عبد الرحمن بن محمد السدحان
* كتب من كتب تعريفاً للثقافة والمثقف، وأحسب أن القارئ الحصيف سيعذرني إذا قلت إن نص التعريفات التي طرحها المصنفون لهذه المفردات تبقى في أحسن الظن «اجتهادات» مرشحة للصواب وحسن الظن.
* * *
* سأجتهدُ بدوري مع من اجتهد فأقول: إن المثقف هو (الحصاد) النهائي لكل ما كتب، وما سيُقال ويُكتب، فهو بمثابة (الخميرة) التي ينتج عنها ومنها المثقف.
* * *
* وبمعنى أكثر وضوحاً أقول إن المثقف ليس (دائرة معارف) لكنه على الأرجح منظومة ذهنية من الأقوال والأفعال تُعرف به ويُعرف هو بها.
* * *
* أقول باختصار:
* المثقف هو ذلك الذي إذا قرأ (فهم)، وإذا تحدث أو كتب (أفهم) المنصت أو القارئ لنفسه.
* وهو ذلك الذي إذاحدثه آخر استمع، وإذا اختلف مع آخر، أنصت له، ثم مارس حريته في الرد، ولكن بلا غلوٍّ ولا أذى . وإذا استمر الاختلاف في الرأي مع الآخر، لم يحمل عليه حجراً أو يُضمر له غيظاً.
* * *
* بقي أن أشير إلى أن الثقافة في بلادنا الغالية تنمو أسوة بقطاعات أخرى مما له صلة بزاد النفس وطمأنينة الروح، ولكن بخطى أقل سرعة مما سواها، وأسوق لذلك مثلاً، فقد يسكن أحدهم مأوى راقياً، ويمتطي سيارة فارهة، ويلبس هو ويُلبس من يهمه أمرهم والأجمل والأزهى، كل هذه سلع تشترى بالمال.
** أما الثقافة فشيء آخر لا يُباع ولا يُشترى، ولكن يُكتسب بالجهد الشاق، والعقل المؤهل، وهذا بعض التمييز بين الثقافة والحضارة، وأعتقد أن نصيب بلادنا من حضارة المادة يبز أمماً أخرى.
* * *
* أما الحصاد الثقافي فهو يسارع الزمن بخطى متئدة ومدروسة معتمداً في اجتهاده على ما يُعقل ويُقبل، فهماً وقيمة وإدراكاً.