انتهى مهرجان الربيع الصيني لعام الأرنب الصيني قبل أيام، وطوال فترة مهرجان الربيع، عجت الشوارع والأزقة في كل مكانٍ بالصين بالمغادرين والذاهبين، وتدفق الزوار على الوجهات السياحية، كما اكتظت المنطقة التجارية خاصة السينما بالسياح والمشاهدين. في هذا السياق، بلغت مبيعات شباك التذاكر في هذا المهرجان 6.7 مليار يوان (حوالي 1 مليار دولار أمريكي)، إذ أصبحت بالمرتبة الثانية في تاريخ السينما الصينية لمهرجان الربيع، وتجاوز عدد السياح في الداخل إلى 300 مليون شخص، أي بزيادة 23.1 % على أساس سنوي. لقد شهدت أرض الصين ازدحاماً وازدهارًا، ونموها الاقتصادي كان مفعماً بالحيوية والنشاط، تتقدم الصين النابضة بالحياة إلى الأمام، ونحن على ثقة تامة لمستقبل مشرق للاقتصاد الصيني.
منذ وقت ليس ببعيد، أعلن المكتب الوطني الصيني للإحصاء عن بيانات الاقتصاد الصيني لعام 2022، حيث تجاوز الناتج الإجمالي المحلي للصين 120 تريليون يوان، أي ما يعادل أكثر من 18 تريليون دولار أمريكي بزيادة 3 % عن العام السابق لتكون الصين ثاني أكبر اقتصاد بثبات في العالم، وبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 12741 دولارًا أمريكيًا متجاوزًا 12000 دولار أمريكي في العامين المتتاليين السابقين، وخطى حجم التجارة الخارجية الصينية لأول مرة حاجز الـ40 تريليون (حوالي 5.9 تريليون دولار أمريكي)، بينما نجحت الصين في الحفاظ على مكانتها كأكبر دولة في تجارة السلع في العالم لـ6 سنوات متتالية. خلاصة القول، في مواجهة العديد من الاختبارات الداخلية والخارجية والعوامل السلبية غير المتوقعة، صمدت الصين في وجه الضغوط وحققت الاستقرار هذا العام في النمو الاقتصادي. فتحقيق هذه الإنجازات لم يكن بالأمر السهل على الإطلاق.
تظل التنمية الاقتصادية الصينية دائمًا محور اهتمام الجميع. من المهم أن نأخذ منظورًا طويل المدى؛ فللبحث عن الاقتصاد الصيني والحكم عليه لا بد وأن ننظر بمنظور شامل وجدلي وطويل الأجل. وينبغي علينا ألا ننظر فقط إلى البيانات الاقتصادية القصيرة المدى، بل علينا أن نفهم الاتجاه العام طويل المدى. وكما أوضح الرئيس شي جينبينغ،إن الاقتصاد الصيني يتمتع بمرونة قوية وإمكانات هائلة ومجال كبير للمناورة، وإن أسسه لن تتغير وستحافظ على مسار إيجابي على المدى الطويل.
أرست السوق الضخمة أساسًا صلبًا للاقتصاد الصيني. تمتلك الصين السوق الضخمة بأكبر قدر من الإمكانيات الكامنة في العالم. وفي الوقت الحالي، يتجاوز عدد السكان للطبقة المتوسطة في الصين 400 مليون، كما كان إجمالي مبيعات التجزئة من السلع الاستهلاكية في الصين في العام الماضي 44 تريليون يوان (6.5 تريليون دولار أمريكي) مما جعلها ثاني أكبر سوق للاستهلاك عالميًا. إن عدد سكان الطبقة المتوسطة الصينية كثير وإمكانات ازديادها كبير إلى جانب حاجتها الاستهلاكية للمنتجات والخدمات المتوسطة الجودة والعالية الجودة تتزايد بسرعة، مما أصبح الطبقة المتوسطة الصينية القوة الدافعة لنمو الاقتصاد الصيني. وفي نهاية عام 2022، قررت الحكومة الصينية التركيز على توسيع الطلب المحلي مع إعطاء الأولوية لإنعاش وتوسيع الاستهلاك. في هذا الصدد، ستدفع السوق الصينية الضخمة سفينة الاقتصاد الصيني إلى الإبحار المستقر والمستمر بدعم السياسات والتفاعل الإيجابي للدورتين المحلية والدولية.توفر التنمية العالية الجودة قوة دافعة للاقتصاد الصيني.
وقد أشار المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني إلى أن التنمية العالية الجودة هي المهمة الأولى لبناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل. وفي العقد المنصرم، وضعت الصين جودة التنمية في مكانة أكثر بروزًا وركزت على دفع تحويل التنمية الاقتصادية من «موجود أو غير موجود» إلى «جيد أو غير جيد»، لتدخل بذلك مرحلة التنمية المدفوعة بالابتكار التي تتخذ العلوم والابتكار التكنولوجي كعلامة مميزة. وفي الفترة من عام 2012 إلى عام 2021، ارتفعت نسبة إجمالي الاستثمار في البحث والتطوير من الناتج المحلي الإجمالي من 1.91 % إلى 2.44 % كما ارتفعت مرتبة الصين في مؤشر الابتكار العالمي من الـ34 إلى الـ11. وعلى مسار التنمية العالية الجودة، ظل معدل النمو الاقتصادي الصيني خلال العقد الماضي داخل نطاق معقول، وارتقت جودة التنمية الاقتصادية وكفاءتها باستمرار، وتحسنت البيئة الإيكولوجية تحسنًا كبيرًا، وشهد مستوى المعيشة ارتفاعًا ملحوظًا. ولا شك أننا سنحقق تطورًا أكبر في المجالات الاقتصادية والاجتماعية في المستقبل.
يخلق الانفتاح على مستوى عالٍ فرصًا للتعاون الصيني الأجنبي. إن الانفتاح قوة دافعة مهمة لتقدم الحضارة الإنسانية، وهو طريق حتمي لازدهار العالم وتطوره، فالانفتاح هو السياسة الوطنية الأساسية للصين ورمز مميز للصين المعاصرة. بدأ ميناء هاينان للتجارة الحرة شراعه، تستمر القائمة السلبية لوصول الاستثمار الأجنبي في التقلص، وحقق معرض الصين الدولي للاستيراد ومعرض الصين الدولي للتجارة في الخدمات ومعرض كانتون ومعرض المستهلك الصيني والتشارك في بناء «الحزام والطريق» بالجودة العالية إنجازات مثمرة، أصبحت المزيد من شركات متعددة الجنسيات تأخذ الصين كوجهة استثمارية مهمة، مما تم التوصل إلى الإجماع أن الاستثمار في الصين هو الاستثمار في المستقبل. في مواجهة الأوضاع الدولية المضطربة والقوة الدافعة لإنعاش الاقتصاد العالمي غير الكافية، تحرص الصين على توسيع مستوى انفتاحها، والعمل مع المجتمع الدولي بما فيه المملكة العربية السعودية لدفع العولمة الاقتصادية قدمًا دون توقف.
تعمل الصين والمملكة باعتبارهما عضوَي مجموعة العشرين على تعزيز الانتعاش الاقتصادي العالمي والتنمية المستقرة الطويلة الأجل. كما حقق اقتصاد المملكة نموًا سريعًا في العام الماضي، حيث باتت من أسرع الدول نموًا في الاقتصادات الرئيسية. في العام الجديد، نستعد للعمل مع المملكة لتنفيذ توافق الآراء المهم الذي توصل به قادة البلدين، وتقاسم فرص التنمية مع بعضنا البعض، وربط مبادرة الحزام والطريق برؤية «2030» بشكل أعمق بما يجعل البلدين وشعبيهما يستفيدان من المزيد من نتائج التنمية.
** **
ين ليجون - نائب السفير الصيني