خالد بن حمد المالك
تنادى نظام إيران مع شركائه في بيروت وصنعاء لإحياء الذكرى الثالثة لمقتل الإرهابي قاسم سليماني، فوصل الصوت لعميل إيران الأول حسن نصر الله في لبنان، وإلى العميل الثاني في اليمن عبدالملك الحوثي، فكان أن خطب أمين حزب الله في لبنان مطولاً عن الدموي القاتل، محسناً صورته، ومغدقاً عليه من الصفات ما يتعارض وواقعه، ومتحدثاً عن مناقب جميلة غير صحيحة فيه، وعانقه العميل الصغير في اليمن بأن أساء إلى شوارع وميادين اليمن وشوهها بتعليق صور الإرهابي الأول في المنطقة مع صفات أبعد ما تكون فيه.
* *
تحدث حسن نصر الله في خطابه مطولاً، وكأنه لا يتحدث عن إرهابي يطالب كل بيت بالقصاص منه، وكأنه يتحدث عن رجل يداوي جروح الناس لا عن رجل أحل سفك دماء الأبرياء، ونفذ بنفسه تنفيذ حكم القتل بحقهم، وتحدث عن هذا المجرم متناسياً ما روَّع به الآمنين، ويتَّم به البيوت وساكنيها، مخالفاً عن قصد وتعمّد ما أجمع عليه الناس من أنه إرهابي يستحق أن يهدر دمه.
* *
وفي اليمن، كان إعلام الحوثي القذر يتلقى التعليمات من عبدالملك الحوثي لإنفاذ ما قررته طهران، فكانت الشوارع والميادين تسوّد بصور هذا المجرم الذي اسمه قاسم سليماني، وإلزام الناس بالقوة لتعليق صوره، بينما كان يجب أن تعلق المشانق الرمزية لقتل من آذى الشعوب، ولطّخ يديه بدماء الأبرياء، وتفاخر بقدرته على الوصول إلى أكبر عدد من المواطنين في أكثر من دولة وقتلهم، لا يفرق في ذلك بين الرجال والنساء والأطفال وكبار السن.
* *
لقد اعتقد هذا المجرم الخطير، أن حراساته، وما أحاط به نفسه من قوات لتأمين حياته، وتخفيه وتنقلاته السرية، وحذره الشديد، أنها سوف تحميه من أن ينال عقابه، ونسي أو تناسى أن هناك قوة أقوى من قوته، هي قوة الله، وأن دعوة المظلوم مستجاب لها من الله، وأن القاتل سوف ينفذ به القتل كما فعل ولو بعد حين، لكنه أعطى ظهره، وعقله، لما يخالف نواميس الحياة، فكانت نهايته دموية، وكان أن شرب دماً من نفس الكأس الذي أسقى به الأعداد الكبيرة من ضحاياه.
* *
نعم إن النظام الإيراني هو الذي بسط ويسّر له الطريق ليمارس قتلاً وتعذيباً لضحاياه، لكن هذا النظام اللعين لم يستطع أن يحميه من أن ينال الجزاء الذي يستحقه، بل لم يستطع هذا النظام أن يحمي نفسه من غضبة الشعب الإيراني، فها هي المظاهرات، وهدير الجماهير، تجوب شوارع المدن الإيرانية تطالب بإسقاط نظام ولاية الفقيه، ومحاسبة المسؤولين، وعلى رأسهم المرشد خامنئي، وتقوم بنزع صوره وصور الخوميني من مواقعها في الشوارع والميادين.
* *
إنها ثورة شعب حقيقية، يعبّر عنها الشرفاء الإيرانيون في الجامعات، والشوارع، ضد القمع، والقتل، والسجون المفتوحة للأحرار من الإيرانيين، فقد عانى المواطنون الإيرانيون بكل مذاهبهم ودياناتهم وقومياتهم الكثير من الإذلال والحرمان والعزلة، وحكم البلاد بالحديد والنار، ومن انشغال النظام في تصدير الثورة الخومينية، مع تفشي الفساد، والفقر، والبطالة، بينما تذهب أموال الدولة إلى تبني الإرهاب ودعمه، وخلق بيئة قذرة لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.
* *
نعم لدى إيران آخرين من القتلة غير قاسم سليماني، لتوظيفهم في قيادة العمليات الإرهابية، وفي بناء شبكة من الإرهابيين، وفي رفع عدد القتلة لينفذوا أجندات وسياسات وأهداف هذا النظام، غير أن مصير هؤلاء لن يكون بأفضل مما صار إليه سليماني من نهاية هلّل لها الشعب الإيراني، كما رحبت بها شعوب المنطقة والعالم، والعاقل من استفاد من الدرس، وتعلم من الحادث، ولكن أنّى لنظام مجرم أن يتخلى عن مؤامراته وجرائمه التي سيكون مصيره بسببها كما كان مصير المقتول قاسم سليماني.