«الجزيرة» - الاقتصاد:
أنهت البورصات الخليجية تداولات عام 2022 على تراجع بنسبة 6.4 في المائة بعد أن شهدت أحد أعلى معدلات النمو العام الماضي. وظلت أسواق الأوراق المالية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي متقلبة خلال العام وقابل المكاسب التي تحققت خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام تسجيل خسائر على مدار معظم الأشهر التي تلت ذلك.
كما أثرت سوق النفط في البورصات الخليجية في حين أسهم عدم استقرار الأسواق العالمية في إضافة مزيد من الضغوط. وأثرت حرب روسيا وأوكرانيا وتداعياتها التي انعكست في سلسلة التوريد العالمية، خاصة السلع، وعمليات الإغلاق الصارمة التي فرضتها الصين على سلاسل التوريد التكنولوجية والمكونات خلال العام. كما تأثرت الاسواق أيضاً بالاتجاه السائد للتضخم العالمي والخطوات التي اتخذتها البنوك المركزية العالمية ورفعها لأسعار الفائدة بوتيرة غير مسبوقة. وتفاقمت تلك العوامل بسبب العقوبات المفروضة على روسيا التي دخلت حيز التنفيذ في ديسمبر 2022.
وعلى مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، جاءت البورصة القطرية في صدارة البورصات المتراجعة خلال عام 2022، إذ تراجع المؤشر العام لسوق الدوحة للأوراق المالية بنسبة 8.1 في المائة، تبعه مؤشر السوق السعودية (تداول) الذي خسر نسبة 7.1 في المائة من قيمته. ويعد هذا هو أول تراجع يشهده المؤشر السعودي بعد ست سنوات متتالية من المكاسب.
من جهة أخرى، كانت أبوظبي مرة أخرى هي السوق الأفضل أداءً على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي بتسجيلها لمكاسب بنسبة 20.3 في المائة، تليها عمان والبحرين بارتفاعهما بنسبة 17.6 في المائة و5.5 في المائة، على التوالي.
كما شهدت أسواق الأسهم العالمية عاماً هادئاً في ظل تراجع أداء كافة الأسواق الرئيسة تقريباً. إذ انخفض مؤشر مورجان ستانلي العالمي بنسبة 19.5 في المائة، مما يعكس تراجع معظم الأسواق الكبرى على مستوى العالم بمعدلات ثنائية الرقم. كما انخفض مؤشر ستاندرد أند بورز 500 ما يقرب من نسبة 20 في المائة تقريباً خلال العام، بينما كان معدل تراجع الأسواق الناشئة أعمق ببلوغ خسائرها نسبة 22.4 في المائة. وتعرضت أسهم قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة لضربة قوية خلال العام، إذ فقد مؤشر ناسداك المركب ما يقارب ثلث قيمته. وكانت المملكة المتحدة السوق الرئيس الوحيد الذي أظهر ارتفاعا هامشياً، بينما كانت الهند والبرازيل من الأسواق الناشئة التي سجلت مكاسب جيدة.
الأسواق العالمية تشهد تراجعاً واسع النطاق خلال العام
بعد الوصول إلى ارتفاعات قياسية بنهاية عام 2021، سجلت أسواق الأسهم العالمية أول تراجعاتها منذ أربعة أعوام في عام 2022، مما يعكس التداعيات المنتشرة في كافة أنحاء العالم. حيث استمر ارتفاع أسعار السلع الأساسية في تعزيز الرياح المعاكسة التي تواجه الشركات في كافة أنحاء العالم مما أدى إلى استمرار ارتفاع معدلات التضخم والذي وصل إلى أعلى مستوياته المسجلة منذ عدة عقود وما نتج عن ذلك من رفع البنوك المركزية العالمية لأسعار الفائدة مما هدد بدوره النمو الاقتصادي على المدى القريب. وانخفض مؤشر مورجان ستانلي العالمي بنسبة 19.5 في المائة خلال العام، فيما يعد أكبر انخفاض يسجله منذ الأزمة المالية العالمية (2008) بعد أن شهدت معظم أسواق الأسهم الرئيسة خسائر بمعدلات ثنائية الرقم. وأظهر المؤشر اتجاهاً ضعيفاً منذ بداية العام، كما أدى الصراع بين روسيا وأوكرانيا إلى تفاقم وتيرة الخسائر. إلا أنه خلال الربع الرابع من عام 2022، بدأ المؤشر يحقق بعض الانتعاش وسجل نمواً بنسبة 9.4 في المائة، الأمر الذي أسهم في تعويض جزء من الخسائر المتتالية التي سجلها خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام.
أما من حيث الأداء الإقليمي، شهد مؤشر الدولار الروسي أكبر انخفاض خلال العام بعد أن خسر نحو 40 في المائة من قيمته خلال العام. وتبعه الأسواق الناشئة العالمية بانخفاض بلغت نسبته 22.4 في المائة، حيث شهدت كوريا الجنوبية انخفاضاً حاداً بنسبة 24.9 في المائة، بينما انخفض مؤشر بورصة شنغهاي المركب (SHCOMP) الصيني بنسبة 15.1 في المائة. وكانت الهند هي النقطة المضيئة الوحيدة في عالم الأسواق الناشئة بعد أن ارتفع مؤشر سنسكس القياسي بالبورصة الهندية بنسبة 4.4 في المائة خلال العام بدعم رئيس من النمو السريع الذي سجله خلال النصف الثاني من العام مما أسهم في وصول المؤشر إلى مستوى قياسي ببداية ديسمبر 2022 قبل تراجعه خلال الفترة المتبقية من الشهر. وظلت الاتجاهات في البورصة الصينية متقلبة على مدار العام، إذ وصل مؤشر شنغهاي المركب إلى أدنى مستوياته المسجلة على أساس سنوي خلال أبريل 2022 تبعه بعض الانتعاش الهش خلال الربع الثاني من عام 2022 ليصل إلى مستوى الذروة بنهاية يونيو 2022. واتخذ المؤشر الصيني اتجاهها نزولياً إلى حد كبير خلال النصف الثاني من عام 2022 بعد أن أعادت الصين فرض القيود الصارمة المتعلقة باحتواء فيروس كوفيد - 19 ولم تقم بتخفيفها حتى ديسمبر 2022.
وبالانتقال إلى الأسواق المتقدمة، كانت الولايات المتحدة هي الخاسر الأكبر هذا العام، إذ تراجع مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 19.4 في المائة هذا العام. وعلى مستوى الولايات المتحدة، تعرضت أسهم قطاع التكنولوجيا لضربة قوية خلال العام فيما يعزى بصفة رئيسة إلى ارتفاع التقييمات ببداية العام. بالإضافة إلى ذلك، كان للتحذيرات المتكررة من إمكانية الوقوع في براثن حالة من الركود الوشيك خلال العام المقبل تأثيرات سلبية في أداء أسهم قطاع التكنولوجيا. إذ تراجعت أسعار عدد من الأسهم الكبرى مثل Tesla وFacebook بأكثر من 60 في المائة خلال العام بينما خسرت أسهم Microsoft وApple نحو 30 في المائة من قيمتهما بنهاية العام. وتعرضت الأسواق الأوروبية لتراجعات ثنائية الرقم في ظل انخفاض مؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنسبة 12.9 في المائة. كما بلغت خسائر مؤشر داكس الألماني نسبة 12.3 في المائة هذا العام، بينما انخفض مؤشر كاك 40 الفرنسي بنسبة 9.5 في المائة.
أداء الأسواق الخليجية 2022
تفوق أداء أسواق الأسهم الخليجية مرة أخرى على نظيراتها العالمية في عام 2022 بتسجيلها تراجعات أقل خلال العام مقارنة بالخسائر ثنائية الرقم التي شهدتها معظم الأسواق العالمية الرئيسة. إذ انخفض مؤشر مورجان ستانلي الخليجي بنسبة 6.4 في المائة بنهاية العام بعد أن حقق أحد أكبر المكاسب على مستوى العالم في عام 2021. وعكس أداء المؤشر مواصلة تسجيل المكاسب بوتيرة ثابتة خلال الربع الأول من عام 2022 والتي وصلت إلى مستوى الذروة في الأسبوع الثاني من أبريل 2022. بعد ذلك، أتخذ المؤشر إلى حد كبير اتجاهاً هبوطياً خلال الفترة المتبقية من العام. كما اتخذ المؤشر الخليجي اتجاهاً يشابه إلى حد ما الاتجاه السائد لأسعار النفط، حيث بدأ سعر مزيج خام برنت في التراجع منذ يونيو 2022.
وكان الأداء الفردي للأسواق الخليجية متفاوتاً في عام 2022. وكانت سوق أبوظبي مرة أخرى هي الأفضل أداءً على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي بتسجيل مكاسب بنسبة 20.3 في المائة تلاها بورصة عمان بمكاسب ثنائية الرقم بنسبة 17.6 في المائة والبحرين بنمو قدره 5.5 في المائة. في المقابل، كان مؤشر سوق الدوحة للأوراق المالية في صدارة المؤشرات الخليجية المتراجعة، إذ انخفض بنسبة 8.1 في المائة، تبعه تراجع مؤشر السوق السعودية (تاسي) بنسبة 7.1 في المائة. وتعكس خسائر البورصة القطرية تراجع أداء مؤشرات التأمين والبنوك والخدمات المالية والعقارات بمعدلات ثنائية الرقم مقابل المكاسب الجزئية على صعيد قطاعي الاتصالات والنقل. أما في السعودية، شهد 3 فقط من أصل 21 مؤشراً قطاعياً مكاسب بنهاية العام، بينما سجلت القطاعات ذات رؤوس الأموال الكبيرة مثل المواد الأولية والبنوك تراجعات حادة بنسبة 14.4 في المائة و5.6 في المائة، على التوالي.
أما على الصعيد القطاعي بصفة عامة، تمكنت ثلاثة مؤشرات قطاعية فقط من الارتفاع، في حين تراجع أداء عشرة مؤشرات قطاعية بمعدلات ثنائية الرقم. وجاء مؤشر قطاع الرعاية الصحية في الصدارة كأبرز الرابحين في عام 2022 بتسجيله نمواً بنسبة 21.2 في المائة على أساس سنوي، تبعه كلا من مؤشري قطاع المرافق العامة والسلع الرأسمالية بنمو بلغت نسبته 9.9 في المائة و2.1 في المائة، على التوالي. وعلى صعيد القطاعات المتراجعة، جاء مؤشر قطاع الأدوية والتكنلوجيا الحيوية في الصدارة بتسجيله أعلى معدل تراجع خلال العام، إذ فقد نسبة 43.7 في المائة من قيمته، تبعه كلا من مؤشري قطاع السلع طويلة الأجل وقطاع المالية المتنوعة بتراجع ثنائي الرقم بنسبة 32.2 في المائة و21.9 في المائة، على التوالي.
ومن جهة أنشطة التداول في الأسواق الخليجية، فقد شهدت اتجاهاً موحداً عكس تزايد التداولات على الأسهم ذات رؤوس الأموال الكبيرة مما أدى إلى تراجع كمية الأسهم المتداولة مع ارتفاع قيمة التداولات بوتيرة قوية. وبلغ إجمالي قيمة التداولات 686.7 مليار دولار أمريكي خلال العام مقابل 790.0 مليار دولار أمريكي في عام 2021، بينما بلغ إجمالي كمية الأسهم المتداولة 261.4 مليار سهم خلال العام مقابل 309.0 مليار سهم في عام 2021. واقتصر تسجيل تراجع في القيمة المتداولة على سوقي السعودية والبحرين، في حين أظهرت بقية الأسواق نمواً ملحوظاً خلال العام.
السعودية
احتل مؤشر السوق السعودية (تاسي) المرتبة الثانية كأسوأ المؤشرات الخليجية أداءً في عام 2022، إذ خسر نسبة 7.1 في المائة من قيمته، مسبوقاً فقط بمؤشر سوق قطر الذي سجل انخفاضاً بنسبة 8.1 في المائة هذا العام. وكان هذا أيضاً أول انخفاض يشهده المؤشر السعودي بعد ست سنوات متتالية من الأداء الإيجابي الذي أدى إلى ارتفاع المؤشر من 6.911.76 نقطة بنهاية عام 2015 إلى أن وصل إلى مستوى الذروة 13.820.35 نقطة بتاريخ 8 مايو 2022. وأدت الضغوط البيعية التي تعرضت لها البورصة السعودية خلال النصف الثاني من عام 2022 في دفع المؤشر العام للسوق نحو التراجع لينهي تداولات العام مغلقاً عند مستوى 10.478.46 نقطة. واستحوذت السعودية على أكبر عدد من الأسهم المدرجة هذا العام، من خلال إدراج 17 سهما في السوق الرئيسة و19 سهماً في السوق الموازية «نمو». ويعد سهم أمريكانا للمطاعم العالمية أكبر طرح عام أولي تشهده السعودية هذا العام وأول عملية إدراج مزدوج ومتزامن في سوق أبوظبي للأوراق المالية والبورصة السعودية من خلال طرح 2.5 مليار سهم، أو ما يعادل 30 في المائة من رأس مال الشركة.
أما على الصعيد القطاعي، تمكنت 3 من أصل 21 مؤشراً قطاعياً من تحقيق مكاسب بينما انخفضت بقية المؤشرات. وكان مؤشر قطاع التطبيقات وخدمات التقنية هو الأفضل أداءً خلال العام، بتسجيله مكاسب بنسبة 25.2 في المائة فيما يعزى حصرياً للنمو الذي حققه سهم الشركة العربية لخدمات الإنترنت والاتصالات، تبعه كلا من مؤشري قطاع الرعاية الصحية وقطاع المرافق العامة بمكاسب بلغت نسبتها 24.6 في المائة و20.9 في المائة، على التوالي. حيث نجحت كافة مكونات مؤشر قطاع الرعاية الصحية تقريباً في تسجيل نمواً ثنائي الرقم في أسعار أسهمها خلال العام على خلفية مرونة القطاع والفرص المتاحة امام شركات التطبيقات الالكترونية. ومن أبرز الخاسرين على مستوى المؤشر جاء كل من سهمي شركة الشرق الأوسط للرعاية الصحية والشركة الكيمائية السعودية القابضة بتراجعهما بنسبة 19.6 في المائة و21.8 في المائة، على التوالي. اما على صعيد قطاع المرافق العامة، فقد جاءت مكاسب القطاع بدعم رئيس من نمو سهم شركة أكوا باور بنسبة 81.0 في المائة، في حين تراجع أداء كل من السهمين الآخرين ضمن المؤشر.
وعلى صعيد المؤشرات القطاعية المتراجعة، جاء مؤشر قطاع الأدوية والتكنولوجيا الحيوية في الصدارة بتسجيله أعلى معدل تراجع خلال العام، إذ فقد نسبة 44.7 في المائة من قيمته نتيجة لتراجع بنسبة مماثلة للمكون الوحيد ضمن المؤشر وهو سهم الشركة السعودية للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية، كما تراجع أداء القطاعات ذات رؤوس الأموال الكبيرة مثل المواد الأساسية والبنوك بنسبة 14.4 في المائة و5.6 في المائة، على التوالي، خلال العام، بينما سجل مؤشر قطاع الطاقة أقل معدل تراجع سنوي بنسبة 1.6 في المائة.
وعلى صعيد قطاع البنوك، تراجع أداء 4 من أصل 10 بنوك، من ضمنها سجلت 3 بنوك انخفاضاً ثنائي الرقم. في حين تأثر الأداء العام لقطاع الطاقة بانخفاض سعر سهم شركة أرامكو السعودية بنسبة 1.4 في المائة، وتراجع سعر سهم شركة رابغ للتكرير والبتروكيماويات (بترورابغ) بنسبة 26.3 في المائة، في حين تمكنت بقية الأسهم المدرجة ضمن المؤشر من تسجيل مكاسب.
وظلت أنشطة التداول في البورصة ضعيفة خلال عام 2022، حيث أثر التباطؤ الاقتصادي الناجم عن تذبذب أسعار النفط في معنويات المستثمرين. وانخفض إجمالي كمية الأسهم المتداولة خلال العام بنسبة 35.0 في المائة إلى 43.5 مليار سهم مقابل 66.9 مليار سهم تم تداولها في عام 2021. كما انخفض إجمالي قيمة الأسهم المتداولة خلال العام، وإن كان بنسبة أقل قليلاً بلغت 23.8 في المائة، ليصل إلى 1.70 تريليون ريال سعودي (453.18 مليار دولار أمريكي) مقابل 2.23 تريليون ريال سعودي (594.8 مليار دولار أمريكي) في عام 2021. وجاء سهم شركة المصافي العربية السعودية في الصدارة بتداول 3.7 مليار سهم من أسهم الشركة خلال العام بقيمة إجمالية بلغت 137.0 مليار ريال سعودي، تبعه كل من سهمي شركة دار الأركان للتطوير العقاري وشركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) بتداول 1.94 مليار سهم و1.93 مليار سهم من أسهمهما، على التوالي. أما من حيث قيمة التداولات السنوية، جاء سهم شركة المصافي العربية السعودية في الصدارة، تبعه مصرف الراجحي (72.7 مليار ريال سعودي) وأرامكو السعودية (67.4 مليار ريال سعودي).