سعد فهد العجيبان
راهن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على وقوف موسم الشتاء إلى جانبه في مواجهته مع دول أوروبا المعارضة للحرب مع أوكرانيا.
بوتين أجّل كشف أوراقه في مواجهته مع دول القارة العجوز لقناعته بأن أوروبا لن تستطيع مواجهة البرد القارس دون الاستعانة بالغاز الروسي الذي راهن سيّد الكريملن على ألا تشتعل المواقد الأوروبية دونه.
في مطلع فصل الشتاء بدا للعالم أن «البرد» تحالف مع بوتين، إذ انخفضت درجة الحرارة في بعض الدول الأوروبية إلى ما تحت الصفر..وكادت الأمور تتجه إلى ما منّى به بوتين نفسه، فارتفع سعر الغاز الطبيعي في بعض دول أوروبا إلى مستويات قياسية لم يشهدها التاريخ.ففي أغسطس 2022 لامس سعر الغاز الطبيعي حاجز 343 يورو للميغا وات في الساعة، وبعد الأسبوع الأول من يناير 2023 حدث ما لم يتوقعه أشد المتفائلين في أوروبا إذ ألقى الطقس الدافئ بظلاله -على غير العادة- على القارة العجوز مما أدى إلى انخفاض الطلب على الغاز للتدفئة لتشهد أسعاره انخفاضات متلاحقة وتصل إلى 73 يورو لكل ميغاوات في الساعة.
الشتاء الرحيم مكّن أوروبا التي لجأت قبل حلوله إلى ترشيد عالٍ لاستهلاك الغاز والطاقة، من إبقاء مخزوناتها عند مستويات آمنة، وبالتالي فإن دفء أوروبا «الشتوي» قد خذل طموحات بوتين في حرب الطاقة مع دول القارة العجوز -إلى الوقت الحاضر-.
تحالف سيّد الكريملن مع الشتاء الأوروبي بات خاسراً في ظل مؤشرات قوية تؤكد أن نقص الغاز في دول الاتحاد الأوروبي لفصل الشتاء الحالي غير مُحتمل، في ظل تجاوز مخزونه للمعدل المتوسط في عدة دول أوروبية.
وفي جزئية أخرى وبعد مؤشرات فشل حرب الطاقة الروسية -حتى الآن-، لم تعُدْ الحركات الداعمة لبوتين داخل أوروبا قادرة على لعب دور كبير في توجيه الرأي العام وقلبه -إن صح التعبير-في حين تؤكد تقارير أن برلين والتي راهنت موسكو على انشقاقها عن القارة العجوز، لاتزال تحت وطأة -وإن كانت جزئية- الحراك الروسي.
أسئلة كثيرة تدور عن السيناريو القادم المحتمل لحرب الطاقة الروسية، منها مدى صحة توقعات وزير الطاقة القطري قبل أيام عن عودة استيراد للغاز الروسي..وهو ما يراه مراقبون أقرب إلى الواقع في المنظور القريب، مرجعين ذلك إلى أن الاقتصاد الأوروبي سيظل في نطاق التبعية الروسية.
وفي جانب ذي صلة هل تتمسك دول الاتحاد الأوروبي بمواقفها تجاه الحرب الروسية - الأوكرانية، وتستمر تحت العباءة الأمريكية تحقيقاً لمصالح واشنطن على حساب مصالحها؟!.