محمد سليمان العنقري
اعتاد الكثير على توجيه السؤال الشهير لماذا عند وقوع حدث أياً كان, أما الإجابات فهي كثيرة وتعكس وجهة نظر كل طرف له علاقة بالحدث أو المراقبين من المحايدين, وبذلك تتجمع عشرات الأسباب التي أدت لوقوع الحدث, وكل من يطلقها يرى أنه صاحب الرأي الأدق, لكن بنهاية المطاف كل ما يذكرونه هو من الماضي ولن يستطيع أحد إعادة الزمن لما قبل الحدث لتجنبه, أو للقيام بأفضل ما يمكن لتقليل الخطر الناجم عنه, إلا أن السؤال الأكثر أهمية هو ماذا أي إلى أين تتجه التداعيات؟ وماذا ستكون النتائج؟ فالإنسان ينظر للمستقبل ويسعى للقبام بكل ما يمكن للتعايش مع قادم الأيام, وتحويل الأزمات لفرص للتعلم أو لتحقيق مكاسب, ولكن ذلك لا يتحقق إلا بالانتقال فوراً إلى النظر للمستقبل.
ففي أزمة الحرب الروسية الأوكرانية, مازالت الكثير من التحليلات تركز على أسباب نشوب الحرب بين الدولتين, لكن في كل يوم يثبت أن الأزمة أخطر من أن تبقى قائمة, وما يتم تداوله حولها لإنهائها لا يرقى إلى إدراك خطورتها, فالمواطن الأوروبي يسأل بعد ارتفاع تكلفة الطاقة وتوقعات حدوث ركود ماذا سيكون عليه حال الاقتصاد الاوروبي؟ وهل ستزداد نسب البطالة؟ وما مصير التضخم الذي لم تشهده أغلب دول أوروبا منذ أربعة عقود؟ ويبقى سؤالهم الأكثر تخوفاً هل ستتوسع دائرة الحرب؟ وبالحقيقة لا أحد يجيبهم من حكوماتهم بل إن أغلب التصريحات الرسمية تشير لحالة عدم يقين. أما مواطنو الدول الفقيرة فسؤالهم ماذا سيحل بأمننا الغذائي؟ وهل سيتمكنون من شراء احتياجاتهم الأساسية وهل ستكون متوفرة؟، أما عالم أسواق المال فلا يوجد اتجاه واضح بالأسواق بنظر المراقبين وكذلك المؤسسات المالية, فالمستثمر يريد رؤية واضحة ليتخذ قراره المناسب لخططه بالاستثمار بالسوق, كما أن الحرب التجارية بين أميركا والصين تفرض سؤالاً حول ماذا ستكون نهايتها؟ وهل ستتواجه الدولتان بأبعد من الحرب التجارية البينية بينهما؟ وذات السؤال ينطبق على كافة القطاعات الاقتصادية ماذا سيكون الأثر على الاقتصاد العالمي فكل المبررات أو المسببات لأي أزمة تصبح بلا قيمة بالأهمية للفرد الذي يريد أن يرى نوراً بآخر النفق، فالإنسان يبحث عن الأمل الذي لولاه لضاق العيش ولما وصل العالم لاكتشافات علمية ضخمة وطورها, فالدول التي تعاني من فوضى تجد سكانها في حالة من البؤس وفقدان الأمل بأن تعود للاستقرار والتنمية, بل يسألون عن ماذا سينتهي به الحال للمجتمع؟ وهل يمكن أن يعود لما قبل وقوع الازمة بدولتهم ؟، فالعالم اليوم أزماته معقدة ومركبة والمواجهة هي بين قوى كبرى تريد كل منها أن تأخذ مكانة أكبر في قيادة العالم بالإضافة لأزمة كورونا التي لم يتغير وضع خطورة انتشار الفايروس أو تحوره فمازال التصنيف العالمي لها جائحة.
ماذا, هو سؤال المليون ومن يمكنه الإجابة عليه بدقة سيكون أكبر الرابحين بالمستقبل, أما إشغال العالم بأسباب أي أزمة ولماذا حدثت, فإنه لن يفيد إلا برصد تلك الأسباب لتجنب تكرارها مجدداً بالمستقبل, فلا أحد يريد أن يبقى بالظلام ولذلك يبحث عن جواب ماذا سيحدث؟ خصوصاً أن تدفق المعلومات والآراء والتحليلات على مسامع الناس ضخمة جداً مع كثرة وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي, ولذلك تجد الكثير تائهاً في رحلة بحثه عن جواب السؤال الذهبي «ماذا».