د. سامي بن عبدالله الدبيخي
في العقود الأولى للتنمية العمرانية -السريعة والاستثنائية- كان الاهتمام فيها منصباً على سرعة تخطيط المدن وتطويرها وتقديم الخدمات وإقامة البنى التحتية لتلبية الحاجيات الأساسية للأعداد الهائلة من السكان الذين فضلوا الاستقرار في المدن.
وأمام هذا الوضع، لم يجد القائمون على المدن بداً من التركيز على القضايا المستعجلة وتأجيل التفاصيل العمرانية، فحينما ترجح كفة الانشغال بالتعايش مع ضرورات «التنمية السريعة والمستعجلة واحتواء النمو العمراني والسكاني» يتدحرج منطق الدراسة المتأنية لجودة التصاميم العمرانية وإبداعاتها وضبط دقة تنفيذ تفاصيلها إلى صف الكماليات التي يمكن صرف النظر عنها وتأجيل معالجتها لوقت لاحق.
مثل هذا المنطق في التنمية أدى لسفلتة كثير من فراغات الساحات وأرصفتها بحجة سرعة التنفيذ وسهولته واقتصاد التكاليف. فكانت النتيجة، هيمنة السيارة على فراغ المدينة على حساب المشاة وانسحابهم من المشهد العمراني. ويدرك المخططون تمام الإدراك المشاكل الناجمة عن الاستعمال المفرط للسيارة.
من هنا تأتي أهمية السعي لتخليص الفراغ العمراني للمدن (الساحات والشوارع) من هيمنة السيارة وإعادته لخدمة الإنسان في حركاته وسكناته وفي تفاعله مع بني جنسه ونسج علاقاته الاجتماعية والاستمتاع بجماليات المشهد الحضري وبما يعزز البعد الإنساني ويبرز هوية المدينة السعودية من خلال صياغة تركيبتها العمرانية وتنظيم فراغاتها وكتل مبانيها مع مراعاة مبادئ الاستدامة.