رمضان جريدي العنزي
في لحظة عين وفي ثوان معدودة تغير الحال وتبدل، فجأة ذهبت النفس والأهل والبيت والمال، رجت الأرض وتزلزلت، هاجت وماجت، ضج الناس وأصابهم الخوف والرعب والهلع، صياح وعويل وبكاء، دعاء واستغاثة، قلوب راجفة، ونفوس واجفة، بيوت تتهاوى، طرق تتصدع، سدود عظيمة تتكسر، سيارات تنقلب رأساً على عقب، ما كان فوق الأرض، أصبح تحتها، الناس في إشفاق وإملاق من هول الزلزال وعظمته، أزف الزلزال ووقع بواقعته المهيبة، أصبح الناس في كرب شديد، يتقلبون بين خوف ورجاء، ووجل ودعاء، قلق وتوتر، ارتعاد في الجوارح، ونظر باضطراب وهول، صياح عال يدوي صداه في الفضاء، الأبنية دكت، المياه تسربت، السماء تلبدت بالأغبرة، الكل مشغول بمصيبته، اشتد الكرب وأخذ الناس يركضون ركضاً هنا وهناك، والقلوب لدى الحناجر كاظمين، ضاعت وقتها الشهوات والملهيات والغفلة والسبات، وكأنه يوم القيامة، يوم الصاخة والقارعة والطامة، يوم الزلزلة والآزفة والحاقة، والخطب الجسيم، والأمر العظيم، واليوم الطويل، ذلك اليوم الذي تبلى فيه السرائر، وتنكشف فيه الأعمال والخبايا، ولا يخفى على الله فيه خافية وإن كانت أدنى من مثقال ذرة، وعلينا أن نتعظ ونعتبر من مجريات الأحداث ومشاهد الكوارث أمامنا، فوالله ورب السماء والأرض، ليخرج الناس من قبورهم، ويحشرون إلى ربهم، ويحاسبون على أعمالهم، وليجزينهم الله بما عملوا وفعلوا وصنعوا، على الكثير والقليل، والنقير والقمطير، وذلك على الله يسير، علينا أن نتذكر ذلك اليوم المهول الذي تشيب فيه الرؤوس، الناس فيه حفاة عراة، والأبصار شاخصة، والشمس من الرؤوس دانية، من هوله تتفطّر القلوب والأكباد، حتى المرضعة تذهل عن رضيعها، وذات الحمل تضع حملها، والمرء يفر من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، والناس فيه كأنهم سكارى وما هم بسكارى، كل مشغول بهمه وشأنه وأمره، اللهم أيقظنا من رقدات الغفلة، ووفقنا للتوبة قبل انتهاء المهلة، اللهم أمن يوم الحشر خوفنا، وثبت على الصراط أقدامنا، وثقل ميزاننا، ويسر حسابنا، ويمن كتابنا، وأدخلنا الجنة، وزحزحنا عن النار، وارزقنا النظر إلى وجهك الكريم، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم احفظنا قائمين، واحفظنا قاعدين، واحفظنا نائمين، واحفظ بلادنا من شر الحاقدين الحاسدين المتربصين والطامعين والمغرضين ومن شر الأشرار وكيد الفجار، وأدم علينا نعمة الأمن والأمان وجميل الحال في كل الأحوال.