سهوب بغدادي
فيما اختص الله جل جلاله المرأة بسورة كاملة في القرآن الكريم، تضمنت حقوقها وتنظيم العلاقات التي تربط المحيط بها، ليكفل الله لها بذلك الحياة الكريمة بمنأى عن الاستغلال والامتهان، وهذا من كرم ورحمة الرحمن الرحيم، حيث تعد السورة بمثابة مرجع قانوني ديني لا مثيل له، في الزواج والإنجاب والارضاع، وغيرها من المسائل التي تعترض حياة المرأة، وفي أولى الآيات خصصها الله للمهر تبيانا لأهمية المسألة وعظمها، في قوله جل في علاه {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} (4) سورة النساء، أي أعطوا النساء مهورهن عطاءً مفروضًا عليكم، عن طيب نفس وخاطر، ولها نصفه في حال لم يتم الدخول، وذلك يبين عظم الميثاق الغليظ، والتعامل بالحسنى وعدم نسيان الفضل، الذي يبرز بمجرد فتح هذا الأب أو العائلة بابها لشاب غريب عنهم، وإبداءهم الثقة في أن يخرج هذا الغريب ابنتهم من منزلها الذي ترعرعت فيه وشعرت بالأمان، من هذا السياق، لفتني وسم على تويتر تحت عنوان #سعوديين_نطالب_اسقاط_المهور، حقيقة استنكرته بالمعنى الأدق، فكيف يطالب المسلم بإسقاط حق من حقوق العباد؟ والأدهى والأمر أن هذا الشخص سيشغل دورا هاما في حياته بل دور يثري الحياة، فالشاب يدخل الزواج ويحظى بعائلة وأطفال ومودة ورحمة ودعم نفسي وتمتد الأمور التي ستقدمها له المرأة والأدوار التي ستؤديها -بكل حب- في حال شعورها بالأمان، فلما يزهد الشخص في كل ذلك مقابل ما فرضه الله، لضمان الحقوق وتأليف القلوب، أعلم تماما أن بعض العوائل تغالي في المهور وتبالغ في مظاهر الفرح ومتعلقاته، إلا أن من ينوي الزواج ويقدم النية الصادقة الخالصة لوجه الله في تأسيس عائلة ورعاية أسرة تمتد لأجيال مع مخافة الله فيهم، سيسخر الله له الزواج الطيب من الشخص الطيب على شاكلته، من ناحية متصلة، وجدت بعض الآراء المزعجة، حول ولاية الرجل على المرأة، فاعتبر البعض أن التعديلات التي شملت بعض الأمور المختصة بالمرأة قانونياً منافية لقوامة الرجل، أيضا تم إقحام عمل المرأة وخروجها لسوق العمل في مسألة المهور، إن قوامة الرجل لا جدال فيها، وقلتها قديما ومازلت إن المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الأحوال ليست جيدة فالأصل هو العدل والتوقف على كل حالة بشكل مستقل والتعامل معها وفقا للمعطيات المقدمة، إن الله شرع للرجل ما لم يشرع للمرأة من التعدد والقوامة والحق المضاعف في الإرث، في المقابل اختص المرأة بأمور منهاالمهر، سيظل الرجل الأب والزوج والأخ والابن ولهم الاحترام والتقدير والمحبة الخالصة فلا يصح التعامل بمنطلق النقاط وحسابها، لتنافي ذلك مع مبادئ المودة والرحمة وتذكر الفضل القائم بين الأطراف حيث قال الله (ولا تنسوا الفضل بينكم) ولم يقل بينكما، فالفصل يتعدى شخصين -الزوجين- ويمتد منهما إلى الوالد والوالدة والإخوان والأخوات وجميع من كان حاضرا وشاهدا على هذا العقد الإلهي، للأسف الشديد، يجادل المقبلين على الزواج ويفاصل ويكاسر وكأن المرأة سلعة معروضة بثمن، فالرجل يقدم ما يسره الله له، وفق المتعارف عليه في جماعته وبيئته، وقد ينبهر البعض بما يراه من غير المسلمين بالزواج دون مهر والاكتفاء بالخاتم الماسي، إلا أن ديننا مختلف وهذا من رحمة الخالق بنا، حيث يضمن الشرع هذه المؤسسة وما فيها من تعامل وأطفال ونسب على خلاف ما يحدث في الدول غير المسلمة من انتشار الظواهر المؤلمة وغير الإنسانية دون الخوض فيها، ختاما، بغض النظر عما نراه في الإعلام وما يروجه لنا من صور سلبية عن علاقة الرجل والمرأة ومؤسسة الزواج ككل، فلا يزال هناك أشخاص يمتلكون الوعي والرغبة الصادقة والصدق في هذه العلاقة، جعلنا الله ممن الطيبين وسخر لنا أشباهنا.