نوف بنت عبدالله الحسين
ما بين ما نراه خارجيًّا وانعكاساته الداخلية، يصدر حواراً تأمليًّا مع النفس، فهل بالضرورة أن نفسّر ونحلّل كل شيء يدور حولنا؟ وهل من الضرورة أن نصنف أنفسنا كمراقبين ومنتقدين لكل شيء؟
لماذا لا تنجذب ذواتنا للأشياء التي تتوافق معها بدلًا من التصادم مع ما يخالفها، فإرهاق النفس في الغوص داخل تيارات معاكسة هو غرق قاتل لا معنى له!
صعب جداً أن تكبّل نفسك في تفسير كل شيء وملاحقة كل ما يزعجك، ومتابعة كل ما يؤذيك، ذكّر نفسك دومًا بخياراتك، وراجع أولوياتك، وتناغم مع ما يشبهك.
تخلّص مما يثقل كاهلك من ذكرى عالقة أو خبر مؤسف أو موقف مؤلم، وأزل عنك السموم، قم بتنقية روحك جيّدًا، وافتح نافذة مغايرة تطل على عالم يشبهك، وأوصد الأبواب المزعجة، أغمض عينيك جيدًا وصم أّذنك بإحكام أمام العواصف التي لا تعنيك والكوارث البعيدة عنك، تذكّر أنك لست مثاليًّا وأن العالم الذي من حولك بطبيعة الحال عالم واقعي وأن ما حولك يحتمل الصواب والخطأ، فإن استطعت أن تحسّن من ذاتك وأفكارك ومزاجك فهو الأهم، وباقي الأمور دعها لخالقها، فإصلاح الكون لست موكلًا بها، لكنك مسؤول عن إصلاح نفسك وإبعاد العطب عن أفكارك، حاول كل يوم أن تفتش عن لحظة صفاء تليق بك، واغتنم فرصة أنك تمتلك الخيار بأن لا تخوض في جدال عقيم، ودرّب عينك على أن لا تسقط إلا على كل جميل، وتذكَّر أن النوايا ليست ظاهرة فلا تحكم على نيّة الآخرين.
يا صديقي دائرة الحيرة في تصرفات الآخرين مجرد حلقة مفرغة، فلا تجعل أي تشوّه خارجي يخترق جوهرك، ولا تكثر من الانتقاد وأنت لا تملك الأسباب والحلول، ارتقِ بردود فعلك، ودرّب نفسك على الصمت، فما قد يخالف هواك الآن ربما تتناغم معه غدًا!
فلنتفق على تحديد سلطتنا، ولنعرف جيّدًا دورنا في هذه الحياة، وتذكّر أنك مجرد زائر في هذه الدنيا وستغادر، فلماذا تضيّع وقتك في إشغال نفسك بما يهدر لحظاتك الثمينة وتنسى غايتك من هذه الحياة!
وتذكر، حوارك الداخلي، اجعله في صميم ذاتك وعن نفسك وعملك وعلمك وملكاتك وقدراتك وإلى أي مدى تصل بها حدودك الإبداعية والروحانية، وحلّق خارج السرب.