الازدحام يسبب هدراً للوقت والجهد ومزيداً من التكاليف وأثراً سلبياً على البيئة وهو تكلفة عظيمة يتكبدها اقتصادنا، وقد عُرفت الرياض منذ سنوات بالزحام لكنه أصبح مؤخراً لا يطاق، فدقائق المشوار البسيطة أصبحت تتضاعف إلى ساعة أو أكثر، فماهي الأسباب وكيف نعالجها؟
بالرغم من الإعلان في نهاية 2021 عن الوصول إلى 59 دقيقة كمتوسط وقت التنقل اليومي داخل المدن الخمس الكبرى وهو أحد مؤشرات الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة في المدن ضمن برنامج جودة الحياة إلا أنني في الرياض لاحظت زيادة وقت التنقل وزيادة الازدحام وأرى أنه من المفترض أن يكون هناك مؤشر خاص بكل مدينة فلا يمكن مقارنة الرياض بغيرها من ناحية الكثافة السكانية والحركة المرورية العالية.
ودعونا نتفق على أن زيادة الهجرة الداخلية للرياض هو ما يفسر الزيادة المطردة في أعداد السكان ولعلنا لم نلاحظ ذلك في سنتين متتاليتين بسبب الدراسة والعمل التي كانت عن بعد في 2020- 2021 وعادت بشكل حضوري كامل في سنة 2022.
سنلاحظ أننا في أيام الإجازات المدرسية لا نجد زحاماً مما يدل على أن جزءاً كبيراً من الحركة المرورية تتعلق بالمدارس والجامعات وهو مايعني ضرورة تفعيل بعض الأيام لتكون الدراسة عن بعد والعمل على جدولة دخول وخروج الطلاب بأوقات وأيام مختلفة وكذلك ضرورة تفعيل الدوام المرن واستمرارية سياسة العمل عن بعد للجهات التي تسمح ظروفها بذلك.
إن من أسباب الازدحامات هي الحوادث البسيطة والتي من المفترض على أطرافها بعد الإبلاغ أن يصوروا الحادث ثم يتنحوا جانباً لإفساح الطريق ولكن هذا قليلاً مايحدث وهنا نحن بحاجة إلى زيادة الوعي بالحملات التوعوية لتقليل هذه السلوكيات.
كما أنه لاشك بأن تفعيل المواصلات العامة من خلال تشغيل القطار والحافلات هو الحل الأساسي لتخفيف الزحام وتقليل الانبعاثات الكربونية ورفع مستوى السلامة بتخفيف احتمالية وقوع الحوادث.
إذا كنا نرغب في أن نحافظ مستقبلاً على مستوى جيد من جودة الحياة في الرياض فيجب دراسة الوضع المروري الحالي والمستقبلي وإعادة تقييم الطرق من خلال التوجه نحو زيادة سعة الطرق وتحسين كفاءة التشغيل فيها من خلال توسعة بعض الطرق المزدحمة أو فتح طرق جديدة موازية لها وكذلك تحويل التقاطعات المحكومة بالإشارات المرورية إلى تقاطعات جسور وأنفاق، وكذلك من المهم زيادة الاعتماد على الدراجات النارية لتطبيقات توصيل الطعام.
أتمنى فعلاً أن تتضمن استراتيجية مدينة الرياض كيفية التغلب على تحديات التنقل بمبادرات عديدة لتخفيف الزحام وتسهيل مهمة التنقل بما يتوافق مع الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة أحد مستهدفات برنامج جودة الحياة لضمان وصول الرياض بأن تكون من أكبر 10 اقتصاديات مدن في العالم.