سهوب بغدادي
«ايش تبغى تصير لما تكبر؟» إنه سؤال مألوف، بل اعتيادي لكل شخص مر بمرحلة الطفولة، بل يكاد لا يفلت منه أي طفل، حيث يعلم البعض الإجابة على السؤال، ويحتار البعض الآخر ولا يكترث قلة منهم، في حين تعد الإجابة غير مؤثّرة في المحصلة النهائية باعتبار تداخل البيئة واختلاف الاهتمامات والموارد المتوفرة للشخص في فترة حياته وتحصيله العلمي ثم انتقاله إلى المرحلة العملية، بغض النظر عمَّا تؤول إليه الأمور فإن الأصل في العمل أن يخلص الإنسان فيه ويحسن النيَّة ويؤديه على أكمل وجه، في هذا السياق، نرى العديد من الموظفين الذين أحرقتهم نيران العمل والمدير، فيما ينزوي المحترق في ركن بعيد بمعزل عن ذلك كله ويرجو أن ينتهي اليوم ليأوي إلى فراشه في نهاية اليوم المضني جسديًا أو نفسيًا أو كليهما، قد لا تتعدى أسباب الاحتراق البيروقراطية القاتلة، أو الشللية المقيتة، أو الظلم في أسوأ الأحوال، إلا أن هناك من ينتشل نفسه من نفسه ليصبح موظفًا لا مثيل له أو ما يطلق عليه الموظف المثالي والمتميز، ليس وفقًا لمعايير الجهة التي يعمل بها قد يكون الأقل تحصيلاً للنقاط والأدنى تقييمًا، بل إنه الموظف المثالي في قلوب العابرين من المراجعين، أو المرضى، أو الزملاء، وغيرهم الكثير، فالابتسامة المشرقة التي تعلو محيَّاه رغم كل الظروف والمصاعب والعقبات تجعل منه الأمثل لدى الناس، فالمعايير الأخرى لا تهم عندما تطغى محبة الناس في مكانه وافتقادهم له، بحيث تصرخ جميع الأماكن من غربة غيابه، كلنا نعرف أو نرى مثل هذا الشخص المحظوظ فعلياً والمظلوم مهنياً ومن هنا، استذكر الموظف الأمثل لدي ولدى عديد من الأشخاص دون شك الأستاذ سعود سيار العنزي الذي يعمل في إحدى المستشفيات الخاصة في مدينة الرياض، حيث يستقبل المارة بابتسامة وترحيب حار ويودعهم بدعوة «رعاكم الله» دون كلل أو ملل، فما أبهى ذلك الموظف في هذا المكان وفي كل مكان، فبهم تخلق روح المكان وتزهو فرحاً كل يوم.