عبد العزيز بن سعد الدحيم
لا يزال الصراع مستمرًا في تحديد الأولوية بين أنماط العمل، سواءً بالتركيز على الالتزام بأوقات العمل أو بالتركيز على الإنتاجية، وكلاهما على الأغلب صحيح بحسب الزاوية التي يرى منها، فالحقيقة أن طبيعة العمل هي الفيصل في تحديد الأولوية لإدارة العمل بشكل ناجح. وهنا يبرز دور القائد المميز في فن إدارته للتنقل بين الأسلوبين بحسب طبيعة العمل، واختصاص كل موظف، فلا يمكن لموظف مسؤول عن استقبال العملاء أو خدمتهم في أن يجعل عملاءه مستائين منتظرين حضوره؛ مما يعطي انطباعًا سلبيًا عن كامل المنظومة. وفي الجهة المقابلة، لا يمكن أن نقارنه بموظف يُطلب منه مهامًا يسهر على إنهائها لتحقيق طموحات المنظومة، أو طموحات مديره، وإرضائه، فعندما يتأخر في اليوم ا لتالي يُكافأ برسالة مضمونها ماهية أسباب تأخره والالتزام بأوقات العمل، لا برسالة شكر وتقدير له. فالعدل بين الموظفين في جعل المعيار ثابتًا للجميع هو في الحقيقة ظلم، والقائد الناجح هو من يتنقل بثقة لاختيار النمط المناسب بما يحقق الزيادة في الإنتاجية ويضمن تميز بيئة العمل وفق مهام واختصاصات كل موظف على حدة. أما الذي يتجه مباشرة لتطبيق نمط الالتزام بأوقات العمل دون مراعاة طبيعته، أو تداعياته على الإنتاجية، وتأثيره السلبي، فهو بلا شك لا يجيد فن القيادة . وعلى ذلك يقاس في فن التعامل مع الموظفين، وأهمية التركيز على إدارة العمل لا الموظف الذي هو جزء منه، فكل موظف ينبغي أن يكون التعامل معه بأسلوب خاص، يضمن تطويره، وزيادة إنتاجيته، وتلمس احتياجاته، وتقدير ظروفه بما يضمن سير العمل بالشكل المطلوب وتحت إطار المهنية لا العلاقة الشخصية، فمتى ما كان للعلاقة الشخصية تأثير، فإن ذلك سيؤثر على هذه المعادلة في جعلها ظالمة بكل الأحوال، إضافة إلى تأثيرها على الإنتاجية وجودتها.
ختامًا، القيادة مهارة وفن، من يسعى لاكتسابها لا يمكن أن يتساوى مع من ولد بها.