د.صالح بن عبدالله بن حميد
الحمد لله الحي القيوم، تفرد بالبقاء، وحكم على خلقه بالموت والفناء، فقال عز من قائل: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ
كل مخلوق سيموت
ليس في الدنيا ثبوت
عمرت منهم قبور
وخلت منهم بيوت
والصلاة والسلام على سيدنا محمد القائل: (إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي، فإنها أعظم المصائب) كما عند الدارمي بسند حسن.
أما بعد
فإن الصبر هو الينبوع الذي يسقي أعمال القلوب، فلا قِوامَ لها إلا به، بإذن الله، وقلبٌ لا صبر له لا فوز له، ويكفي في مدحه قول ربنا: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، ومعيته سبحانه: إن الله مَعَ الصَّابِرِينَ، ومحبته جل جلاله: وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ.
إن المؤمن الموفَّق هو من يتحصن بجنة الصبر عند ادلهامِّ المُلِمَّات، وتتابع الكربات، وحينما يرى ببصره وينفذ ببصيرته يدرك أن أكثر الناس قد استبدلوا بالجد هزلاً، وبالحزم ضعفًا، فإنه يضع قلبه على نابض قلبه، متطلعًا إلى الفضاء الفسيح، يتلو مثاني الصبر في كتاب ربه، ضارعًا لمولاه أن يفرغ على قلبه صبرًا يثبته حين تزل الأقدام، ويضعف الإقدام عن مراضي الملك العلَّام.
والمغبوط من إذا أُعطي شكر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أذنب استغفر، هدانا الله صراطه المستقيم.
الموت بوابة يجتازها المرء للدار الآخرة، وقد كتب الله تعالى أن الجنة موعد المؤمنين، أما الفراق فهو فراق أهل النار عياذًا بالله تعالى؛ قال الله تعالى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ)؛ قال قتادة رحمه الله: «هي الفرقة التي لا اجتماع بعدها».
إن الدنيا دار لَأْوَاء وشدة امتحان، ولا يزال الناس - مؤمنهم وكافرهم - يتجرعون فيها غُصَصَ الكروب، وفواجع الفقد، ولوائع الحرمان، ولكن يفترق المؤمنون عن الكافرين بأن الشدائد والأحزان والهموم والأسقام هي مكفِّرة لسيئاتهم، ورفعة لدرجاتهم، وزيادة في حسناتهم، أما الكافر فيخرج من المصيبة في نفسه وأحبابه بمصيبته في دينه وحرمانه، عياذًا بالله تعالى من خيبات الرغائب.
وجميل الصبر لا يمنع من إسبال عبرات الفقد، ونفث زفرات الفراق؛ فعن أبي زيد أسامة بن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحِبِّه وابن حِبِّه رضي الله عنهما، قال: ((أرسلت بنت النبي صلى الله عليه وسلم: إن ابني قد احتُضر فاشهدنا، فأرسل يقرئ السلام، ويقول: إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمًّى، فلتصبر ولتحتسب، فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها، فقام ومعه سعد بن عبادة، ورجال، رضي الله عنهم، فرُفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي، فأقعده في حجره ونفسه تقعقع - أي: تتحرك وتضطرب ولها حشرجة - ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسول الله، ما هذا؟ فقال: هذه رحمة جعلها الله تعالى في قلوب من شاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء))؛ [متفق عليه]
وعن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سيف القين، وكان ظِئرًا لإبراهيم - رضي الله عنه -، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبَّله وشمَّه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، فقال له عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه: وأنت يا رسول الله؟ فقال: يا ابن عوف إنها رحمة، ثم أتبعها بأخرى، فقال صلى الله عليه وسلم: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون))؛ [متفق عليه].
ومهما يكن من أمر المصائب، فعاقبتها على المؤمنين خير ورشاد، حتى لو كانت ألم فقد الأحباب؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيَّه من أهل الدنيا ثم احتسبه، إلا الجنة))؛ [رواه البخاري]؛ قال أهل العلم: «الصفي: هو من يصطفيه الإنسان ويختاره من ولد، أو أخ، أو عم، أو أب، أو أم، أو صديق، ممن يرى أنه ذو صلة منه قوية، فإذا أخذه الله عز وجل، ثم احتسبه الإنسان، فليس له جزاء إلا الجنة».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بصبيٍّ لها فقالت: يا نبي الله، ادْعُ الله له فلقد دفنتُ ثلاثة، قال: دفنتِ ثلاثة؟ قالت: نعم، قال: لقد احتظرت بحِظَارٍ شديد من النار))؛ [رواه مسلم]؛ أي: احتمت بحمًى عظيم، وسور كبير من النار، يقيها حرها، ويؤمنها من دخولها؛ لأنها صبرت على فقد أبنائها.
وعن أبي حسان قال: قلت لأبي هريرة: إنه قد مات لي ابنان، أفما أنت محدثي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث يطيب أنفسنا عن موتانا؟ قال: نعم، (صغارهم دعامِيص «أي: صغار أهل الجنة، - والدعموص دويبة تكون في الماء لا تفارقه-، يتلقى أحدهم أباه - أو قال: أبويه - فيأخذ بثوبه كما آخذ أنا بصَنِفَة ثوبك هذا، فلا ينتهي حتى يدخله الله وأباه الجنة)؛ [رواه مسلم].
وانظر فضل الصبر والحمد والاسترجاع؛ فعن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها، إلا أخلف الله له خيرًا منها)؛ [رواه مسلم]، ولقد قالت ذلك حين مات زوجها أبو سلمة رضي الله عنه، فأخلف الله لها أفضل البشر؛ وهو رسولنا صلى الله عليه وسلم.
فلا بد للمؤمن من صبر كريم يقيم بها دينه ومروءته، مع الرضا بربه وبحكمته وأقداره.
فاصبر لكل مصيبةٍ, وتجلّد
واعلم بأن المرء غير مخلّدِ
واصبر كما صبر الكرام فإنها
نوبٌ تنوب اليوم، تُكشف في غدِ
أو ما ترى أن المصائب جمة؟
وترى المنية للعباد بمرصدِ
من لم يُصب ممن ترى بمصيبةٍ؟
هذا سبيلٌ لست عنه بأوحدِ
فإذا ذكرت مصيبةً ومصابها
فاذكر مصابك بالنبي محمدِ
مات لعبدالله بن عامر سبعة أبناء في يوم واحد, فكيف استقبله - رحمه الله- ؟ قال: الحمد لله، إني مُسْلم مُسَلّم.
يمضي الصغير إذا انقضت أيامه
إثر الكبير، ويولد المولود
والناس في قسم المنية بينهم
كالزرع منه قائمٌ وحصيدٌ
وفي سلوة الحزين يُذكر أن أعرابية فقدت أباها ثم وقفت بعد دفنه فقالت:
(يا أبتي، إن في الله عوضًا عن فقدك، وفي رسوله صلى الله عليه وسلم من مصيبتك أسوة.. ثم قالت: ربي لك الحمد، اللهم نزل عبدك مفتقرًا من الزاد، مخشوشن المهاد، غنيًّا عما في أيدي العباد، فقيرًا إلى ما في يدك يا جواد، وأنت يا ربي خير من نزل بك المرملون، واستغنى بفضلك المقلون، وولج في سعة رحمتك المذنبون، اللهم فليكن قرى عبدك منك رحمتك، ومهاده جنتك) ثم انصرفت راضية محتسبة مأجورة بإذن الله غير مأزورة..
فإذا ابتليت بمحنة فاصبر لها
صبر الكريم فإن ذلك أسلمُ
وإذا ابتليت بكربة فالبس لها
ثوب السكوت فإن ذلك أسلمُ
لا تشكون إلى العباد فإنما
تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحمُ
والحمدلله على قضائه وتقديره الذي يحمل في طياته الخير ما نعلمه وما لا نعلمه، وقد حل مصاب جلل وقع على قلبي موقعًا أدركت معه أثر فقد الرفيق والصديق والمصاحب والمعين بعد الله، إنه أخي وزميلي في الهم، والعمل المكتبي، والعمل الخيري، وإعمار المساجد الشيخ/ سليمان بن محمد بن حسن سندي رحمه الله، الذي وافته المنية في يوم الأحد الموافق 15-6-1444هـ، في تمام الساعة السابعة وخمس وأربعين دقيقة من بعد المغرب، توفي الشيخ سليمان رحمه الله في مستشفى الملك فيصل بن عبد العزيز في حي الششة في مكة المكرمة، وهو ينطق بالشهادة، وموحد لله وحده لا شريك له، والحمد لله على حسن الختام.
وهذه كلمات في سيرته ومسيرته - رحمه الله- فهو العزيز عندي، القريب إلى قلبي:
ولد الشيخ سليمان في اليوم الحادي عشر من شهر شوال من عام 1388هـ، في مكة المكرمة. في حي الخنساء.
والده: حسن عرس سنجر توفي عام 1428هـ، ووالدته هي: جنة بنت «الله أو بايو» توفيت عام 1394هـ ،- وله من الإخوة اثنان وله أخت كلهم أشقاء وهم: محمد رحمه الله، وإسماعيل، ورحيمة رحمها الله، وله أربعة إخوة من الأب وأخت وهم: مبارك، وسلطان، وعبد المجيد، وأحمد، وريم، وله زوجتان الأولى: فاطمة بنت حيدر ابنة عمه رحمها الله، والثانية: عجيبة خاتون عبد الحكيم، وله من الأبناء خمسة: عبد الله، وعمر، وإبراهيم، ومحمد، وصالح، وله من البنات ثلاث قد توفيت منهن واحدة وهي -حنين- البنت الكبرى، ورحيمة، ورحمة.
توفيت أمه ولم يكمل عامه السابع وهو حين ذاك في أولى مراحل حياته التي لا يفقه منها إلا القليل وهو في السنة الأولى الابتدائية، وقد قامت بتربيته زوجة عمه محمد رحمها الله التي تكبرهم سناً وكانت في حدود الثامنة عشرة من عمرها، وقد درس المرحلة الابتدائية في مدرسة عبد الله بن عباس في حي الخنساء، والمرحلة المتوسطة في مدرسة موسى بن نصير في حي شارع الحج، والمرحلة الثانوية في مدرسة الحديبية في حي الششة، وأكمل دراسته الجامعية في عدة دول، وهي: تركيا، وإيران، والسودان، وباكستان، ولم يكمل دراسته الجامعية؛ لأنه قد تزوج بعد التخرج من الثانوية العامة، وهو في عمر الثامنة عشرة، ولم ينجب لمدة سبع سنين، ثم رزق بأول مولود له وهي ابنته حنين رحمها الله عام 1414هـ، وبعدها رُزق برحيمه، وهكذا إلى آخر مولود وهو صالح..عام 1432هـ، وقد مات له من الأولاد 9 أبناء وهم صغار حديثو الولادة.
درس الشيخ سليمان وحفظ القرآن على يد فضيلة الشيخ/ عبد الباري بن عواض بن علي الثبيتي حفظه الله إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، وعلى الشيخ عبد الرحمن، وعلى الشيخ بكر اليماني، وقد حفظ على أيديهم عشرة أجزاء من القرآن الكريم ولم يكمل حفظ القرآن الكريم إلا ما بعد قارب الأربعين من عمره، واجتهد وأسهم في تفسير القرآن الكريم للغة السندية، وكان قبل وفاته يعد لتفسير الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله ولم يكن مسهما في التأليف ولا مشاركًا فيها. والحمد لله ثم الحمد لله لقد أسس جمعية لحفظ القرآن الكريم في باكستان في مدينة سعيد آباد عام 1430هـ وأسس جمعية لتغسيل وتكفين الموتى، وشيد بناءً ومنهجًا لمدرسة لحفظ القرآن للبنين والبنات وتعليم البنات والخياطة، وبعدها انتشرت طريقته في البلاد كافة وخصوصًا في منطقة السند.
عمل الشيخ سليمان وهو في سن الحادية عشرة من عمره مع أخيه محمد رحمه الله في أول عمل له وهو: عامل في ورشة صيانة ورش ودهان للسيارات، وقد كان من المخلصين في عملهم، وبعد أن أتم عمر السادسة عشرة عمل في هندسة السيارات، وعمل بعدها مذيعًا في برامج الحج ورمضان، وتطوع كثيرًا في أعمال الحج والعمرة وخاصة في رمضان، وتوقف عن العمل لمدة أربع سنين لإكمال دارسته ولم يكمل الشهادة الجامعية بسبب الظروف القاسية التي مرت عليه من إتمام الزواج وموت عمه حيدر وكثرة المسؤوليات، وعمل في شركة بن لادن مشرفًا عامًّا قرابة ثماني سنين في عدة مشاريع: في منى، وعرفة، ومزدلفة، والحرم المكي الشريف في تطوير ساحات الحرم، ومباني ساحات أجياد، وبعدها أخذ دورة في هندسة الحاسب الآلي، وعمل في الشركة السعودية للهاتف في بيع أجهزة الاتصالات، وعمل في مؤسسة إيران للطوافة مدخل بيانات، وآخر ما عمل به هو مهندس في الحاسب الآلي، وبعدها سعدت بالعمل معه في عام 1419 هـ في شهر شوال إلى أن انتقل إلى رحمة الله تعالى تاريخ 15-6-1444هـ وكان يعمل في المكتب الخاص في المنزل، وفي المطبخ الخيري، وفي إعمار المساجد.
والشيخ سليمان: لطيف المعشر صاحب سمت وصمت، كريم مضياف، وهو يحب العاملين معه، ويعطف عليهم، عذب الحديث يتكلم بهدوء، ويتحاشى أن تصدر منه كلمات جارحة، وينزل الناس منازلهم.
وهو ذو همة، وصاحب مبادرات وبعد دقيق، ويعمل بلا ضجيج، ويفهم طبيعة الناس.
وهو دقيق في عمله ودقيق في متابعة أعمال المكتب، والمطبخ الخيري، والمساجد.
ومما يذكر ويشكر له رحمه الله أنه رجل جاد يعمل بصمت، ويحسن الإنجاز فيما يوكل إليه، وكان يقوم بكل أعمال المكتب، كما أنه هو المتولي لمتابعة العمل في المطبخ الخيري، وكذلك ملف إعمار المساجد، وكان متعاونًا في ذلك كله مع الأستاذ/ محمود عبدالمجيد - رحمه الله- وبعد وفاة الأستاذ محمود استقل الشيخ سليمان بالعمل وقام به على وجهه خير قيام رحمه الله.
فكان يقوم بكل ما يتعلق بالمكتب من مواعيد وارتباطات، وفهرست المكتبة وتحضير ما يطلب من المصادر والمراجع، ومن حفظ وأرشفة وفهرسة للخطابات، والرسائل، والبحوث، والخطب، وكتابة ما يطلب منه كتابته من ذلك كله، ثم لما دخل الحاسب في الترتيب والتنظيم أخذ دورات في ذلك وباشر العمل فيه فأحسن في ذلك جزاه الله خيرًا.
كما أنه هو الذي تولى ترتيب المكتبة وإعدادها لبعثها إلى الجامعة الإسلامية، وكل الأعمال اليومية يقوم بها باقتدار، وانتظام، وحسن أداء.
أما المطبخ الخيري فهو مشروع مبارك كان يقوم عليه الشيخ صالح بن محمد التويجري- رحمه الله- فلما توفي قمت به بعده، وهو عمل كبير، ودقيق في حساباته، والمستحقين له، وانتظامه، والالتزام بالقيام به، وتأمين الوجبات، وتجهيزها، وإيصالها لمستحقيها، ومضاعفة ذلك في موسمي رمضان المبارك والحج. ولولا أن الله قيض هؤلاء الرجال محمود عبدالمجيد وسليمان سندي - رحمهما الله-، فقد يتعثر أو يضعف، ولكنهم -رحمهم الله، وأحسن إليهم- كانوا دقيقين في أعمالهم بل في ضبط ذلك كله عمليًّا وورقيًّا وحسابيًّا، وأنا حين أدون ذلك فإنما أدون أعمالهم وآثارهم جزاهم الله خير الجزاء.
ومن أعمالهم جزاهم الله خيراً: الإشراف على تأمين المواد الغذائية وتوزيعها على المحتاجين والذهاب إلى مساكنهم ومنازلهم.
وللمعلومية فقد كان الشيخ سليمان -رحمه الله- في فترة جائحة كورونا يسلم الوجبات إلى المستودعات التابعة للجنة السقاية والرفادة التابعة لإمارة منطقة مكة المكرمة، وتتولى اللجنة توزيعها.
ومن دقة عمله واحتسابه -رحمه الله- أنه كان يذهب إلى الفقراء في مساكنهم على الرغم من أنه يعاني من مشكلات صحية كبيرة، والبيئة الصحية في الأحياء الفقيرة ليست كغيرها، ولكنه يباشر ذلك بنفسه احتسابًا أجزل الله له المثوبة.
أما المساجد فقد كان المحسنون يحسنون الظن بكاتب هذه الأسطر فيرغبون في البحث عن أماكن لإقامة المساجد فيها ويخصون مكة المكرمة ومنطقة الحرم خاصة، ولولا توفيق الله وعونه ثم هؤلاء الرجال لما تيسر مثل ذلك، والمساجد معلوم طبيعة إعمارها ومتابعة ذلك، وضبطه والاطمئنان على حسن الإنجاز فيه، ولكن هؤلاء الرجال أحسن الله لهم وأجزل مثوبتهم كانوا جادين في المتابعة مع حبهم للعمل، وإدراكهم لمقام الاحتساب فيه.
وقد قدمت بفضل الله أولاً ثم جديتهم، ومتابعتهم، وحسن عملهم وزارة الشؤون الإسلامية دروعًا لبعض هذه المساجد لتسجل بها حسن الإنجاز، وجودة التنفيذ.
ومما يذكر في هذا السياق أن الشيخ سليمان بعد الانتهاء من المساجد وبدء الصلاة فيها فإنه يستمر في الإشراف عليها، وعلى صيانتها، ونظافتها وإتمام ما تحتاجه من أيدٍ عاملة، ومواد، وفنيين للنظافة والصيانة والحراسة.
كما أنه -رحمه الله- يتابع الأوقاف التابعة لها إذا كانت مما أنشئ معها.
فرحم الله أخي الشيخ سليمان، وجعله في عليين، وثقل الله ميزان حسناته، وجعله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا، وأصلح أهل بيته وذريته.