واس - الطائف:
يعدُّ سوق عكاظ أحد الأسواق الثلاثة الكبرى فى عصر ما قبل الإسلام, إضافة إلى سوق مجنّة وسوق ذي مجاز، وكان ملتقىً لوجهاء العرب وقادتهم، إذْ إنهم كانوا يجتمعون فيه شهرًا من كل سنة، يتفاخرون فيما بينهم ويرددون الشعر, كما لعب السوق دورًا اجتماعيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا للقبائل وأعيان العرب، وكان منبرهم الإعلامي الذي تعقد فيه العهود والوثائق ومرجعًا لقضاياهم، وأدى إلى تقريب اللهجات العربية المختلفة، وتهذيبها وتوحيدها, وكان من أشهر الحكماء والأمراء في سوق عكاظ: ربيعة بن مغاشن, زرارة بن عدس, ضمرة التميمي, أكثم بن صيفي التميمي, صيفي بن رباح, الأقرع بن حابس بن عقال.
ويروي بعض المؤرخين أن سوق عكاظ كان معرضًا للتجارة ومؤتمرًا للسياسة ومنتدىً للأدب والثقافة، ومجمعاً لأهل اللغة, مشيرين إلى أن السوق كان يشهد نوعاً آخر من الأدب لايقل عن مكانة الشعر وهي الخطب؛ لما كان للخطبة والخطباء مكانة كبيرة عند العرب في إظهار الفصاحة وجمال اللغة, وكان يشهد الصلح بين القبائل والحكم في قضايا الخلاف والتجارة, إضافةً إلى إعلان الأحلاف وإجارة المستغيث والفداء وإعلان الحروب، وذلك لما يشهده السوق من اجتماع كبير للعرب حتى ينتشر الخبر بين الناس, ومنذ نشأته كان جزءًا مهمًّا من تاريخ إنسان الجزيرة العربية، وكذلك نقطة ضوء تكشف العمق التاريخي والتراكم المعرفي .
وتعود بدايات سوق عكاظ لعام 501 ميلادي, وكانت العرب تأتيه لمدة 20 يومًا من أول شهر ذي القعدة يبيعون فيه البضائع ويلقون القصائد إلى يوم 20 من الشهر نفسه، ثم يسيرون إلى سوق مجنّة فيقضون فيه الأيام العشر الأواخر، فيعرضون ما أحدثوا من الشعر ويتفاخرون فيما بينهم, ثم توقف السوق بعد النهب والتخريب على يد الخوارج, وأعادت المملكة العربية السعودية إحياء سوق عكاظ التاريخي عام 1428هـ بعد توقف دام 1300 عام؛ ليكون معلمًا ثقافيًّا وسياحيًّا من معالم المملكة، ويقصده العديد من السياح من شتى أنحاء العالم، إضافة إلى كونه ملتقى تاريخيًّا يجمع الفنانين والأدباء والشعراء وجميع المهتمين بتاريخ العرب القديم, ورافدًا أساسيًّا من روافد التنمية السياحية والاقتصادية في المحافظة.