د.عيد بن حجيج الفايدي
للمدينة. مكانة ومحبة عند كل مسلم سواء كان مقيماً فيها أو زائراً لها أو مسؤولاً عنها... كيف لا وهي مهاجر النبي محمد صلى الله عليه وسلم... ومركز انطلاق دعوته... وسجلت مصادر السيرة والتاريخ كثيراً من المعلومات والوصف الدقيق لكل مرحلة وكل عصر.. ومن ذلك ما ورد عن أسوار المدينة المنورة التي لم تظهر في القرن الأول ولا القرن الثاني الهجري، بل بدأت ملامح الأسوار تظهر في منتصف القرن الثالث للهجرة واكتملت تلك الأسوار إبان الدولة العثمانية أما في عهد الملك عبد العزيز -رحمه الله تعالى - فقد أزيلت تلك الأسوار وبدأت مرحلة جديدة من تاريخ المدينة الحديث وتسارعت مشاريع البناء وفق مخططات هندسية بدأت في توسعة الحرم النبوي
ووصل الامتداد العمراني إلى أماكن تعتبر إلى وقت قريب أماكن بعيدة وخالية من السكان وأنها خارج النطاق العمراني..
وفي تغريدة خاصة لمعالي وزير الشؤون البلدية، أشاد بخطوه إزالة الأسوار، حيث قال معاليه «أمانة المدينة... تزيل الأسوار وتسهم في تكوين مساحات جميلة لمرتادي المكان بورك العمل والأثر»، وكانت تلك الخطوة ضمن مشروع ميدان الملك عبدالعزيز بالمدينة لتحسين وتطوير وزيادة المساحات والمسطحات الخضراء.. وفي هذا الاتجاه أيضاً تمت إزالة سور حديقة الملك فهد وحديقة حي الخالدية..
وكما يعرف الجميع أن امتداد حرم المدينة محدود جداً ومقيد بحديث نبوي ثابت.. وتلك المساحة لا تحتمل وجود أسوار داخل حدود الحرم.. ومع ذلك توجد أسوار تشكِّل فواصل وعدم تكامل بين الأحياء السكانية.. من تلك الأسوار سور مدينة المعرفة والذي أكمل عقده الثاني ويمتد إلى أكثر من ثلاثة كيلو داخل النطاق العمراني ويفصل الشوارع بعضها عن بعض ويمنع الاتصال أو الاستفادة من الشوارع أو المسطحات الخضراء الموجودة في داخله علماً بأن الكثافة السكانية فيه قليلة جداً.. فهل يمكن إزالة ذلك السور مع أسوار جامعة طيبة والجامعة الإسلامية لتكتمل الصورة التي أشار إليها معالي الوزير في تغريدته عن إزالة سور مبنى الأمانة.. والزائر لمباني الجامعات في بعض الدول الغربية يلحظ إن ليس لها أسوار وأن المباني الجامعية غير منفصلة عن المباني السكانية ويستفيد الجميع من خدمات تلك الجامعات.. ومن المبادرات الرائدة التي أعلنت - هذا العام - تلك المسابقة المقدمة من أمانة المدينة للمكاتب الهندسية وطلاب الجامعات لتصميم بعض الأحياء وتقديم دراسات وحلول تنظيمية لمشكلات تلك الأحياء ولعل هذه المبادرة هي من الحلول الجزئية.. أما الحل الشامل فلعله يتمثَّل في إعلان مسابقة لمخطط إستراتيجي شامل تحت مسمى «المدينة مدينة المستقبل» لماذا مخطط شامل حتى يمكن العمل على تحقيق مستهدفات رؤية المملكة (2030) والتي تهدف لرفع الطاقة الاستيعابية.. واستضافة 30 مليون معتمر بحلول عام2030.. هنا يتأكد الحاجة والضرورة لمخطط جديد وشامل للمدينة المنورة يحل كل إشكاليات الأحياء السكانية ويربط بين محور المدينة المنورة وهو الحرم النبوي وبين كل جزء من أجزاء المدينة.. قد يقول قائل إن هناك طرقاً موجودة تبدأ من المسجد النبوي لكن هذه الطرق غير كافية والزائر يدرك الحاجة لحرية الحركة وزيادة العدد.. وخصوصاً أن الطاقة الاستيعابية للحرم في تزايد على الرغم من أنها وصلت الآن إلى ما يقرب من مليوني مصل.. هذا العدد بحاجة لخدمات كثيرة - يصعب حصرها في هذا المقال - وخطوط نقل متنوعة تستفيد من مشاريع الطرق السريعة حول منطقة الحرم مثل الطريق الدائري الأول وهو طريق الملك فيصل وتربط الحركة مع الطريق الدائري الثاني والتي كان من أهدافه نقل الحركة من منطقة المحور الحرم إلى مناطق أخرى ولكن الذي حدث أن المراكز التجارية وكثيراً من المصالح نقلت على جوانب الطريق الدائري الثاني وبالتالي زادت امشكلات التي تحتاج إلى حل.. وقد أدركت ذلك بعض المدن العالمية وقامت فعلاً بتغطية الطرق السريعة وتحويل حركة السيارات داخل الأنفاق مع الاستفادة من سقف الطريق كمساحات خضراء ومناطق اتصال بين جوانب الطريق وهذا ما تم تنفيذه أيضاً في بعض أجزاء الطريق الدائري الأول.. والذي أتمنى أن تكتمل تغطيته مع الطريق الدائري الثاني.. لتحقيق الترابط بين أجزاء النسيج العمراني وتسريع الحركة والانتقال..
بدون وجود أسوار.. داخل المدينة.. لعل وعسى..