سارا القرني
في عالم الجريمة والمخدرات نجد كلّ يوم شيئاً جديداً، وغالباً ما يرتبط المجرمون بالإدمان لأنّ الأخير يقودهم إلى أفعال يعاقب عليها القانون لكونهم تحت سطوة المخدّر المشئومة.
وفي الآونة الأخيرة رأينا كماً هائلاً من التحذيرات ورسائل التوعية التي تخصّ مادة الشبو، هذه الآفة التي انتشرت فجأةً وبدأت تنخر جسد المجتمع بكل فئاته وتسببت في أبشع الجرائم التي هزّت المجتمع والناس.
في أحد التقارير المصورة عرفت أن الشبو مادة غير نباتية مصنعة كيميائياً كانت تساعد الجنود في الحرب العالمية الثانية على البقاء مستيقظين لفترات طويلة، وكان يستخدم بإدمان من الأثرياء فقط لأن تكلفته عالية جداً، لكنه وبعد أن تمّ صنعه يدوياً وبطرق بسيطة وبدائية صار هاجس الحكومات الأول!
للشبو أسماء عديدة.. العلميّ منها ميثامفيتامين، أما المعروف فهو الكريستال ميث، الآيس كريستال و»شيطان المخدرات» لأنّ أكثر المدمنين على أنواع المخدرات الأخرى يخشون من إدمان الشبو أكثر من غيره، فبعد الجرائم التي وقعت جرّاء تعاطي الشبو.. أصبحت سمعته مخيفة في أوساط المدمنين، حيث وفي تقرير مصور نشرته إحدى القنوات من أحد مراكز علاج الإدمان.. يتحدث فيه الطبيب المعالج عن أن المدمنين يتحدثون عن جميع الأنواع التي استخدموها في طريق إدمانهم، وحين يسألهم عن الشبو فإنهم يتعوذون منه ويتبرؤون!
دفعتني حملات التوعية على القراءة عن الشبو والتعرّف على مضاره، ولماذا ركّزت وزارة الداخلية واللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات الضوء عليه والتحذير منه، فوجدت فظائع لا يمكن وصفها أو تخيّلها، ورأيت تأثير تناول الشبو من المرة الأولى على متعاطين أقسمُ أنك لو رأيتهم لوجدت في وجوههم شبح إنسانٍ يصارع الموت لكنه سيفعل أيّ شيء كي يبقى حياً!
وزارة الداخلية واللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات قاموا بالعديد من حملات التوعية عبر الرسائل النصية أو الفيديوهات المنشورة في التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي أو المطبوعة أو اللافتات التي تجد انتشارها للتحذير من آفة المخدرات عامة ومن الشبو خاصة باعتباره أحد أخطر أنواع الإدمان الذي بسببه وقعت أبشع الجرائم، لكن يداً واحدةً لا تصفق.. إذ لا بدّ من بدء حملات توعوية تقوم بها الوزارات بمختلف قطاعاتها، كوزارة التعليم التي يجب عليها تكثيف التوعية بأضرار المخدرات والشبو باستضافة أخصائيين أو أطباء من مراكز علاج الإدمان لتوعية الطلاب، أو إلزام المدارس بتخصيص وقت معين من الإذاعة الصباحية للتحذير من آفة المخدرات وضرورة التعاون على منع انتشارها.
ولأنّ أمن الدول قائمٌ على تكاتف أبنائها.. فلا بدّ أن نرى وقفة جادة من رجال الأعمال وملاك المستشفيات بإقامة مراكز تأهيل في كلّ منطقة لمساعدة المدمنين من تخطي هذه المرحلة العصيبة.
وزارة الداخلية من أهم الوزارات.. وفي نظري شخصياً أنها نجحت نجاحاً باهراً في التطور والرقي بالمجتمع والمحافظة على الأمن، حيث إن الأمن لا يمكن أن يستتب إلا بنظرة مستقبلية واعية لكلّ ما يحدث حولك، ووزارة الداخلية تسابق الزمن بخطواتها العملاقة نحو تسهيل الخدمات وتوفير كل سبل الأمن المتاحة في يد المواطن، عبر إنشاء تطبيقات أقلّ ما أصفها بأنها عبقرية مثل أبشر وتوكلنا وكلنا أمن وغيرها، لكنّ ذلك كله يعتبر نصف المهمة.. وبقيتها بيد المواطن الحصيف الذي يُتوقع منه أن يكون الرادع الأول لكلّ ما يضر المجتمع ويدمر الشباب!
لا أحد ينكر أنّ حملات التوعية المكثفة من الداخلية ومكافحة المخدرات عن مادة الشبو كانت ولا تزال موجودة، وأنها بدأت منذ وقت بعيد، لكن التفاعل معها كان بسيطاً من كتّاب المقالات ومشاهير التواصل الاجتماعي أو روّاده، لكنّ الملاحظ أخيراً.. هو انطلاق الكثيرين في التحدث عن الشبو بطريقة توحي بمصادرة السبق في هذا المجال لصالحهم، لا بدّ من تغليب مصلحة المجتمع على المصالح الفردية، الحديث عن المخدرات ليس سبقاً صحفياً.. أو إنجازاً شخصياً تنسبه لنفسك وتسابق عليه الجميع، التحذير من المخدرات مسؤولية تبدأ وتنتهي عند المواطن، ويداً بيد.. سنصبح مجتمعاً خاليا من الآفات بإذن الله تعالى.