تطل علينا في الثاني والعشرين من شهر فبراير كل عام ذكرى محببة إلى قلوب كل السعوديين، بل كل محبي أرض الحرمين الشريفين، وكل محبي تاريخ وتراث الجزيرة العربية، ألا وهي ذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود في فبراير 1727م.
إن احتفالنا بهذا اليوم التاريخي المميز هو اعتزاز بالجذور العميقة لوطننا الغالي والأعمدة الراسخة والركائز المتينة لهذه الدولة المباركة، وهو تجسيد لارتباط المواطن السعودي الوثيق بقياداته التاريخية منذ التأسيس وحتى يومنا هذا وإلى ما شاء الله.
ومنذ تأسيس الدولة السعودية الأولى التي استمرت حتى عام 1818م وعاصمتها الدرعية ظلت الشريعة الإسلامية هي منطلق الحكم والمظلة الشرعية للدولة، وكانت بداية تكوين الكيان السياسي وبداية عهد الأمن والاستقرار بعد قرون من الفرقة والشتات والحروب والتفتيت في الجزيرة العربية، حيث ولدت الدولة قوية وفتية واستندت على فكر عميق وأهداف سامية، فاستطاعت التصدي لكل محاولات وأدها والقضاء عليها في مهدها، وبعد سنوات قليلة من نهايتها تأسست الدولة السعودية الثانية بقيادة الإمام تركي بن عبدالله التي استمرت حتى 1891م، وبعدها بعشر سنوات أسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود الدولة السعودية الثالثة ووحَّدها باسم المملكة العربية السعودية، دولة قوية مهابة دستورها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ووحَّد كل المناطق والقبائل، ووضع لبنات البناء الأساسية للأرض والإنسان، وجعل مستقبل ازدهار المملكة والارتقاء بالمواطن نصب عينيه - رحمه الله- وسار أبناؤه الملوك من بعده على نهجه في تعزيز بناء الدولة الحديثة وركائزها الأساسية هي الوحدة والأمن واللحمة الوطنية والتعليم والصحة حتى هذا العهد الزاهر الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
إن البطولات والتضحيات التي بذلت منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى وحتى قيام المملكة العربية السعودية هي الحافز والدافع لأبناء الوطن أن يفتخروا ويعتزوا بهذا الكيان الكبير ويتحدوا خلف قيادتهم الرشيدة ويقدموا دماءهم وأرواحهم فداءً لهذا الوطن الغالي.
إن يوم التأسيس هو رمز لقوة الدولة وصمودها في وجه التحديات وفي الدفاع عن كيانها وحدودها أمام الطامعين وكذلك القدرة على الاستمرار في عدة مراحل وصولاً إلى قيام المملكة العربية السعودية، وثبات رهانها على الوحدة الوطنية وعلى الإنسان السعودي الذي يفخر ويعتز ويحمد الله على الإنجازات العديدة التي تمت منذ قيام المملكة حتى يومنا هذا الذي يشهد أكبر طفرة تنموية واستثمارية في تاريخ المملكة انطلاقاً من رؤية 2030 وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين ومتابعة وفكر ومبادرات وإستراتيجيات سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، - حفظهما الله.
وهذه الفرحة والابتهاج والاحتفال بهذا اليوم التاريخي المفصلي في مسيرة المملكة العربية السعودية لهو تعبير عن مشاعر الحب والانتماء الذي يحمله كل مواطن لهذا البلد الأمين، مؤكدين لحمة القيادة والمواطنين وهذا هو الرهان الحقيقي للحفاظ على الوطن وبناء مستقبله.
أعاد الله علينا مناسباتنا السعيدة وبلادنا ترفل في ثياب العز والمنعة والقوة والازدهار والأمن والاستقرار والرخاء، تحت ظل قيادتنا الرشيدة - أيدها الله وحفظها ورعاها.
** **
- الدكتور حمد بن دباس السويلم