محمد المنصور الشقحاء
تناثرت الصور وبدء شريط عشر سنوات من العمر يعرضني على جدار صالة الجلوس في الدور الأرضي من منزلنا.
أمامي ترمس القهوة وصحن حبات الرطب ابني في غرفته بالدور الأول والعاملة المنزلية بالمطبخ تسعى لإعداد الفطور.
الهواجس اجتاحتني بعد ليلة ماطرة وبهجة بانتصار فريق كرة القدم للنادي الرياضي الذي أشارك ابني تشجيعه.
اختفاء زوجي المفاجئ أعاد ترتيب أولياتي اكتملت عشرة أيام على غيابه وجهل مكانه اليوم السبت والرياض باردة وسماؤها ملبدة بالسحاب.
هو ابن خالي وأنا البنت البكر معه أكملت التعليم الجامعي حصلت على البكالوريوس في الاقتصاد المنزلي وبسبب الحمل أوقفت مشروع درجة الماجستير.
فتحت مشروعي التجاري الصغير ومنحته وكالة عامة كمدير تنفيذي يملك كامل الصلاحية وإن كنت أشغل وقتي بالحضور ومتابعة البيع والتوريد.
انشغلت بطفلي ودراسات الماجستير في الإدارة المالية وتصادف الاختفاء مع احتفال الأسرة بحصولي على درجة الماجستير وعيد ميلاد ابني الرابع.
وها أنا انتظر نتائج معرفة مكانه من خلال والدي ومحام تمت استشارته حفزني بعد أربعة أيام على البحث في ردهات المنزل عن خيط نمسك به.
نهضت من مكاني ودخلت غرفة النوم وقفت أمام الخزنة الحديدية الصغيرة المندسة في دولاب الملابس أخذت أتلمس ثيابه بعفوية غير منظمة.
ووجدت حلقة مفاتيح في ثوب صوف أسود مندس بين الثياب المعلقة جلست على الأرض أجرب مفاتيحها مع قفل الخزنة التي أعرف أرقامها السرية.
وجدت بعض الأوراق منها الوكالة العامة ودفتر شيكات يحمل اسمي برقم حساب بنكي أجهله ودفتر حسابات مالية صغير لمعاملات تجارية لم اطلع عليها.
ابتسم المحامي وأشعرني والدي بأنه قد وصل لمعرفة مكان زوجي وطلب مني الاثنان مراجعة كتابة العدل لإلغاء الوكالة والانتظار حتى تكشف الأمور.
كل شيء باسم زوجي حتى السيارة التي أقودها والمنزل الذي أسكن وكل ما أملك سجل تجاري ومؤسسة مقاولات تنفذ مشاريع في جهات مختلفة.
تم العثور على زوجي المسجون في معاملات تجارية مشبوهة وتنفيذ سيىء للمقاولات حكومية تخالف المواصفات ووجد المحامي عشر قطع أراض موزعة في أرجاء مدينة الرياض وعمارة سكنية وتجارية بحي جديد في شمال الرياض.
طلبت الخلع وتملك البيت الذي أسكن ولم أناقش حضانة ابني التي أصرت جدته لأبيه أخذه حتى معرفة نتيجة قضية والده ولم يطلب والدي مني العودة لمنزل العائلة.
حصلت على مطالبي واكتفيت بمشروعي التجاري الصغير وخلا المنزل من صخب أسرة صغيرة ودفء فراش ومشاعر انثى وصلت الأربعين من العمر لم تهتم بجسدها وإن قاومت أعاصير مدمرة اجتاحتها فأعدتها لواقعها.
بعد عام جاء من طلب من والدي يدي قابلته في موعد رتبته بكفي اعتدت الجلوس فيه مع الأصدقاء ومناقشة همومي وحل مشاكل مشروعي التجاري.
كان ابن الجيران الذي اختفى بانتقالهم لمنزل جديد وحصوله على بعثة دراسية في بريطانيا معها هاجر للندن وها هو وقد عاد يتذكرني الجارة وزميلة أخته في مرحلة الدراسة المتوسطة والثانوية ولحظات تقارب وجداني لا أتذكرها.
زوجي السابق خرج من السجن وأعاد لي ابني كترطيب فترة جفاف وعودة لم يفقد شيئا أخذ يمارس نشاطه التجاري عبر مكتب عقار وكومنسيون حذر.
بين ابن الجيران وزوجي الحالم بعودتنا وابني الطالب بالمرحلة الثانوية وزعت وقتي وحياتي ثلاثة أرباعها لابني والربع الباقي شغلته بتطوير مشروعي التجاري وساعات مخطوفة استمع فيها لقصص ابن الجيران وساعات أناقش فيها مشاريع زوجي التي يرغب مشاركته فيها.
منتظرة حصول ابني على شهادة الثانوية وقبوله كطالب مبتعث للدراسة في أمريكا حتى الحق به.