عمر إبراهيم الرشيد
يمثل المستطيل الأخضر أو ملعب الكرة مساحة للتحليل النفسي والاجتماعي من قبل أهل الاختصاص ولا أزعم أني منهم، انما أزعم أني أقرأ تلك التفاصيل غير الكروية في ذاك المستطيل، وذلك بما تيسر لي الاطلاع عليه من تلك العلوم الإنسانية. وموضوع مقالي هذا عن مدى تأثر لاعبينا وتقليدهم للاعبين الأجانب في قصات الشعر وهي حالياً أبرز معالم هذا التقليد، وكذلك في طريقة تعبيرهم عن الفرح بتسجيل الهدف، باشارات جسدية كان يقصد منها ذلك اللاعب الأجنبي أمراً خاصاً به، فترى لاعبينا السعوديين وحتى العرب يقلدون حركته تلك رغم أنها تعني ذلك اللاعب فقط.
ونعلم جميعاً بأن الملاعب السعودية مقبلة على مرحلة جديدة وبدأت أنظار جماهير الكرة في أنحاء العالم بمتابعة الدوري السعودي، بعد قدوم اللاعب الأبرز البرتغالي كرستيانو رونالدو إلى الرياض، مع احتمال قدوم عبقري الكرة كذلك ليونيل ميسي وغيره من أفذاذ الكرة العالميين. وما أريد الوصول إليه بأنه يجب على وزارة الرياضة واتحاد كرة القدم الالتفات إلى توعية اللاعبين بأهمية احترام الهوية، فمعظم لاعبينا هم من فئة الشباب وكثير منهم بحاجة إلى تثقيف اجتماعي ونفسي، وأن لا يكون إمعة مقلداً لغيره تقليداً أعمى في قصة شعره وسلوكه. كذلك الروح الرياضية النابعة أصلاً من ديننا الحنيف وقيمنا العربية، والمتمثلة هنا في التواضع عند الفوز بدل التشفي في المنافس، والهدوء والابتسامة عند الخسارة وعدم ربطها بالكرامة الشخصية باعتبارها لعبة تحتمل الفوز أو الخسارة . فياترى هؤلاء اللاعبون الأجانب الذين وفدوا لنا من كثير من دول العالم شرقه وغربه، كيف يتعرفون على قيمنا وثقافتنا ولاعبونا يستنسخون مالديهم من مظاهر وأحياناً سلوكيات، مع أن هذه فرصة عظيمة كما ذكرت ودورينا السعودي اصبح محط أنظار العالم، هي فرصة لإبراز وجهنا الحضاري وصورنا الاجتماعية، فكيف لنا ذلك ولاعبونا أصبحت فئة غير قليلة منهم لاتحمل سمات هذه الهوية من ناحية المظهر . لقد أصبحت كرة القدم قطاعاً قائماً بذاته لا يقتصر على الجانب الرياضي فحسب، فهو يشكل اقتصاداً يبلغ أربعمئة مليار دولار ويعمل فيه مليار شخص حول العالم.
نقطة أود كذلك التذكير بها وهي مكبرات الصوت واستخدامها من قبل مشجعي أندية الكرة في المدرجات، وماتحدثه من ضجيج وتلوث سمعي لايليق بملاعبنا ويعطي صورة سلبية ودورينا أصبح محط أنظار قنوات عالمية. ختاماً يجدر باتحاد اللعبة ومن خلفه وزارة الرياضة حض اللاعبين على أن يكونوا مؤثرين لامتأثرين، فالتقليد الأعمى نتاج للسطحية المعرفية والاجتماعية، إلى اللقاء.