الشماسية عمرانها مرهون بشيئين الأول: هو الركيزة الأساسية وهو الزراعة سيما زراعة النخيل، والثاني: الفلاة وما يتبعها من مصالح الرعي وغيره. وزراعة النخيل هي الزراعة الناجحة في الشماسية بل المتفوقة فيها، فإن الشماسية في مجموع نخيلها من أكثر مدن العالم نخلا وهي تحتضن أكثر مزرعة نخل في كوكب الأرض!!
معظم نشاط أهل الشماسية في زراعة النخل فالنخلة عملهم وتجارتهم فهي عمران بلدتهم.
يستقر في نفوس الأجيال عندنا في الشماسية حب النخلة من مسببات كثيرة منها الإرث الأسري والاجتماعي ومنها العقلية الحضارية لسكان المحافظة فالنخلة بطولها الفارع وجمالها الباهر ولونها الأخضر الهادي هي ملأى الأبصار فأينما التفت في بلدتنا فالنخلة أمامك، ولعل ذلك بقصد أو بغير قصد جلب تسمية الجانب الغربي من الشماسية بحي النخيل.
فالخلاصة أن النخلة هي عمران الشماسية وإهمال النخلة إهمال لعمران البلد.
من الأشياء المخربة لعمران النخيل تقديم مصالح التوسع في العمران على بقاء أشجار النخيل من غير حاجة واضحة ومن تخريب عمران الحياة بالنخيل إهمال أمراض النخيل وعدم معالجتها، ومن ذلك تعطيل أو اضعاف سوق النخل بأي سبب مما يقلل من ارتزاق أهلها بها، ومن ذلك تقديم اجتلاب الأموال على زراعة النخيل، وهذا توجه رأسمالي غير رشيد، وهو من آفات هذا العصر، حيث غلبت الرأسمالية على الحياة الطبيعية فتولد منها التصحر والكوارث البيئية الخطيرة، فماذا تفيد الأموال إذا خربت العمارة الحقيقية الطبيعية التي تعتبر الزراعة غاية الآيات فيها لذلك قال الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه لمن يجلبون المال: (ليكن نظركم في عمارة الأرض أبلغ من نظركم في استجلاب الخراج، والزراعة عمارة) صدق أمير المؤمنين رضي الله عنه، نعم الزراعة عمارة.
وقد ذكرت النخلة في القرآن الكريم قرابة تسع عشرة مرة ومن وصايا بعض العلماء: إذا عجزت عن الانقطاع للعبادة فعليك بالزراعة فإن لك فيها الأجر.
سبحان الله، الزراعة مستحبة وهي أفضل كسب في الدنيا وأما بقية الأعمال فهي مباحة من جهة الفرد فرض كفاية على المجتمع.
لماذا فرقت الشريعة بين الصناعة والزراعة فأباحت الأولى واستحبت الثانية..؟ لأن الزراعة هي العمارة الأساسية لهذا الكون. فيجب التشجيع على الزراعة وحماية النخلة العامرة للبلاد الصحراوية وتقديم مصالح أهلها فيها على كل ما هو دونها والتضحية بالنخل من أجل المال أو غيره مسلك تخريبي لعمران البلاد التي عمارتها النخلة.
** **
- القصيم/ الشماسية