محمد سليمان العنقري
قطاع التأمين يعد من الأهم في أي اقتصاد بالعالم وهو أيضاً يمثل قيمة مالية مضافة كبيرة وأحد أهم المستثمرين المؤسساتيين في الأصول المالية وغيرها, فحفظ الممتلكات العامة والخاصة يعد من الأولويات لأي دولة وقطاع التأمين يلعب الدور الأساسي في ذلك, فالتعويضات التي تصرف من قبل الشركات لمن يشتري بوليصة التأمين عند وقوع الحوادث أدت لإنهاء إشكاليات كبرى كانت قائمة قبل أن يصبح التأمين إلزامياً وتنتشر ثقافته ولذلك فإن التوسع بحجم القطاع وتطويره بالتشريعات والأنظمة ضرورة نظراً لتطور القطاعات الاقتصادية وتشعبها ودخول أنواع جديدة من الأصول وطرق تشغيل لها مختلفة عن السابق.
وفي الأسابيع الماضية رفعت شركات التأمين أسعار البوليصات على المركبات وهو ما أثار استغراب العملاء من كافة الشرائح أفراداً ومنشآت وقد ذكر بوسائل الإعلام أسباب هذه الارتفاعات بأنها حسب النطام بناءً على رأي الخبير الاكتواري الذي تعينه الشركات حيث إنهم حددوا الأسباب بأن نسبة المركبات المؤمن عليها حوالي 50 بالمائة من عدد المركبات بالمملكة وهذا ما يرفع من تكلفة التعويضات وذكر أيضاً أن الحوادث زادت رغم أن تقارير السلامة المرورية تشير لتراجع بالحوادث الجسيمة بحوالي 6،8 بالمائة وسيقت مبررات أخرى مثل ارتفاع أسعار قطع غيار السيارات وايضاً بعض طرق التحايل ولكن مهما ذكر من مبرارات غلا أن العميل الملتزم بالتأمين سنوياً وسجله نظيف من أي حوادث ايضاً يسأل لماذ أتحمل مسؤولية غيري ممن لم يؤمن مركبته أو لديه سجل بالحوادث أو تكلفة الاحتيال كما أن شركات التأمين ليست هي المرة الأولى التي ترفع بها الأسعار لذات الأسباب اي أن هذه الإشكاليات التي تتحدث عنها الشركات إذا كانت أصلاً مقنعة هي قائمة منذ سنوات ولم يتغير شيء بمبرراتهم إضافة إلى أن رفع الأسعار الذي حدث سابقاً وبأكثر من مرة لم يحسن من نتائج الشركات فسجلهم بتحقيق الأرباح منذ تأسيسهم بالمجمل ضعيف وأغلب سنوات عملهم تسجل فيها خسائر تشغيلية إلا عدد محدود جداً من الشركات الثلاثين العاملة بالسوق إضافة إلى أن خفض ورفع رأس المال للعديد من الشركات لم يحل مشاكلها المالية وأصبحت جل شركات القطاع مجرد شركات مضاربة على مدى السنوات الماضية أي لا يوجد قوة مالية استثمارية مستقرة بها إلا بشركات قد لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة وقد يكون للاندماجات دور أفضل بحل مشاكل بعض الشركات لكنه أيضاً بحاجة لنظرة لواقع التشغيل وأدارة استثمارات الشركات من جهة أخرى إضافة لأي تشريعات أو هيكلة بالأنظمة يحتاجها القطاع، فبقاء شركات برؤوس أموال صغيرة لا تتماشى مع حجم الاقتصاد الوطني الذي تجاوز حجمه تريليون دولار ستبقى عبئاً على القطاع وتهز المصداقية فيه من ناحية الاستثمار أو زيادة التوجه للتأمين على كافة الأصول المركبات وغيرها فمازال النظام ينص على أن يكون أقل رأس مال لتأسيس شركة تأمين مائة مليون ريال ورغم أن جميع الشركات رؤوس اموالها أعلى من ذلك إلا أنه من المهم إعادة النظر بمستوى رأس المال المناسب لأي شركة تدخل قطاع التامين لتقدم خدمات تأمين المركبات وغيرها بأن لا يل مثلاً عن 500 مليون وأي شركة دون ذلك تكون مجرد مسوقة ولا تدخل كطرف يقدم خدمة التأمين أما إعادة التأمين فيفترض أن تكون شركات برؤوس أموال مليارية، فرفع أسعار التأمين سيعني بالضرورة ارتفاع أجور النقل سواء للرحلات الخاصة أو لنقل الركاب جماعياً أو لشحن البضائع فتكلفة التأمين سيتحملها المستهلك بنهاية المطاف ولذلك تأثير سلبي على معدلات التضخم.
استمرار تحقيق الخسائر من قبل غالبية الشركات العاملة بقطاع التأمين والذهاب فقط لرفع الأسعار لتعويض تلك الخسائر يمثل سياسة أشبه بالهروب للأمام ولن يحل المشكلة فيبدو القطاع بحاجة لهيكلة شاملة لا تنحصر فقط بدور الجهة المنظمة البنك المركزي والذي سبق وأن شجع ومازال تلك الشركات على الاندماج وأخذ عدة قرارات تنظيمية لتطوير القطاع وإن كان مازال هناك حاجة للمزيد من النظر لحال القطاع إلا أن الدور أيضاً على الشركات بأن تراجع خططها وأساليبها التشغيلية وكذلك الاستثمارية لمحافظها إضافة لأهمية دور المستثمرين أنفسهم بتلك الشركات للوقوف على أوضاعها وتصحيح مسارها كما أنه من المهم إعادة النظر حول إلزامية إدراج الشركات بالسوق المالية فهذا أيضاً عامل يعد سلبياً للسوق إجمالاً بوجود قطاع مالي مهم لكنه غير مستقر بنتائجه بنسب تذبذب عالية فعدم إدراجها يزيل عنها الكثير من الأعباء بحيث لا يبقى بالسوق إلا شركات بتراخيص معينة ورؤوس أموال كبيرة خصوصاً أن السوق المالية السعودية تطورت كثيراً واصبح هناك طرق عديدة لتمويل الشركات ليس بالضرورة من خلال الادراج بسوق الأسهم.