عطية محمد عطية عقيلان
العالم الأمريكي سبنسر فولرتون بيرد المولود في عام 1823م، عاش لمدة 64 سنة ونشر أكثر من ألف عمل عن التاريخ الطبيعي، له مقولة مهمة هي «الحياة قصيرة والأمر عائد لك أن تجعلها جميلة»، وإذا كنا من المحظوظين بمصادفة هذا النوع من البشر، والذين يجعلون خير الحياة مستمراً وجميلاً، بما يطبقونه من أفعال أو أقوال، وتجدهم يغردون خارج السرب، بإنسانيتهم وعطائهم وعملهم الخيري المستمر، ويسخرون خبرتهم وغناهم، في نشر العطاء والجود، ولا حدود أو مكان جغرافي لبذلهم، بل تجد أثرهم في عدة مجالات، ويطبقون المثل المعروف بطريقة مختلفة، فيرون أن «الجود جهود»، أي أن المطلوب بذل أقصى جهد، بدون كلل أو ملل، وهذا يأخذنا إلى سيرة رجل الأعمال عبدالله عبدالرحمن العقيل أبومحمد، حيث لم يركن إلى البذل والعطاء المادي فقط، بل يبذل الجهد للوصول إلى المحتاجين في كافة أرجاء ونواحي المملكة، سواء كانت حاجتهم لمساعدة مالية، أو عينية أو تعليم أو علاج، وعبر برامج وقفية منظمة مستجدة ومتجددة وفق أسس إدارية جديدة صالحة لكل زمان ومكان، لينمو وتضمن تطوره وديمومته واستمراره، بل تعداه إلى أن يتجه بالعمل الخيري إلى جوانب جديدة ومحفزة، مثل صندوق حفظ النعم، والعناية بالمساجد على الطرقات..وقد خصص محاضرات أو لقاءات أو فيديوهات، تتحدث عن تجاربه في الوقف الخيري، وفي المال والأعمال، ورؤيته وتوجيهه للشباب للاستفادة من هذه التجربة والخبرة، ونجده دوماً، يؤكد في كل مناسباته على أهمية بر الوالدين والإخلاص والأمانة في العمل وأهمية اكتساب مهارات وخبرات، تعين على فتح الآفاق والمغامرة في الحياة، كل ذلك يقوم به، بهدوء ودون ضجيج، حتى في نصحه وتوجيهه نجد دوماً الأسلوب المتزن، بل بإلكاد تسمعه وتحتاج إلى تركيز، وطيلة أكثر من ربع قرن على معرفته، لم أشاهده غاضباً أو بصوت مرتفع، إنه نموذج يرتقي بك على كافة الأصعدة، وتكسب منه عدوى حميدة بأن تحاول الاقتداء ببعض ما يفعله من خير وعطاء، ودوماً في سير العظماء وحياتهم تكتشف أن جلهم لهم صفات يتشاركون بها، وهي التواضع، والحلم، وحب العطاء، وعدم الحقد والضغينة على أحد، بل تجد بهم رفقاً وعاطفة، وحسن معشر، وتجده هيناً ليناً في التعامل.
نموذج العقيل، تجسيد للآية الكريمة: «لينفق ذو سعة من سعته».، وهذا الإنفاق بكافة أوجهه وسعته، سواء كان مالاً، أو مشورة، أو دعاءً أو توجيهاً، أو جاهاً، أو رأياً، وهي واجهة مشرفة، لدور رجل الأعمال في خدمة مجتمعه والمساهمة في تحقيق نموه، ويصل خيرهم لكل قريب وحتى البعيد، ولكل من يعرفهم، أوعمل لديهم.
خاتمة: كتاب «بصمة حياة» لمؤلفه عبدالله العقيل، يسلط الضوء على تجربته بدءاً من أسرته وحتى تجارته ومن ثم اتجاهه للعمل الخيري، وفيها نماذج وقصص مفيدة، للاستفادة منها والاطلاع عليها، وبين سطوره، تستشف مدى رقته وحنانه، وشغفه بالعمل الخيري والإنساني ودوره في العمارة، وحبه لنشر مفهوم العطاء والأخذ بيد الضعفاء والمحتاجين، والارتقاء بحياتهم، في سبيل إسعاد الآخرين وتحقيق متطلباتهم قدر المستطاع، وتبقى سيرته في الجانب التجاري والخيري، حكاية ملهمة، ومفيدة للمطلع عليها، من باب عل وعسى أن تكون مفيدة ومعدية لأن نقتدي ونسلك بعض دروبها، ونختم بمقولة له «من أعظم طرائق الشُّكر البذل والإنْفاق في وجوه الخير والبرِّ والإحسان والمعروف وقضاء الحوائج، لذلك نجد أن آيات الصَّدقة والإنْفاق تتجاوز مئتي آية، والإنْفاق مندوب في أيّ حالٍ وفي كلّ وقت».