بريدة - خاص بـ«الجزيرة»:
أكد متخصص في العلوم الاجتماعية على ضرورة اتباع التعاليم والآداب الإسلامية في المجالس العامة والخاصة التي تغيرت في زمننا الراهن؛ نتيجة للتغيرات الاجتماعية والثقافية التي عمت معظم المجالس العربية، وأن ديننا الإسلامي سنَّ الكثير من الآداب الاجتماعية للمجالس بقسميها العامة والخاصة من أجل الترابط والتآلف بين مرتاديها، مشيراً إلى سيطرة أجهزة وسائل التواصل على الجلساء، وشحِّ الدروس العلمية فيها.
وقدم الدكتور عبدالعزيز بن حمود المشيقح أستاذ علم الاجتماع بجامعة القصيم بعضاً من الآداب التي ينبغي مراعاتها وغرسها لدى الناشئة؛ ليتعلمو أدب المجالس، ومنها: الحرص على ارتياد مجالس الأخيار؛ لأن صاحب الشر يعدي ويؤذي، وعدم مجالسة الكذاب؛ لأنه يقرب البعيد ويبعد القريب، وكذا الفاسق؛ لأنه يبيع صاحبه بأرخص الأثمان، أو أقل من ذلك، والابتعاد عن البخيل؛ لأنه يخذلك في أشد حالات الاحتياج إليه، وتجنب مجالسة الأحمق؛ لأنه يريد أن ينفعك فيضرك، مع الحذر من مجالسة القاطع رحمه؛ فيكفيه التحذير منه في كتاب الله عزَّ وجلَّ، فهو لن يكون فيه خير لك، وإياك ومجالسة أهل البدع؛ لأن الناس سيرونك منهم، ولا تجالس الماجن الذي يؤثّر على جليسه بفعله، ويحب أن تكون مثله ولا يُعينك على دينك، واحذر مجالسة من يضحكك في وجهك ويريد لك الشر في ظهرك، وجالس من يذكّرك بالله، والدار الآخرة، والعمل الصالح، وجالس الكريم ذا الجود، والأخلاق، والفضل، والإحسان، وكذا من يبكيك وهو لك ناصح، ويهدي لك عيوبك كي تصلحها، ويزيدك علماً، أو يحييك للعلم والعلماء، واجعل من جلسائك وأصحابك أصحاب المشورة فلن تندم من مصاحبتهم؛ لأنهم يفتحون لك آفاقاً ربما غفلت عنها، مع شكر من أسدى لك صنيعاً من جلسائك، وادع الله له بالبركة والتوفيق، وتعلم الستر على من تجالسهم، وأحسن الظن بهم، وأرفق بهم؛ فإن المصاحبة والمجالسة لها أسرارها، وكن واسع القلب وذلك بالتوسعة للقادم إلى مجلسكم، وضع الوسادة له، وهيئ المكان لجلوسه؛ فلذلك أثر، واحرص على القيام لوالديك؛ إكراماً لهما فهم أهل الفضل الأول، ورافق من أراد الخروج من مجلسك وامشِ معه ولو قليلاً، وساوِ بنظراتك إلى جلسائك، ونادِ جليسك بكنيته عند حضوره، وباسمه عند غيبته، وتبسم في وجه جليسك، وأدخل السرور عليه، وحاول إزالة همه، مع الحرص على إجلال وإكرام وتوقير وتقديم الشيخ الكبير في السن في المجلس، والحذر من أنْ تخصّ أحداً بالحديث دون الثالث، إذا كنتم ثلاثة، ولا تقاطع حديث المتكلم، وكن حريصاً على الاستماع إليه، واحذر من تصدر المجالس بالحديث وعدم إعطاء غيرك مجالاً؛ فقد حضر الجالس ليستمع من الجميع وليس منك وحدك، وراعِ ألفاظك، وكن على حذر أن يعثر لسانك، خصوصاً إن كنت في مجلس ذاهيبة، فقد قيل: «رب كلمة سلبت نعمة».
واستشهد الدكتور عبدالعزيز المشيقح في ختام حديثه بما أورده الحكماء: «إذا أردت حسن المعاشرة في المجالس فالقَ عدوَّك وصديقك بالطلاقة ووجه الرضا والبشاشة، ولا تنظر في عطفيك، ولا تكثر الالتفات، ولا تقف على الجماعات، وإذا جلَسْتَ فلا تتكبر على أحد، وتحفَّظ من تشبيكِ أصابعك، والتثاؤبِ في وجوه الناس؛ وليكن مجلسك هادئاً، وحديثك منظوماً مرتباً، ولا تُلحَّ في الحاجات، ولا تشجع أحداً على الظلم، ولا تهازل خادمَك فيسقط وقارُك عنده، وإذا خاصَمْتَ فأنصف، وتحفَّظ من جهلك؛ وتجنب عجلتك، وتفكر في حجتك، ولا تكثر الإشارة بيدك، ولا الالتفات إلى من وراءك؛ وهدّئ غضبك وتكلم، وإياك وصديق العافية؛ فإنه أعدى الأعداء، ولا تجعل مالك أكرم من عرضك، ولا تتجشأ بالمجالس ولا تخلل أسنانك بعد الأكل عندهم، وعليك التغافل عما يجري من سوء ألفاظهم، وإياك أن تمازح لبيباً أو سفيهاً؛ فإن اللبيب يحقد عليك؛ والسفيه يتجرأ عليك، كما أنَّ المزاحَ يخرقُ الهيبة، ويَذْهبُ بماء الوجه، ومَن بُلي في مجلس بمزاح أو لغط؛ فليذكر الله عند قيامه، فقد جاء عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه قال: «من جلس في مجلس فكثر فيه لغَطُه؛ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أنْ لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك؛ غُفِر له ما كان في مجلسه ذلك».