فضل بن سعد البوعينين
اختُتِمَ العام 2022 بمؤشرات اقتصادية متميزة، ونتائج إيجابية تؤكد تحقيق بعض أهداف رؤية 2030 قبل وقتها المحدد، ونجاعة الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي أطلقها سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وعملت الحكومة على تنفيذها وفق استراتيجيات وبرامج محددة عززت من فرص النجاح، وتحقيق الأهداف الطموحة.
هدف الاقتصاد المزدهر، من ركائز الرؤية، وهو ما تعمل الحكومة على تحقيقه، وفق رؤية واضحة، وبرامج منضبطة، واستراتيجيات شاملة تهدف إلى تحقيق الأهداف وفق خطة زمنية محددة، وآلية قياس تمكن مسيريها من إجراء التعديلات المناسبة وفق المتغيرات الطارئة، أو انحرافات التنفيذ.
وبالرغم مما تعرضت له الاقتصادات العالمية من تحديات جيوسياسية، وتباطؤ في معدلات النمو وارتفاع معدلات التضخم، إلا أن الاقتصاد السعودي خالف تلك التوجهات بتسجيله مؤشرات إيجابية، ونسبة نمو بلغت 8.6 في المائة مع تسجيل الميزانية العامة لأول فائض لها منذ 9 سنوات، بمبلغ 102 مليار ريال، أي ما يعادل 2.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعني تحقيق مستهدفات برنامج التوازن المالي قبل موعده، كما نجحت في احتواء معدل التضخم عند 3.2 في المائة، وهي الأقل عالميا.
أسهمت إجراءات الحكومة الاستباقية لحماية الاقتصاد من التضخم، ومن تلك الإجراءات وضع سقف أعلى للبنزين، وضمان وفرة السلع والمنتجات، وتعزيز المخزون الاستراتيجي بأسعار تنافسية وتوفير الدعم المناسب لها وبما يسهم بالحد من تداعيات ارتفاع الأسعار العالمية.
ومن المؤشرات المهمة نمو الاقتصاد غير النفطي بنسبة 5.8 في المائة، وانخفاض معدل البطالة إلى 9.7 في المائة وهو الأدنى منذ 20 عاما، وفي المقابل ارتفعت نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة بنسبة 35.6 في المائة، وارتفع عدد العاملين في القطاع الخاص إلى 2.2 مليون مواطن، وهو الأعلى تاريخيا.
أسهمت سياسة المملكة النفطية في تعزيز الإيرادات، بعد أن نجحت في تحقيق توازن الأسواق العالمية، وبالتالي المحافظة على أسعار النفط، والصناعة النفطية عموما. ضمان استقرار الأسواق يحتاج للتحرك الاستباقي المبني على قراءة دقيقة لمستقبل السوق النفطية وفق المتغيرات الاقتصادية، وقد أثبتت المملكة قدرة فائقة في تعاملها مع الأسواق النفطية، والمتغيرات الاقتصادية، والمخاطر الجيوسياسية وبما يحقق مصالح المنتجين ولا يضر بالمستهلكين. لا يمكن فصل التحسن الكبير الذي طرأ على الإيرادات الحكومية وبالتالي الميزانية العامة عن السياسة النفطية التي كان لها أثر مباشر في ضبط الأسواق بالتعاون مع أعضاء «أوبك +». نمو الإيرادات النفطية بشكل كبير لم تمنع الحكومة من المضي في تنفيذ إصلاحاتها في قطاع الطاقة، حيث عززت شراكاتها العالمية لضمان التوسع في إنشاء المصافي السعودية المشتركة، ومجمعات البتروكيماويات في دول العالم. أصبحت المملكة مهتمة بشكل أكبر بتحقيق قيمة مضافة لصادراتها النفطية، والتوسع في الصناعات البتروكيماوية والتكرير، وبما يحقق مجموعة من الأهداف الرئيسة ومنها: إيجاد عملاء دائمين لصادراتها النفطية، تحقيق قيمة مضافة من خلال التكرير وصناعة البتروكيماويات، خلق شراكة استراتيجية محققة للأمن الاستراتيجي، وتنويع مصادر الاقتصاد.
العام 2022 شهد أيضا إطلاق مشروعات كبرى، ومشروعات تنموية في مناطق المملكة المختلفة وبما يعزز سياسة التنمية المتوازنة والشاملة. مشروع ذا لاين، كان أحد أهم المشروعات التنموية المبتكرة، إضافة إلى مشروع تطوير وسط جدة، وتطوير جزيرة دارين وتاروت وتطوير مراكز مدن حضرية في 12 مدينة و11 منطقة، وإنشاء شركة داون تاون السعودية لتنفيذ تلك المشروعات المهمة المعززة للتنمية، وجودة الحياة، وتدفق الاستثمارات، وتحقيق نمو الأنشطة الاقتصادية، وخلق الفرص الوظيفية في المدن المستهدفة. إطلاق استراتيجيات وطنية للنقل والخدمات اللوجستية، والصناعة، والاستثمار، من أهم مخرجات العام الماضي، وهي استراتيجيات مهمة تستهدف تطوير الاقتصاد وتحقيق هدف تنوعه وجذب الاستثمارات واستكمال البنية التشريعية وتحسين البيئة الاقتصادية والاستثمارية الشاملة، ورفع تنافسية السوق السعودية.
اختم بالتأكيد على أهمية الاستراتيجيات والمبادرات التي يطلقها سمو ولي العهد تباعا، والتي ستسهم في صناعة المستقبل وبناء الاقتصاد الوطني على قاعدة من التنوع والاستدامة وجعل المملكة قوة اقتصادية عالمية وقبلة للمستثمرين الباحثين عن الفرص النوعية والعوائد المجزية والأمان الاستثماري.