة من منظور المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي حيث عرف المركز الحوكمة بأنها الأنظمة والأطر والآليات التي تضبط العلاقة بين أصحاب العلاقة في الجمعيات الأهلية من أجل اتخاذ قرارات تشاركية تخدم المصالح العليا للجمعيات عبر العدالة و المسوؤلية والشفافية والمساءلة، من هذا المفهوم ينقدح في أذهاننا أن القيمة من وراء تطبيق الحوكمة على القطاع غير الربحي هي رفع كفاءة الخدمات المقدمة من قبل مؤسسات القطاع غير الربحي وضبط العلاقة مع الجهات الإشرافية والوصول إلى مستوى شفافية عالٍ يمكن الوصول إليه من قبل الجميع، وذلك من خلال إقامة المبادئ الأربعة التي لا تقوم الحوكمة ألا بها:
* العدالة: هي إعطاء كل ذي حق من أصحاب المصلحة والأطراف ذات العلاقة حقه من المساءلة والشفافية والمشاركة في اتخاذ القرارات.
* المسؤولية: هي مهمة تقع على عاتق الجمعية العمومية ومجلس الإدارة، حيث إنهم مسؤولون قانونياً عن القرارات التي تصدر عن الجمعية ولذلك تهدف أنظمة الحوكمة إلى رفع الحس بالمسؤولية لدى كل عضو، مما يدفعه للعمل بإخلاص وتفانٍ في تنمية الجمعية وتحقيق مصالحها.
* الشفافية: هي توفير ومشاركة المعلومات والتقارير الدقيقة والحديثة مع الجميع دون غموض أو تضليل.
* المساءلة : إن أنظمة الحوكمة في الجمعية يجب أن تضمن لأصحاب المصلحة والأطراف ذات العلاقة حق مساءلة الجمعية العمومية ومجلس الإدارة كل بحسب اختصاصه عن أداء الجمعية.
وخاتماً الحوكمة ليست عائقاً عن التقدم بل هي من أهم الأدوات المسرعة للتقدم مؤسسات بقوة و ثبات.
** *
- باحث ماجستير إدارة المنظمات غير الربحية بجامعة حائل