أحياناً يتعرض بعض الأشخاص لأحداث محبطة، كأن يمر موظفون بحالة من الركود، فلا يكلّفهم رؤساؤهم بمهام جديدة ولا يرشحونهم لنيل ترقيات مرتقبة، وأن يبخل زملاء على أحدهم بودهم وأن يتجنبوا الحديث معه، وكل ذلك قد يكون بسبب افتقاد واحد من أهم عوامل النجاح ألا وهو الجاذبية الشخصية.
الشخص الجذّاب هو من يمتلك شخصية آسرة ساحرة وملهمة للآخرين تأخذ بنواصي قلوبهم وتجبرهم على تقديم المودة والاحترام. والجاذبية الشخصية ليست إحدى الصفات التي يكتسبها المدير أو الموظف بطريقة سحرية وإنما هي عدد من المهارات والعادات التي يمكن تعلمها وتبنيها لاكتساب هذه الجاذبية.
وللجاذبية الشخصية أهمية كبيرة على مستوى العمل والأسرة، فمن فوائدها ومميزاتها أنها تؤدي إلى تقوية العلاقات وتكوينها بطريقة أكثر قرباً وحميمية مع الآخرين، كما تسهم في تكوين التقييم الذاتي والثقة بالنفس، وتساعد القادة على الاضطلاع بكل الأدوار التي تسند إليهم. وأصحاب الشخصية الكاريزمية يتميزون بأنهم أكثر قدرة في التأثير على الآخرين.
ويمكن بناء وتأسيس الجاذبية الشخصية باستعراض الخبرات وإظهار المواهب، وكذلك اكتساب سمعة طيبة والمحافظة عليها، كما أن الثقة بالنفس تؤسس لهذه الجاذبية بشكل غير مباشر، والزعماء لابد أن يدعموا جاذبيتهم الشخصية بمهارات أخرى أقل سحراً وأكثر واقعية مثل التخطيط والتنظيم، فالجاذبية الشخصية قد تسد بعض النقص في مهاراتك أو خبراتك التي تحتاجها لتحقيق أهدافك ولكنها ليست بديلاً عنها.
ولإظهار جاذبيتك يتعين عليك أن تمارس العادات الفكرية التي ترتبط بالأشخاص ذوي الشخصيات الآسرة وأن تتعلم كيف تفكر وتتحدث مثلهم إذ إنهم يضيفون إلى أحاديثهم شيئاً من الحيوية وذلك باستخدام التعبيرات الجديدة وغير المألوفة التي ترسخ بذاكرة المستمعين فيتداولونها ويكررونها بينهم بسعادة وابتهاج. وأكثر من التشبيهات والتعبيرات المجازية في حديثك ليظل حديثك عالقاً بأذهان الآخرين لأطول فترة ممكنة، كما عليك أن توظف بصيرتك فالناس ينجذبون للأشخاص الذين يساعدونهم على فهم ما يختفي وراء الأحداث أو بين السطور. وفكّر بطريقة إيجابية ولا تيأس من النتائج غير المرضية، فلن تكون شخصاً جاذباً ما دمت كثير الشكوى دائم التظلم، لا تكن بارداً فنادراً ما يوصف من يكتمون مشاعرهم بسحر الشخصية، إذا كنت تريد إلهام الآخرين فعليك إظهار عواطفك الجياشة بتلقائية دون أن تسمح لها بالخروج عن سيطرتك. وعبّر عما يجيش في خاطرك. اظهر عواطفك فمن يتمتعون بالشخصية الجاذبة يتقدون حماسةً تجاه العمل الذي يؤدونه.
ويستطيع أي إنسان اكتساب مهارات وسلوكيات الشخصية الآسرة أو الكاريزمية بالإرادة والممارسة، وذلك بتطبيق استراتيجيات عدة تشمل: تنمية الثقة بالنفس فالثقة بالنفس إحدى المكونات الأساسية لسحر الشخصية، وتكوين الرؤى فالزعماء الكاريزميون يعملون على بلورة رؤى واضحة وساحرة لأتباعهم، ومنها كذلك الإيجابية وامتلاك قدر من الحماس والتفاؤل والطاقة، والإحساس فلا تكثر من كلمة (لا) واستبدلها بواسطة كلمة (تقريباً) فالأشخاص الجذابون لا يقدمون ردوداً نهائية في المواقف السلبية لكنهم يفعلون ذلك في المواقف الإيجابية، إضافة إلى إستراتيجية الصراحة مع مراعاة أحاسيس الآخرين، والترويج للذات وتحين الفرص لإظهار المواهب والقدرات، وخوض المخاطر دون تهور أو طيش.
وتؤدي بعض الطرق لتكوين روابط قصيرة وطويلة الأجل بالآخرين بسرعة ودون جهد، ومن ذلك اكتشاف احتياجات الآخرين والتعرف على رغباتهم ودوافعهم، وتقديم النصح لهم عن طريق مساعدتهم على تطوير المهارات والخبرات التي يحتاجون إليها في العمل، خاطب أرواحهم بطرق توقظ الحس الإنساني لديهم، اكسب احترامهم عبر المساواة والعدالة في التعامل معهم، كن بشوشاً فالمصافحة وحدها لا تصنع روابط قوية أو شخصية مؤثرة، وتقبّل النقد واستفد منه، وأخيراً ولكي تبني وتؤسس روابط مع الآخرين عليك الانغماس في عملك بمرح وتوليه جل اهتمامك بحيث تنسى كل ما يحدث حولك، فإن ذلك يحفز الموظفين للتركيز على عملهم. وقم بتوظيف الدعابة والمرح بمهارة فإن ذلك يزيل الحواجز بين الناس بمن فيهم الرؤساء ومرؤوسيهم كما تقضي روح الدعابة على الصراعات وتخفف حدة التوتر وتشجع على رفع الإنتاجية.
** **
تويتر @aboodalzahim