مها محمد الشريف
في ظل التطورات التكنولوجية المتلاحقة، والأزمات الاقتصادية التي تحيط بالعالم جعلت العولمة العالم قرية إلكترونيّة صغيرة تترابط أجزاؤها عن طريق الأقمار الصناعيّة والاتصالات الفضائيّة والقنوات التلفزيونيّة، وتداخلت مع الحريات والقرارات والخصوصيات، فأصبحت المشاكل لها أبعاد عالمية، فالثورة التقنية الكبرى التي يشهدها العالم اليوم عصر رقمي أثرت وسائله على كل شيء دون استثناء، فالإعلام ليس الصحيفة والتلفزيون بل هو وسائل كثيرة جداً ومهنية الإعلام ترتكز على مصداقيته، فقد أصبح له دور مهم في نشر ونقل الأحداث، وهو العين التي ترصد التحولات وتحسب النتائج وتبني الأشكال، في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ومع هذا، يعد الإعلام ثالث أكبر صناعة في العالم بعد صناعة الأسلحة والمواد الكيماوية، ويشكل أيضاً نشاطاً مختلفاً لخدمة الإنسان، فهذه الصناعة تلعب دورها المهم في صياغة الاقتصاد والسياسة والدين وثقافة المجتمع ثم تعيد تصديرها إلى العالم مرة أخرى، كل هذا يشير إلى أن الإعلام يصدر معالم القوة في المجتمعات وما يملك من الأدوات في التأثير على نطاق واسع.
ولا تنحصر مهمة الإعلام على نشر الأخبار والمعلومات والوقائع والأحداث حول العالم فقط، بل للإعلام أيضًا مهام متعددة منها الرأي العام ويحدد عمقه وعي الإنسان الخاص مما يجعل الجميع أمام مسؤوليات كبيرة، فمواصلة الحديث عن أدلة التعريف بالإعلام وأهميته في حياة الإنسان الذي أدرك أن الذات لم يعد بوسعها أن تثني على عزلة الوعي وتختزل الإشكالات نظراً لقدرتها على التعبير عبر وسائل الاتصال، وبذلك استلزم حضور العالم في كل المتغيرات والمسلمات الضمنية، فلم تعد المشاكل بحوثاً معزولة في صناديق حديدية بل أصبح لها مفاتيح ضمن الأطر الاجتماعية وتم تبسيط لغتها وعناصرها، وتحديد كيفية علاجها.
ثم اعترف الفرد تلقائياً بالمعنى الثقافي وصاغ مشكلاته بلغة راقية متجانسة انصهرت فيها الخصوصية وساهمت في وصولها إلى الإعلام وكرست الجهود لنشرها وتركت الخيارات أساساً للمشاركة واعتمدت على تحقيق التواصل بين الناس ونقلها للعالم، انسجاماً مع التقنيات الحديثة مما ألقى بعداً جديدًا، فهل التحديات الاقتصادية في العالم تجاوزت الموضوعية التي تتحكم بالتوازن.
أو اللجوء إلى الوسائل الإعلامية لحل مشاكل يعاني منها جميع دول العالم دون استثناء، أم أن الأغلبية تعبر عن التأثير السحري الذي يغير مجرى الأحداث ودلالة الرموز والرسائل التي يبثها عبر أدواته، فقد أشار الباحثون إلى أن المواقف تجاه وسيلة ما قد لا تتيح استخدام دقيق لتلك الوسيلة، وتدخل في الاعتبار تنوع المضمون ومساحات البث المباشر العشوائية، ونستطيع القول إن وسائل الإعلام الحديثة أتاحت الفرصة لمن أراد أو حاول أن يربط العربة بالنجوم.
لذلك نقول إن للإعلام رسالة نبيلة وعلى المؤسسات الإعلامية أن تتحمل مسؤوليتها في نشر الوعي، ويجب توظيفها في تحقيق الأهداف والغايات ويأخذ بعين الاعتبار النتائج المتوقعة للأحداث، فالنجاحات الدائمة يتوجب التحضير لها، لأن هيمنة الغايات تتمزق بافتعال الأزمات والصراعات والتنافس المحموم.