خالد بن حمد المالك
في زيارتي وأسرتي للعلا حرصتُ على قراءة ما كُتب أو أُلِّف عن هذا الجزء الغالي من الوطن، وضمن ما قرأت أن الممرات الصخرية المتعرجة في الحجر كانت مكاناً للعبادة والتجمع لأهل الحجر، وأن المكان كان محاطاً بنقوش الآلهة، ذلك أنهم كانوا يعبدون العديد من الآلهة، وهناك أدلة على وجود أديان أخرى أتى بها الرحالة والتجار، وأن الكثبان الرملية الكثيفة تسبَّبت في إغلاق المدافن لآلاف السنين، وعندما اكتُشفت هذه المدافن تبيَّن وجود بقايا أشخاص وأشياء من حياتهم اليومية.
* *
ضمن برنامج زيارتي وأسرتي، قمنا بجولة في (الحجر)، وزيارة لقاعة (مرايا)، ومركز (هوساك)، وتأمل النجوم في منطقة جبال (الغراميل)، وجولة في دادان وجبل (عكمة)، وجولة أخرى في مسار الواحة التراثي، وقضاء المساء في متنزه (جبل الفيل)، والاطلاع على المدينة القديمة والمدينة الجديدة، وزيارة لبعض مزارع النخيل والحمضيات، فيما تناولنا وجبات الأكل في مطاعم مميزة في العلا، مطعم (سموير)، مطعم (بوتيك الجمل الوردي)، مطعم (زعفران) وغيرها، إذ إن العلا تتميز بمقاهيها ومطاعمها الفاخرة.
* *
ومما يُلفت النظر عن الحجر في العلا أنه أول موقع سعودي تم إدراجه على لائحة اليونسكو للتراث العالمي، ومن بين الاكتشافات المهمة اكتشاف حضارة مملكتي دادان ولحيان، وقد بُنيت المدينة بالحجر في واحة وادي العلا، وهناك جبل عكمة، وهو جبل يوصف بأنه كنز أثري غني بالنفوش والفنون الصخرية في وادٍ صحراوي مذهل، وتعود آثار الوجود البشري في الحجر إلى ما قبل الألفية الأولى قبل الميلاد.
* *
وضمن برنامج زيارتنا للعلا قمنا بجولة على البلدة القديمة، ويقال إنها كانت ملتقى الرحَّالة والحجاج بسكان البلدة، وتقدر عدد المنازل فيها بـ900 منزل و500 متجر و5 ميادين، وتتميز مبانيها أنها صخرية أو طينية، وفيها قلعة العلا التي يعود تاريخها بحسب المصادر إلى القرن العاشر الميلادي.
* *
أخذني وأسرتي المرشد إلى جبل يطلق عليه جبل الفيل، وهو في شكله يشبه الفيل، ويقع هذا الجبل بين الرمال في وسط الصحراء، وقد وُظِّف هذا الموقع الخلاب ليكون مزاراً يذهب الناس إليه للاستمتاع بمشاهدة غروب الشمس، حيث يظهر هذا الجبل بألوان حمراء تنعكس كظل في السماء، وقد وفرت الهيئة للزائرين أماكن للراحة، ومقاعد وثيرة للجلوس، وخدمات عالية المستوى.
* *
ولن يكون من يزور العلا قد زارها فعلاً ما لم يقف على (الجديدة) حيث المطاعم، والمتاجر، والأجواء التراثية، ومشاهدة أكبر سجادة مرسومة باليد في العالم على الشارع المخصص حصرياً للمشي، لكن الأكثر إثارة يأتي من ذلك الاستمتاع بسحر صحراء العلا، وتأمل النجوم زاهية الألوان في السماء، في منطقة الغراميل، والاستماع إلى شرح علمي من مرشد متخصص في هذا المجال.
* *
وهناك بوتيك الجمل الوردي، حيث يقضي السائح بعض الوقت بين النخيل وأشجار الحمضيات، يتناول القهوة والطعام الفاخر، في مقهى تقليدي، وهذا الـ(بوتيك) يقدم المخبوزات، والمأكولات النباتية، وكل ما هو خالٍ من الجوتين، فبوتيك الجمل الوردي يتميز بأنه يقع بالقرب من مدخل واحة العلا، ما يعني توفر الطبيعة الهادئة، وخاصة في فترة الظهر.
* *
هناك مطاعم فاخرة أخرى، كمطعم سموير للأكلات البحرية، ومطعم زعفران للأكلات التايلندية، وهناك الفنادق الفخمة، التي صُمِّمت بشكل يتناسب مع طبيعة العلا، لجعل من يزور هذه الواحة الجميلة يستمتع بأوقات يجد فيها من المتعة والراحة الشيء الكثير.
* *
محافظة العلا عموماً ستكون في المستقبل أكثر بهاءً، وأجمل من الجميل الذي رأيته، فالمشروعات قادمة، ومبرمجة، وفائقة الجودة، وجاذبة لمن يريد أن يستمتع بجودة الحياة، هكذا حدثني الرئيس التنفيذي المهندس عمرو المدني، وكله ثقة وطموح، كما هي ثقة بقية الفريق الذي يعمل في الهيئة الملكية للعلا من سعوديين وغيرهم.