خالد بن حمد المالك
مشاهد تدمي القلب في آثار الزلزال في كل من تركيا وسوريا، وتمس مشاعر الإنسان في الصميم، وتعجز عن حبس الدموع في المآقي، فهذا يتم إنقاذه في مشهد مؤثر، وذاك يخرج ميتاً، وآخر مصاباً، ومع كل حالة وُجدت كان الحزن هو سيد الموقف، فالقتلى بالآلاف، ومثلهم المصابون، وكذلك من تم إنقاذهم.
* *
لا أتصور كيف سيكون موقف من فقد أحداً من أسرته، وحالة الناس بوفاة أسرة بكامل أفرادها، وماذا عن مصير المفقودين تحت الركام، وعن ساعات الانتظار لدى من ينتظر خبراً عن أحبائه وأهله، بينما لا يعرف عن مصيرهم إلى اليوم، هكذا هي الصورة أمامي، فالناس في هلع، الناس في وضع لا يحسدون عليه.
* *
في سوريا، كما في تركيا، كانت الكارثة أكبر من أن تُستوعب، أو يتم احتواؤها بأقل الأضرار، والأسوأ أن الهزة جاءت في ظروف مناخية قاسية، والتدمير شمل مساحة وأعداداً كبيرة من المباني المأهولة، بما لا حول للدولتين ولا قوة لإنقاذ الآلاف من المواطنين وغير المواطنين الذين يقيمون في تركيا وسوريا.
* *
لقد تبرعت الدول، وتسابقت على تقديم العون لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن الوقت كان أسرع من وصول هذه المساعدات، مما يقلل الفرص أمام المزيد من الناجين في ظل إمكانات متواضعة لإنقاذ من هم تحت الركام، خاصة مع قوة وتأثير هذا الزلزال الذي ضرب تركيا وامتد إلى سوريا بنفس القوة والعنف.
* *
وكعادة المملكة في مواقفها الإنسانية فقد أسرعت بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتسيير جسر جوي وتقديم مساعدات صحية وإيوائية وغذائية ولوجستية للشعبين السوري والتركي، كما وجَّها بتنظيم حملة شعبية عبر منصة (ساهم) لمساعدة ضحايا الزلزال، ما يعني التأكيد على وقوف المملكة ومساندتها في هذا الحدث المؤلم.
* *
إننا نتضامن مع الدولتين المنكوبتين، ونتعاطف مع أسر القتلى والمصابين، وندعو بالرحمة لمن لاقى حتفه، والشفاء العاجل لمن كانوا بين المصابين، والأمل في تحقيق المزيد من النجاح في إنقاذ ممن هم لا زالوا تحت الركام، فهذه مأساة بحق، يدركها من ليس له أحد بين هؤلاء، فكيف من فقد خاصيته من الأهل، والأقرباء، والأحباب، بل كيف لمن فقد كل أسرته في هذا اليوم الحزين.