حمّاد بن حامد السالمي
* يتعرض العرب اليوم- كل العرب- إلى صنوف من الضغوط السياسية والإعلامية وحتى الحربية. لم يترك أعداؤنا وسيلة لإضعافنا وتشتيتنا إلا مارسوها بكل خبث وقسوة، يساعدهم في ذلك وجود ولائيين أذناب للفرس أعداء العرب من الشرق، وعملاء أتباع لدول استعمارية غربية تمارس في منطقتنا العربية لعبة الاستعمار والاستحمار منذ أن زرعت بيننا جرثومة سامّة اسمها إسرائيل، وحتى من قبلها؛ فقد كنا وما زلنا ونحن في أرضنا: (محقودين محسودين منكودين). {وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ}.
* وسائل الإعلام الرقمي الجديد؛ كأنها لم تخلق إلا من أجلنا، فهي لا شغل لها إلا التدليس والتلبيس والدس الرخيص، للتشويش والبلبلة على شعوبنا العربية، حتى خلقت الكثير من الفرقة والشروخ بيننا. إنها ولا شك حرب معلنة، بل حروب يجر بعضها بعضًا، حتى رأينا كيف نفّذت شعوب عربية في بلدانها - بأيديها لا بأيدي أعدائها- ذلك (الخريف العربي)، الذي خطط له الأعداء في إطار(الشرخ الأوسط الكبير). السؤال: هل هذا جديد على شعوبنا ومجتمعاتنا في شرقنا الأوسط العربي..؟
* ما كان هذا بالطارئ ولا الجديد؛ فقد كنا هدفًا للغطرسة والسيطرة الفارسية والرومية منذ ما قبل الإسلام، ثم عظم هذا العداء بعد ظهور الإسلام الحنيف واتساعه وانتشاره. هل سمعتم يومًا بالقصيدة (النقفورية)..؟ قصيدة عربية فصيحة في هجاء العرب والإسلام، يكتبها (نقفور فوقاس) إمبراطور الروم في هجاء (الإسلام والمسلمين)..! هذه ليست طرفة. من كتب لهذا العدو المتغطرس هذه القصيدة العربية وهو أعجمي؛ غير عربي غير مسلم، أو رغالي عربي مسلم؛ مندس بيننا منذ 1400 سنة، حتى أنه خلّف أمّة من الرغاليين الخونة نراهم يبيعون أوطانهم اليوم في (العراق العربي، وسورية العربية، ولبنان العربي، واليمن العربي، وفلسطين العربية).
* أهدتني مكتبتي الخاصة قبيل أيام فارطة؛ كتابًا نفيسًا مهدى إلي في العام 1408هـ من المقدِّم والمحقق نفسه الدكتور: (صلاح الدين المنجد ت 1431هـ). عنوان الكتاب الذي يقع في (66 صفحة) هو: (قصيدة إمبراطور الروم نقفور فوقاس في هجاء الإسلام والمسلمين)، وقد صدرت طبعته الأولى عام 1982م عن دار الكتاب العربي بيروت.
* رأيت المؤلف والمحقق الكبير رحمه الله؛ واجتمعت به في الطائف في العام (1408هـ)، وفيما بعده من أعوام. كان يتردد فيها علينا في الطائف وهو يراجع جهات الاختصاص في شكوى ومطالبة بحقه في السطو على كتاب آخر نفيس له هو: (الحياة الجنسية عند العرب). الكتاب الأخير؛ سطا عليه صاحب مكتبة تجارية بالطائف، فطبع منه آلاف النسخ في القاهرة، وراح يتاجر به علنًا دون علم أو إذن من المؤلف، حتى اضطر إلى وقف البيع، وتعويض صاحب الحق. رحم الله الكل وعفا عنا وعنهم. هذه الواقعة كانت محط تذمر واستهجان من أدباء الطائف وقتها الذين استقبلوا المؤلف وعرفوه في مجالسهم الخاصة، فمنهم الحي؛ ومنهم من انتقل إلى بارئه - رحمه الله.
* القصيدة النقفورية وما أدراك ما القصيدة النقفورية. دخلت تاريخ الدبلوماسية الإسلامية في عهد الخليفة العباسي (المطيع 343هـ - 363هـ)، الذي تلقى رسالة.. بل قصيدة من الإمبراطور البيزنطي (نقفور فوقاس (Necephore Phocas 963م- 969م). ما كانت رسالة بالمعنى الدبلوماسي؛ وإنما قصيدة شعرية باللغة العربية كلها شتم وهجاء وسخرية.