إيمان حمود الشمري
في أحد الأساطير القديمة، يُحكى أن حجراً صغيراً احتقر نفسه واعتقد أنه بلا أهمية فغادر مكانه ولحقت به باقي الحجارة الصغيرة تضامناً معه، لينهار بعدها الجبل المُكون منه الذي كان يعزل نهراً عن المدينة، ففاضت المياه وغرقت المدينة بسكانها واختفت تماماً..
تكمن أهمية الحجر في كونه أحد أهم المعادن التي يصنف بعضها كأنواع نفيسة تدخل بصناعة المجوهرات كالألماس وغيره من الأحجار الكريمة، إضافة لأنواع أخرى من الأحجار تستخدم بنحت التحف والأواني، وبعضها يدخل في صناعة الأثاث الخارجي مثل المقاعد الحجرية والنوافير، لتدخل بذلك المنحوتات أكبر الفنادق العالمية وتزين حدائق القصور والأماكن التاريخية لأنها تعطي انطباعاً بالقيمة والفخامة.
يعتبر النحت أحد أهم الحرف والفنون التي تميزت بها الحضارات وذكر لفظها بالقرآن باعتبارها من أقدم الحرف (وينحتون من الجبال بيوتاً) الشعراء149، فيقاس مدى عُمر الحضارات من بقايا الآثار، التي تحمل رموزاً وأحرفَ وأشكالاً يستعين بها علماء الآثار لكتابة التاريخ وأرشفة الحضارة، ومن هذا المنطلق عنيت الرياض آرت بضم فعالية النحت ضمن فعاليات أخرى تولي اهتماماً بالفن والبيئة، لتصبح فعالية ثابتة يتم تكرارها وتطويرها في كل سنة، ففي النسخة السابقة تم استضافة عشرين فناناً فقط، وزاد العدد إلى ثلاثين نحاتاً من عشرين دولة، يجتمعون في درة الرياض ويحولون حجر الجرانيت الذي تم جلبه من جيزان وحجر الرياض إلى تحف فنية بأيدٍ وطنية وعالمية وبحجر وطني تحمل رائحته تراب هذا الوطن.
بدعوة مفتوحة للفنانين والفنانات تم طرح النسخة الرابعة من طويق للنحت، تحت شعار (مدى الانسجام)، ليتقدم لها أكثر من 600 طلب للمشاركة من جميع أنحاء العالم، تم تقيمها من خلال لجنة مكونة من 5 خبراء بالإضافة للقيّم الفني لهذه السنة البريطاني ماريك وولينسكي.
كما وصلت في هذا العام الفعاليات المصاحبة لطويق للنحت لأكثر من 65 فعالية من ضمنها ورش العمل والجلسات الحوارية وتنظيم زيارات للمدارس والجامعات، لنشر ثقافة الاهتمام بالنحت والفن.
(طويق للنحت) فعالية ضمن مشروع الرياض آرت أحد المشاريع الكبرى التي أطلقها الملك سلمان حفظه الله تحت إشراف لجنة المشاريع الكبرى التي يترأسها الأمير محمد بن سلمان، لتصبح بذلك منصة للتبادل الفني والثقافي تحتضنها الرياض سنوياً، يجتمع فيها الفنانون بـ(مدى الانسجام) لترتقي بالذائقة المجتمعية وترفع المستوى الثقافي بالعودة للتاريخ، وتعزز العناية بحرفة النحت، وتلقى اهتماماً واحتفاءً وتفاعلاً مجتمعياً ملموساً.