سلمان بن محمد العُمري
يقول المثل العربي (ليس من رأى كمن سمع) وقد سمعت كثيراً عن الفرق التطوعية للإنقاذ والإسعاف في جميع مناطق المملكة وجهودهم الإغاثية والإسعافية، وشاهدت العديد من المقاطع التي تبين جهودهم الطيبة في مختلف الظروف للبحث عن المفقودين في الرمال أو العالقين في سياراتهم.
وقد حدثني من ناله خير هؤلاء وما وقع له ولغيره في الأيام الماضية بعد تساقط السيول المستمرة على بلادنا - جعلها الله أمطار خير وبركة-، يقول صاحبنا ذهبت إلى مخيمنا كالمعتاد مع مجموعة من السيارات ظهراً، وقد تجنبنا مجرى الشعاب وتجمعات الأمطار قدر الإمكان ولكن وقع مالم يكن في الحسبان، وعلى الرغم من الحذر وبحثنا عن الأراضي الصلبة والقاسية فقد وقعنا في شراك الطين الذي هوى بالسيارات جميعاً رغم وجود الحصى الكثير والكبير وفي مرتفعات عن الأرض، ورغم وجود دفع رباعي في جميع سياراتنا، وقد تواصلنا مع بعض الأبناء والزملاء فحضروا بسياراتهم الخاصة وبها الدفع الرباعي فوقع لهم ما وقع لنا ولغيرنا، وكما يقول المثل (زاد الطين بله) ولما نسمعه عن فرق الإنقاذ فقد تم التواصل مع فريق (إنجاد) للبحث والإنقاذ التطوعي وهي جمعية تدير نشاطاتها تطوعياً حيث يضم الفريق عددًا من المتطوعين وتعمل بتصريح رسمي تحت مظلة المديرية العامة للدفاع المدني، الإدارة العامة للحماية المدنية، إدارة الاستعداد والمواجهة)، وتم التواصل معهم عبر الجوال وتحديد الموقع لهم إلكترونياً وتم تسجيل الطلب والحصول منهم على رقم الطلب، ونظراً لكثرة السيول والعالقين في مختلف المناطق فقد توزعت فرقهم شمالاً وجنوباً وغرباً وتقسيم العمل بينهم عبر أجهزه التواصل الخاصة بهم، وبالفعل وصل إلينا (فريق إنجاد) بعد ثلاث ساعات واستغرق إخراج ثماني سيارات بالقرب من موقع العالقين 70 كلم شمال الرياض ما يزيد على ساعتين وقد حضرت خمس سيارات إنقاذ من قبلهم مزودة بكافة وسائل الإنقاذ والسحب للسيارات، ومما يميزهم العمل المنظم والمرتب والمتقن ويدير كل مجموعة قائد ينظم العمل في الميدان فلا تسمع صوتاً ولا لغطاً بل يعملون بصمت عدا كلماتهم الطيبة لمن يتم إسعافهم وإنقاذهم.
يقول صاحبنا خرجنا بفضل الله ورحمته ثم جهود هؤلاء المتطوعين وليس لهم منا سوى الثناء والدعاء وأسأل الله أن يحفظهم ويجزيهم خير الجزاء، لقد عدنا لمنازلنا في الساعة الواحدة ليلاً تقريباً في أجواء شاتية وممطرة وقد ابتلت ثيابنا وثيابهم بالماء والطين ووصلنا منازلنا، ولكن أعضاء الفريق خرجوا من عندنا لينقذوا أناساً آخرين فعملهم متواصل.
إن جهد فريق (إنجاد) يستحق الشكر والتقدير وكم سمعنا بجهودهم في البحث والإنقاذ في الصحاري في شدة الحر والبرد وبمختلف الظروف، فرسالتهم الأسمى إرساء مفاهيم العمل التطوعي وقيمه الإسلامية والإنسانية والارتقاء بتطبيقه بشكل مؤسسي، وبخبرة أعضائه الميدانية التي تصل مدتها إلى أربع سنوات وقد تجاوز تعدادهم 2000 عضو.
حيث يقوم أعضاء الفريق بمساعدة المواطنين والمقيمين في مهام البحث عن المفقودين في الصحراء ومهام تحرير المركبات المحتجزة في الرمال أو الطين والشواطئ وغيرها، ويسعى الفريق إلى توسيع نطاق خدماته الجغرافية ليشمل مناطق المملكة العربية السعودية كافة ويزيد من خدماته التطوعية عبر زيادة عدد أعضائه والاستفادة مما لديهم من خبرات سابقة أو بتطوير مهاراتهم بالتنسيق مع الدفاع المدني والهلال الأحمر السعودي ضمن إطار لائحة المتطوعين للأعمال التطوعية بالمملكة العربية السعودية.