خالد بن حمد المالك
منذ زمن ولا حديث عن العراق إلا عن تفشي الفساد المالي، وإن كان الكلام يتم بشيء من الحذر بما يشبه الصمت حتى لا يصل الاتهام إلى العظم، أقصد إلى بعض قادة الأحزاب والنافذين بشكل عام.
* *
وكانت رائحة الفساد المالي تشم منذ سنوات، وما زال عفنها يتواصل دون رقيب أو حسيب، حيث إن هناك معادلات وحسابات ومصالح شخصية تحول دون كشف السرقات المالية، أو الوصول إلى الفاعلين.
* *
في هذا الأسبوع تحدثت الأخبار عن أن عدداً من الضباط والعسكريين وآخرين معهم تم القبض عليهم متهمين بسرقة النفط من حقول نفط البصرة بشكل يومي وبكميات كبيرة، وعلى مدى سنوات، وذلك بالتعاون مع عدد من المهربين، وأن هذا ربما قاد المسؤولين إلى التوصل إلى كشف سرقات أخرى في مواقع أخرى.
* *
وهذا الاكتشاف المتأخر مهم جداً لكي تتخلص العراق من حرامية المال العام، لكنه إن اقتصر على إلقاء القبض على الصغار منهم، وترك الكبار أحراراً وطلقاء، ودون التثبت من حقيقة ما يقال عن أنهم منغمسون بشبهة جرائم مالية، فإن العراق لن يكون في مأمن من التمادي في هذا النوع من السرقات على حساب قوت الشعب.
* *
المملكة العربية السعودية أوشكت أن تكون دولة نظيفة من أي سلوك يعتدي على المال العام، أو يُمارس فيها ما يطلق عليه رشاوى أو غسيل أموال، ومن أي اعتداء على أملاك الدولة، وذلك لأن الأمير محمد بن سلمان تعامل مع هذا الموضوع بحزم، ولم يفرق بين صغير وكبير.
* *
تذكروا أن سموه قال إننا في معالجة هذا الموضوع سنبدأ من فوق إلى تحت، أي من الكبار وصولاً للصغار، وهذا ما تم، فلم يستثن أميراً أو وزيراً أو رجل أعمال، بل ساوى بين الجميع، بخلاف ما كان يتم من قبل.
* *
تجربة الأمير محمد بن سلمان تستحق أن تُروى، وأن يتعلم منها الآخرون، ففيها عدل، وحزم، وتأكيد على الإصلاح، وتستحق أن يحتذى بها، وأن تحاكى في العراق وغير العراق، إذا كانت هناك نية حقيقية لدى الآخرين في القضاء على هذه الظاهرة المدمرة للدول.
* *
التوجه العراقي الجديد بالكشف عن بؤر الفساد يستحق أن يثنى عليه، ويمتدح، ويقدر، ويساند، من أجل أن يستفيد المواطنون من ثروات البلاد، ولكي تنعكس واردات الدولة على ما سيتحقق من مشروعات، وإصلاحات اقتصادية، وتحسين ظروف الناس، وتطوير البنية التحتية للبلاد بعد سنوات من التوقف.
* *
والعراق يحتاج بعد هذه الخطوة إلى التوسع في كل ما هو موضع شبهة، ومعالجتها على النحو الذي يخدم العراق والعراقيين، وتالياً إنهاء كل ما يعيق أمن واستقرار العراق، وصولاً إلى بناء أقوى العلاقات الثنائية مع جيرانه، وبخاصة العرب منهم، بحكم وجود مصالح مشتركة بين كل الأطراف.
* *
أنهي هذه السطور، بالتأكيد على أن العراق جزء من العالم العربي، ومن منظومة التكامل مع الدول العربية، وأي أمن واستقرار وتطور وإصلاح في العراق، إنما يصب في مصلحة كل الجيران عرباً وعجماً، وهذا مصدر اهتمامنا بالشأن العراقي دون تدخل في شؤونه الداخلية.