محمد بن عبدالله آل شملان
فَقْد فرسان العمل في الإعاقة والعمل الإنساني وأصحاب التأثير مؤلم، فهم بلسم لمتاعب ومعاناة الكثير من الناس، يجودون بالأفكار اتجاه المحتاج، ويمسحون على رؤوس ذوي الإعاقة كل بكل رحمة وعطف، قلوبهم قد جُبِلت نحو كل عمل فيه خير، ومساندة كل من طلب يد المساعدة، قلوبهم تملؤها الرحمة، وأفئدتهم تطمئن بابتكار الحلول للمعاقين وقاية وعلاجاً، وتسهيل حياتهم في المسارات كافة.
وقد فقدنا يوم الخميس الماضي شخصية حانية وإنساناً وطنياً مؤثراً ورجلاً إدارياً فذاً، فقدنا الأستاذ عوض بن عبدالله الغامدي أمين عام جمعية الأطفال ذوي الإعاقة، أحد رموز ورواد الإعاقة والفعل الإنساني، صاحب القلب الكبير، والرأي الصائب، والوجه الحبور، والابتسامة الحسنة، فقد كانت له - رحمه الله - جهوداً جليلة، وأعمالاً مباركة متعددة في مجالات رعاية الأطفال ذوي الإعاقة، وقدَّم لوطنه الكثير على مدى أربعة عقود، وعمل بكل ما يستطيع وبكل وفاء وإخلاص وكفاءة واحترافية وانضباط وتفانٍ، من أجل رفعة مسار الإعاقة وتقدمها وازدهارها في مساراتها كافة سواء التأهيلية أو التعليمية أو العلمية. وللفقيد - رحمه الله - مساهمات وفيرة مع مجالس إدارة جمعية الأطفال ذوي الإعاقة، لا سيما في دعم حضور الجمعية سواء داخل المملكة أو في كثير من الدول حول العالم، عبر بناء نظام الحوكمة للجمعية عبر تطبيق أدق معايير الأداء الخدمي والمالي والإداري، وساهم في تأسيس مراكز للجمعية في مناطق المملكة، التي تعتني بالأعمال الخيرية والإنسانية في قضية الإعاقة، بغرض التأهيل للمعاق والمساندة لأسرته. «أذكرُ حين شرفت برئاسة مجلس الإدارة منذ نحو خمسة وثلاثين عاماً، كان عوض الغامدي قد سبقني في نيل شرف العمل في هذه الجمعية، وإدارة مركزها في الرياض، ثم إدارتها على مستوى المملكة بعد أن توسعت الجمعية وأنشأت أحد عشر مركزاً، عايشته خلال هذه المسيرة، فوجدته مسؤولاً يعمل بأمانة وإخلاص، حيث بدأنا معه مسيرة طويلة وواجهنا تحديات وصعابًا، ولكنّا تمكّنا من تجاوزها وإرساء ركائز صرح شامخ، وواجهة حضارية وإنسانية للمملكة على المستوى العالمي»، بهذه الكلمات الضاربة في التأثر والتأثير، عبّر صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - رعاه الله - رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال ذوي الإعاقة، في مقال تأبيني عن الراحل، تم نشره في مدونة الجمعية على التويتر؛ ليظل ذلك الفقد عميق الحضور في مشاعر كل إنسان، عرف «عوض» وعاش في هذه الجمعية، ورأى من جهوده وإنسانيته، ما أهّله في استحقاقه أن يظل دائم الحضور، راسخ الذكرى في مشاعر الوطن وأبنائه الأوفياء.
رحمك الله يا طيّب الذكرى والذاكرة، ونعزِّي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - رعاه الله - رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال ذوي الإعاقة، ولجميع منسوبي ومنسوبات الجمعية، وكل أفراد أسرته ومحبيه ومعارفه، ونعزي أنفسنا بهذا المصاب الجلل، ونسأل الله جلَّت قدرته أن يكون ما قدّم مكتوباً في ميزان حسناته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى.