د.منال بنت عبدالعزيز العيسى
اختلف النقاد حول تاريخ تدشن كرسي الأدب السعودي في جامعة الملك سعود ؛ لغياب المرجعية التاريخية من خلال مصدرها الأصل ( الكرسي ) فالفيفي يقول أنه أنشئ عام 2012م ويتحدث في مقالته المعنونة بـ: " كرسي الأدب السعودي : لماذا الآن ؟ (الصادرة في صحيفة النور) ويقول متعجبا: " حينما هاتفني سعادةُ عميد كلية الآداب بجامعة الملك سعود ببشارة هذه الاحتفاليّة، ودعاني للتحدّث فيها، تساءلت ببراءة: أيُّ كرسيٍّ هذا؟ أهو خشبيّ؟ أم بلاستيكيّ؟ أم دوّار؟ فأعلمني أنه "كرسيٌّ حديديّ"! " ويكمل الفيفي قائلا: " كان السؤال مزاحيًّا؛ لكثرة كراسي البحث اليوم في الجامعات السعوديّة، وضرورة إعادة التقييم، بعد نحو عشر سنوات على هذا المخاض، وتناسل الكراسي بصورة لافتة، لإعادة النظر في أداء بعضها، من أجل التفريق بين ما ينتمي منها إلى البحث والعلم والأكاديمية، وما تغلب عليه الطبيعة الإعلاميّة، والدعائيّة، مع ما يستهلكه من مالٍ بلا مردود، وجهودٍ بلا منتوج، لا للعلم ولا للوطن" ويستعرض الفيفي أهداف الكرسي بحسب المعلن عن أهداف كرسي الأدب السعودي: تبرز معالم مثاليّة، تَعِد بـ"تهيئة بيئة علمية، وبحثية، واستشارية، لدراسات الأدب في المملكة العربية السعودية، وتعزيز التواصل، والشراكة، بين الجامعة والمؤسسات العلمية والأكاديمية والثقافية العامة والخاصة." كما يأتي في جملة الأهداف التفصيليّة:
1- تعزيز الانتماء الوطني من خلال دراسات الأدب السعودي.
2- ربط الأدب العربي السعودي بالهوية العربية الإسلامية للأُمَّة.
3- تهيئة البيئة العلمية والبحثية المناسبة للباحثين في الأدب السعودي.
4- رصد جميع الدراسات والأبحاث التي تُعنى بالأدب السعودي محليًا وإقليميًا وعالميًا.
5 - إثراء المكانة العلمية والبحثية للأدب السعودي، وتشجيع العلماء والباحثين السعوديين وغيرهم على الإسهام في أبحاثه ودراساته.
6- بناء جسور التواصل بين كرسي الأدب السعودي والمؤسسات الأكاديمية والثقافية داخليًا وخارجيًا.
7- الإسهام في خدمة المجتمع بعقد اللقاءات، والمحاضرات، وحلقات النقاش، والندوات، والمؤتمرات المتخصّصة، وتقديم استشاراتٍ ولقاءاتٍ علميةٍ في مجال الأدب السعودي.
في هذه الأهداف تتسابق مفردات (التعزيز، والربط، والتهيئة، والرصد، والإثراء، والبناء، والإسهام). وأعتقد أن الاتكاء على "التعزيز" و"الربط" هو من قبيل تحصيل الحاصل، من جهة، ومن جهة أخرى فيه افتراض قيود، لا يمكن أن يتقبّلها الأدب أصلًا، ولا حتى البحث النقدي الجادّ. ولو جُعل "التشجيع" على تلك القِيَم هو منتهى الغاية في هذا المضمار، لكان ذلك أنسب، في رأيي؛ كيلا يتحول كرسي الأدب السعودي إلى ضربٍ جديدٍ من الروابط الأيديولوجيّـة، أو الواقعيّات الاجتماعيّـة، التي فشلت على المستويات كافّة، أدبيًّا وإنسانيًّا! من جانب آخر، وبما أن الكرسيَّ للبحث في الأدب في المملكة، فإن كل الجامعات السعوديّة ينبغي أن تكون شريكة في دعمه، وكذا كل الأندية الأدبية في المملكة، والمؤسسات الثقافيّة كذلك، لا جامعة الملك سعود ونادي الرياض الأدبي فقط."
ويختم الفيفي حديثه داعياً كرسي الأدب السعودي للاهتمام بالفنون الشعبية " وأرى- بالرغم من تحفظي المعروف على العاميّة، نشرًا، وبثًّا، وترسيخًا- أن يكون من ضمن اهتمامات كرسي الأدب السعودي دراسة الفنون الشعبيّة، للإفادة منها لغويًّا وأدبيًّا، بما يعود على لغتنا الفصحى وآدابها بالثراء المعرفي والفنّي. ولاسيما أنه كرسيُّ بحثٍ، وليس كرسيًّا إعلاميًّا، أو منبرًا تسويقيًّا لألوان معيَّنة من الأدب. ذلك أن من وظيفة الأدب بعامة الارتفاع بالأذواق، والارتقاء باللغة، لا مجاراة السائد، واستمراء الموروث الجماهيري على علّاته. كما أن ارتباط هذا الكرسي العلمي بالجامعة يحتم عليه كذلك رسالةً علميّةً، وحضاريّةً، تسعى إلى تجسير الهُوَّة بين العاميّة والفصحى، لتأخذ بلغة الأدب وبمضامينه إلى الأمام لا إلى الخلف، وإلى الأرقى والأبقى، حضاريًّا وتاريخيًّا وجغرافيًّا، لا إلى المحلِّي واللهجي والقَبَلي، مهما كان إغواؤه لأوساط الناس. تلك وظيفة الأدب، كما أفهمها، وهذه رسالة الجامعة، كما يجب."
بينما ترى هياء السمهري في صحيفة الجزيرة 19/7/1443هـ في مقالها المعنون بـ " كرسي الأدب السعودي في جامعة الملك سعود الرؤيا والتشكيل " أن تاريخ تدشين الكرسي كان في عام 2013م ؟
مما سبق يمكن القول :
لا يمكن معرفة تاريخ إنشاء كرسي الأدب السعودي بدقة ( 2012-2013م ) ؛ لغياب المرجعية التاريخية للكرسي ، فالكرسي ليس له صفحة رسمية إلا في الفيس بوك : (20+) دليل إصدارات كرسي الأدب السعودي | Facebook وتويتر @saudiliterature
- من تاريخ الإنشاء لم نجد للكرسي أية لجان معلنة سواء أكانت علمية أم استشارية أم تنفيذية ؟ فهو كرسي يديره الدكتور صالح الغامدي منذ انشائه وكان يعمل فيه الدكتور حسين مناصرة ثم الدكتور أبو المعاطي الرمادي وحاليا نجهل كل اللجان والأعضاء ؟
- حسب اللائحة المنظمة للكراسي البحثية التي يتبع لها كرسي الأدب السعودي ، فإن المشرف على الكرسي يجب ألا يكون متقاعدا ، وفي حال تقاعده يتم تغيير المشرف بناء على قرار رئيس اللجنة العليا للكراسي البحثية . والدكتور صالح الغامدي متقاعد منذ سنوات ومازال يرأس الكرسي في مخالفة صريحة لأنظمة وضوابط الكراسي البحثية في جامعة الملك سعود .
- يحتاج كرسي الأدب السعودي لتمويل خارجي سواء أكان من الأفراد أم المؤسسات والبنوك والشركات أم التمويل الوقفي ( فرد – مؤسسة ) دون الاعتماد على مايرصد للكرسي من ميزانية الجامعة
- فيما يخص إنجازات كرسي الأدب السعودي في دورتيه السابقتين فإنها مازالت دون المستوى المأمول من كرسي بهذا الحجم ، سواء أكان ذلك في عقد الشراكات الاستراتيجية مع الوزارات والجامعات السعودية أم في مخرجات الكرسي الحالية .
- هذا هو واقع كرسي الأدب السعودي ، ويأتي الطموح والمأمول في ظل رؤية خلاقة عليها أن تعيد هيكلة الكرسي برؤيته وأهدافه والمخرجات المتوقعة منه ،من خلال تفعيل لوائح وأنظمة الكراسي البحثية وتكليف أستاذ متخصص في الأدب السعودي لرئاسته ثم البدء في استراتيجية طويلة المدى أقترح لها :
1- تشكيل لجان علمية من المتخصصين في الأدب السعودي ؛ لإعادة هيكلة الكرسي .
2- البحث عن مصادر للدعم المالي ورجال الأعمال السعوديين سيتسابقون لخدمة الأدب السعودي وكذلك المؤسسات والشركات السعودية
3- تشكيل لجان واضحة الهوية والأسماء والمهام لتنفيذ استراتيجية الكرسي
4- الخروج من عباءة الأندية الأدبية والرسائل العلمية بهية بحثية واضحة ؛ تعنى بالأدب السعودي إبداعا ونقدا
5- تفعيل دور التطوع اللاربحي لأعضاء الفريق العلمي والاستشاري للكرسي ؛ خدمة للأدب السعودي ، بحيث يكون الانتماء للفريق شرفيا دون مقابل مادي
6- تفعيل مشاركة طلبة الدراسات العليا المتخصصين في الأدب السعودي وألا يكون ذلك محصورا في طباعة أطروحاتهم العلمية
7- تفعيل الشراكات العلمية للكرسي مع الجامعات السعودية ووزارة الثقافة ووزارة الإعلام
8- تفعيل الشراكات العلمية للكرسي مع الجامعات العربية والعالمية ؛ بحيث يخرج من محدوديته الجغرافية
9- إنشاء موقع رسمي خاص بالكرسي يعرض فيه تاريخ ، إنجازاته البحثية وليست الطباعية ، واللجان بمهامها وهوياتها العلمية
هذا ويبقى الشكر والتقدير للأستاذ الدكتور صالح الغامدي على رئاسته للكرسي دورتين متتاليتين ( النظام ينص على أن مدة الكرسي خمس سنوات قابلة للتجديد ) فله كل الشكر والتقدير ، لكن الكرسي بوضعه الحالي لا يمكن تقييمه من خلال إصدارته ولوتجاوزت المئات طالما أنها محصورة في رسائل علمية أو كتاب منهجي وحيد ؟
وأنا على ثقة بأن أستاذي الدكتور صالح الغامدي يعي المخالفة القانونية التي يمر بها كرسي الأدب السعودي بإشراف أستاذ متقاعد ، وأنه سيبادر بنفسه للتسليم الكرسي لوكالة الجامعة للكراسي البحثية ؛ فإما أن تعاد هيكلته أو يحجب لعدم قانونية المشرف عليه الحالي .
وكلنا أمل كمتخصصين في إحياء هذا الكرسي قانونيا وعلميا وبحثيا بما يتوافق وأهميته الوطنية التي تخدم الإبداع السعودي في أجناسه والرؤى النقدية المصاحبة له .....