د. فهد بن علي العليان
إذا كان الحديث عن شخصية جادة وليست حادة، رقيقة وليست ضعيفة، لديها عطاء بلا حدود ودون إسراف، فإن الأستاذ الدكتور (محمد بن إبراهيم الزكري)، ابن محافظة (ضمد) في منطقة جازان - والحاصل على بكالوريوس الآداب من جامعة أم القرى عام 1989م -، هو الشخصية التي تحوي مزايا متنوعة وليست متناقضة. وإذا أردنا أن نبحث عن شخصه وشخصيته في دهاليز قواعد المعلومات، فسيأتي الخبر كالتالي: «أكاديمي سعودي وخبير في الحاسوب والتصميم والتعليم الإلكتروني وجودة أداء مؤسسات التعليم العالي. يشغل حالياً منصب رئيس الجامعة العربية المفتوحة في الوطن العربي. يحمل الزكري درجة الدكتوراه في الحاسوب والتصميم التعليمي والتعليم الإلكتروني، وله أكثر من 30 بحثاً وكتاباً ودراسة منشورة ومحكمة، وهو عضو ومحكم في مجلات علمية وأكاديمية في دول الخليج، كذلك يشارك في العديد من لجان وهيئات الابتكار بمجال التقنية والتعليم في المنطقة وخارجها».
ما سبق كان تعريفاً علمياً رسمياً بشخصية هذا المقال، أما ما أعرفه عنه من خلال سنوات جمعتنا فيها أيام الدراسة والغربة في الولايات المتحدة الأمريكية وزملاء في القسم والجامعة بعد رجوعنا من الابتعاث، فإنها تحتاج إلى صفحات بمثل نقاء صفحاته مع زملائه وأقرانه، فلقد خالط (أبو ليلى) – كما يحب أن يكنى - كثيرين سواء في جامعة أوهايو الحكومية، حيث نال منها الماجستير عام 1997م، أو في جامعة كانساس التي حصل منها على الدكتوراه عام 2000م، وبقي الكثيرون منهم أصدقاء مقربين له وهم يسكنون خارج مدينته يتواصل معهم ويلتقي بهم، وبعد أن عاد إلى قسم التربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أصبح أحد أعلام القسم في التدريس والبحث والمناقشة؛ حيث شارك بفعالية في لجان القسم العلمية بكل طاقته جادا كما يعرفه الجميع، مبتسماً ابتسامة تجعل كل من حوله يأنسون به، واسألوا إن شئتم لجان الاختبار الشامل في مسار المناهج وطرائق التدريس فقد ترك بصمة يذكرها زملاؤه وطلابه. بقي (أبو ليلى) سنوات يقدم خبراته التدريسية والبحثية للقسم والكلية، ومن ثم قدم خبراته الإدارية داخل أروقة الجامعة في عدد من المناصب ومدير مشروع الخطة الإستراتيجية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ثم توقف - بإرادته - عن الركض في دهاليز الأعمال الإدارية ليتفرغ للتدريس والأبحاث العلمية والإشراف على الرسائل وتصويب خططها ومناقشتها بعد انتهائها، مغلفاً هذا كله بتعامل أنيق وفريد مع الجميع حتى أولئك الذين يصفونه بالشدة والجدية، ولعلهم كانوا يقصدون علميته المتميزة.
وتستمر الأيام لتفوز به الجامعة العربية المفتوحة بالرياض؛ ليسهم بإحداث نقلة نوعية في برامجها ومستهدفاتها، وفق منظومة عمل واضحة المعالم تسير عليها الجامعة، واستمر يقدم عطاءاته العلمية والإدارية - من خلال عمله مستشاراً لرئيس مجلس أمناء الجامعة العربية المفتوحة لشؤون تقويم ومتابعة جودة أداء الجامعة -؛ ليصبح بعد ذلك وتحديدا في مطلع عام 2018 رئيساً للجامعة العربية المفتوحة؛ وذلك وفقاً لإعلان مجلس أمناء الجامعة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبدالعزيز - رحمه الله -، حيث جاء ما نصه: «أن الدكتور الزكري سيباشر ابتداءً من اليوم (الأحد 21 يناير 2018) مهام عمله الجديد رئيساً للجامعة العربية المفتوحة ممثلة بمقرها الرئيس في دولة الكويت وفروعها الـ 9 الموجودة في عدد من الدول العربية، وأن اختيار الدكتور الزكري جاء تتويجاً لنجاحه في قيادة إدارة العديد من المناصب المسؤولة التي تولى مهام إدارتها داخل وخارج الجامعة، ولكفاءته العلمية والعملية وما يتمتع به من مؤهلات وخبرات».
إن كل الذين يعرفون أبا ليلى يدركون أشياء رئيسة في شخصيته: جديته في الطرح العلمي، وسعة اطلاعه فهو قارئ وشغوف بالمعرفة، وهو كذلك متابع وعاشق للسير الذاتية، كما أنه كريم بعطائه إذ يبذل من وقته وجهده وعلمه، بالإضافة إلى أنه محافظ ومنفتح على الثقافات الأخرى بشكل يفوق أقرانه وهذه معادلة يجيدها بكل اقتدار. وأخيرا، يبقى (د. محمد بن إبراهيم الزكري) أحد القامات العلمية التربوية الإدارية التي قدمت في مجال العمل التربوي بشكل عام الكثير من الجهد والعطاء العلمي الرصين؛ ولذلك حاز على «جائزة التميز الأكاديمي العربي» لعام 2019م، مع علمي أنه يهرب من مثلها بكل تواضع وهو قدير ويستحق.