واس - الرياض:
استقبل صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، في مقر الوزارة بالرياض أمس، معالي وزير خارجية جمهورية مصر العربية سامح شكري، والوفد المرافق له. وجرى خلال الاستقبال استعراض علاقات الأخوة الراسخة والتعاون المشترك بين البلدين الشقيقين، كما بحث الجانبان أوجه تعزيز العمل الثنائي في المجالات كافة.
عقب ذلك، رأس سمو وزير الخارجية ومعالي وزير خارجية جمهورية مصر الشقيقة، اجتماع لجنة المتابعة والتشاور السياسي على المستوى الوزاري بين المملكة ومصر، حيث تطرقا خلاله إلى تكثيف التعاون المشترك في المجالات السياسية، بالإضافة إلى مناقشة سبل تعزيز التنسيق الثنائي في العديد من القضايا التي تهم البلدين الشقيقين وتخدم المصالح المشتركة، إلى جانب بحث التطورات الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها. وأقام سمو وزير الخارجية لمعالي وزير خارجية مصر، مأدبة غداء تكريمًا لمعاليه والوفد المرافق له.
حضر الاستقبال والاجتماع التشاوري، مساعد وزير الدولة لشؤون الدول الإفريقية السفير الدكتور سامي الصالح، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية مصر العربية أسامة بن أحمد نقلي، ومن الجانب المصري، مساعد وزير خارجية جمهورية مصر العربية السفير علاء موسى، وسفير جمهورية مصر العربية لدى المملكة أحمد فاروق. وقد صدر عن الاجتماع الوزاري للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية على مستوى وزراء الخارجية، بيان فيما يلي نصه:في إطار حرص المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية على تعزيز آفاق التعاون الثنائي بينهما في المجالات كافة، وتنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين الشقيقين -حفظهما الله-، وتجسيداً للروابط التاريخية والعلاقات الأخوية بينهما، عُقد في الرياض يوم الخميس 19/ 6/ 1444هـ الموافق 12 يناير 2023م الاجتماع الخامس للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين البلدين على مستوى وزيري الخارجية، وذلك إعمالاً لأحكام مذكرة التفاهم لإنشاء لجنة المتابعة والتشاور السياسي بينهما، الموقعة في القاهرة بتاريخ 26 يونيو 2007م.
هذا، وقد استعرض الجانبان خلال هذه الجولة العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين على الأصعدة كافة، وأشادا بما تم تحقيقه بين الجانبين من تعاون وتنسيق في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية، بما يعزز أمن واستقرار البلدين الشقيقين، ويدعم مصالح شعبيهما. كما أكدت المشاورات توافق وجهات نظر ورؤى البلدين الشقيقين إزاء العديد من القضايا والأزمات التي تمر بها المنطقة والعالم، بشكل أكد عمق العلاقات الاستراتيجية التي تربطهما، واتفاق إرادتهما السياسية الجادة على تحقيق الاستقرار في المنطقة.
وقد هنأ الجانب السعودي نظيره المصري على نجاحه في استضافة مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي cop27 في شهر نوفمبر 2022م، والذي عكس ثقل مصر الدولي وقدرتها على طرح الأفكار الجديدة والتواصل مع الدول المشاركة كافة في المؤتمر، كما أشاد الجانبان بالجهود المشتركة في إنجاح النسخة الثانية من قمة الشرق الأوسط الأخضر في شرم الشيخ، برئاسة سعودية- مصرية مشتركة، بينما هنأ الجانب المصري نظيره السعودي على استضافة قمة جدة للأمن والتنمية في شهر يوليو 2022م، وكذلك القمة العربية الصينية في شهر ديسمبر 2022م، واللتان جاءتا تجسيداً للدور المهم للمملكة العربية السعودية في منطقة الشرق الأوسط والعالم، كما عبر الجانب المصري عن تطلعه للعمل مع المملكة خلال رئاستها للقمة العربية المقبلة في دورتها الـ(32).
وعلى ضوء محورية دور الدولتين في محيطهما العربي والإقليمي، فقد ناقش الجانبان بشكل مستفيض الأوضاع في المنطقة، وشددا على أن الأمن العربي كلٌّ لا يتجزأ، وعلى أهمية العمل العربي المشترك والتضامن العربي الكامل للحفاظ على الأمن القومي العربي، لما لدى دوله من قدرات وإمكانات تؤهلها للاضطلاع بهذه المسؤولية، وهي مسؤولية تقع على عاتق كل الدول العربية، وتضطلع كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية بدور قيادي ومحوري لتحقيق استقرار المنطقة سياسيًا واقتصادياً بما يضمن التنمية المستدامة في دول المنطقة كافة، واتفقا في هذا الإطار على أهمية استمرار تنسيق جهودهما من أجل دعم دول المنطقة وأمن شعوبها واستقرارها.
وشدد الجانبان على رفض أية محاولات لأطراف إقليمية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية أو تهديد استقرارها وتقويض مصالح شعوبها، سواء كان ذلك عبر أدوات التحريض العرقي والمذهبي، أو أدوات الإرهاب والجماعات الإرهابية، أو عبر تصورات توسعية لا تحترم سيادة الدول أو ضرورات احترام حسن الجوار. واتفقا على مواصلة محاربة التنظيمات الإرهابية في المنطقة بأشكالها كافة، كما استعرضا الجهود المبذولة من جانبهما في هذا الصدد.
كما أكد الجانبان أهمية القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية، وأن الحل العادل والشامل لها يتطلب إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، استناداً لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وأهمية التنسيق في هذا الملف مع القوى الإقليمية والدولية المهتمة بالشأن الفلسطيني.
وأعرب الجانبان عن ترحيبهما بما توصلت إليه أطراف المرحلة الانتقالية في جمهورية السودان من توافق وتوقيع على وثيقة الاتفاق الإطاري، وتطلعهما بأن تسهم هذه الخطوة في تحقيق تطلعات الشعب السوداني، وشددا على أهمية دعم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية في السودان، وذلك انطلاقاً من اقتناع راسخ بأن أمن واستقرار ورخاء السودان يعد جزءاً لا يتجزأ من أمن واستقرار كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، في ظل التقارب الجغرافي بين البلدين والسودان.كما نوه الجانبان للأهمية التي يوليانها لدعم وتعزيز الجهود المشتركة لتدشين آليات التعاون الثلاثي مع الدول الأفريقية، خاصة في ظل وجود الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين للمضي قدماً في هذا المضمار.
واتفق الجانبان على ضرورة احترام إيران الكامل لالتزاماتها بمقتضى معاهدة الانتشار النووي، وبما يحول دون امتلاكها السلاح النووي والجهود الدولية لضمان ذلك، وضمان سلمية برنامج إيران النووي، ودعم الجهود العربية لحث إيران على الالتزام بالمبادئ الدولية لعدم التدخل في شؤون الدول العربية، والمحافظة على مبادئ حسن الجوار وتجنيب المنطقة جميع الأنشطة المزعزعة للاستقرار، بما فيها دعم المليشيات المسلحة، وتهديد الملاحة البحرية وخطوط التجارة الدولية.
كما اتفق الجانبان على أهمية تعزيز دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والحفاظ على منظومة عدم الانتشار، وأهمية دعم الجهود الرامية لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط تنفيذاً لقرار مؤتمر مد أجل ومراجعة معاهدة عدم الانتشار سنة 1995م، والوثيقة الختامية لمؤتمر مراجعة المعاهدة عام 2010م، بما يسهم في تحقيق السلم والاستقرار الإقليمي والدولي.
وأدان الجانبان محاولات المساس بأمن وسلامة الملاحة في الخليج العربي ومضيق باب المندب والبحر الأحمر، وأكدا أهمية دعم وتعزيز التعاون المشترك لضمان حرية الملاحة بتلك الممرات البحرية المحورية، وضرورة التصدي لأية محاولات مماثلة، باعتبارها تمثل تهديداً للأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين.
وأكّد الجانبان دعمهما الكامل للجهود الأممية والدولية لتمديد الهدنة للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة في اليمن وفقاً للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني وقرار مجلس الأمن 2216 (2015). وأثنى الجانب المصري على جهود المملكة ومبادراتها العديدة الرامية إلى تشجيع الحوار بين الأطراف اليمنية، ودعم تمديد الهدنة التي تأتي في سياق مبادرة المملكة المعلنة في مارس 2021م لإنهاء الأزمة في اليمن، ودورها في تقديم وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وتقديم الدعم الاقتصادي والمشاريع التنموية لليمن.
كما أعرب الجانبان عن بالغ قلقهما من استمرار الميليشيا الحوثية الإرهابية في استهداف أمن ممرات الملاحة الدولية، بما يؤثر سلباً على أمن الطاقة العالمي واستقرار إمداداته، وأكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي بالجمهورية اليمنية لتحقيق الاستقرار وتحقيق تطلعات الشعب اليمني وإنهاء الأزمة اليمنية.
وأكد الجانبان دعمهما الحل الليبي الليبي تحت رعاية الأمم المتحدة وعلى ضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، ورفضهما لأي إملاءات خارجية على الأشقاء الليبيين. وأشاد الطرفان بدور مجلسي النواب والدولة في استيفاء جميع الأطر التي تتيح انطلاق ليبيا نحو مستقبل أفضل وتوافق رئيسي مجلس النواب والدولة الليبيين على إحالة مشروع الوثيقة الدستورية للمجلسين لإقرارها، وأكدا ضرورة استكمال الإجراءات ذات الصلة المتمثلة في إقرار القوانين الانتخابية والإجراءات التنفيذية وتوحيد المؤسسات كخطوة مهمة على صعيد المضي قدماً صوب إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن في أقرب وقت. وأعربا عن تطلعهما لاستكمال المجلسين لباقي مهامها في الفترة القادمة. هذا، وثمّن الجانب السعودي استضافة مصر الكريمة ورعايتها لجولات المسار الدستوري الليبي بالتنسيق مع الأمم المتحدة. كما جدد الجانبان التأكيد على دعمهما للجنة (5+5) العسكرية المشتركة، وطالبا بضرورة تنفيذ خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة، والمقاتلين الأجانب من ليبيا في مدى زمني محدد، وحل الميلشيات، تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن ومخرجات مساري برلين وباريس ذات الصلة، وبما يعيد ليبيا إلى الليبيين، ويحقق أمنها ووحدة أراضيها، ويصون سيادتها ومقدرات الشعب الليبي العزيز.
وأكد الجانب السعودي دعمه الكامل للأمن المائي المصري، باعتباره جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، مع تضامنه التام مع كل ما تتخذه مصر من إجراءات لحماية أمنها القومي، داعياً إثيوبيا لعدم اتخاذ أي إجراءات أحادية بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، والتحلي بالمسؤولية والإرادة السياسية اللازمتين للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة تنفيذاً للبيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن في سبتمبر 2021م، بما يحقق أهداف التنمية لإثيوبيا ويحول دون وقوع ضرر ذي شأن على أي من مصر والسودان، وبما يعزز التعاون بين شعوب مصر والسودان وإثيوبيا.
وأكد الجانبان أهمية مساندة العراق من أجل العودة لمكانتها الطبيعية كإحدى ركائز الاستقرار في منطقتنا العربية، وكذا دعمها في حربها على الإرهاب، بما في ذلك الحفاظ على الدولة الوطنية ومؤسساته، ورفض أشكال التدخل الخارجي كافة في شؤون العراق، وضرورة الحفاظ على أمنه وسلامة حدوده، كما رحب الطرفان بانتخاب رئيس جمهورية جديد وتشكيل حكومة جديدة، بما يفتح الباب أمام فرص العمل على إعادة بناء وإعمار العراق.
واتفق الطرفان على ضرورة دعم الحفاظ على استقلال سوريا ووحدة أراضيها، ومكافحة الإرهاب، وعودة اللاجئين والنازحين، والتوصل لحل سياسي للأزمة القائمة، وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254، فضلاً عن دعم جهود مبعوث الأمم المتحدة لدفع العملية السياسية، كما تمت الإشارة إلى ضرورة المضي قدماً في العملية السياسية بمفاوضات سورية- سورية، تحت رعاية مبعوث الأمم المتحدة لسوريا، لوضع إطار لحل سياسي ومعالجة الأوضاع الإنسانية المتردية. في هذا السياق، شدد البلدان على رفضهما لأي تهديدات بعمليات عسكرية تمس الأراضي السورية، وتروّع الشعب السوري.
وشدد الجانبان على أهمية أمن واستقرار لبنان، ودعوا القوى السياسية لتحمل مسؤوليتها لتحقيق المصلحة الوطنية، والإسراع في إنهاء الفراغ الرئاسي واستكمال الاستحقاقات الدستورية ذات الصلة من أجل العمل على تلبية طموحات الشعب اللبناني في الاستقرار السياسي والإصلاح الاقتصادي الذي يسمح بتجاوز الصعوبات الجمة التي واجهها لبنان في السنوات الأخيرة.
وتطرق الجانبان للأوضاع الجيوسياسية العالمية وتبعاتها الاقتصادية دولياً وإقليمياً، واتفقا على أهمية زيادة وتيرة التعاون الاقتصادي الثنائي والعربي، من أجل تعزيز قدرة الدول العربية على مجابهة تلك التحديات والتصدي لآثارها المختلفة.
وفي إطار التوافق في الرؤى بين البلدين حيال العديد من القضايا والأزمات في المنطقة، شدد الجانبان على أهمية استمرار التنسيق والتشاور السياسي لمواجهة التحديات الماثلة أمام الطرفين وفى المنطقة، وذلك على ضوء مكانتهما المحورية ومسؤولياتهما تجاه أمنها واستقرارها.