أحمد الدليان
يبقى الحب للوطن، خالداً لا يتبدل ولا يذبل مع تقادم الزمن، فهو حب نتنفس هواه وشجرة نتفيّأ تحت ظلالها الوارفة، لوطن له إرث عريق وعميق ضارب في أطناب الجزيرة العربية، وتاريخ مجيد يمتد لثلاثة قرون يضرب بجذوره في أعماق الأرض، فأراد الله عزّ وجلَّ خيراً بهذه البلاد المترامية الأطراف، بتهيئة الرجال الأوفياء الأشداء لتحمّل المسؤولية، وتسخير لهم مقومات تأسيس دولة على أسس راسخة، واستقلال سياسي، واستقرار اجتماعي، لتحظى الدرعية بشرف اختيارها عاصمةً أولى.
بعد مرور ثلاثة قرون من تأسيس الدولة السعودية الأولى، نعيش في أعلى درجات الحب والفخر، نحتفل بذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى، الذي يوافق اليوم الثاني والعشرين من فبراير، هذا اليوم الذي نعتز فيه بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة وارتباط مواطنيها الوثيق بقادتها منذ عهد الإمام المؤسس قبل ثلاثة قرون، وحتى يومنا هذا، مما يؤكد روح الانتماء لهذا الوطن العزيز الذي نعيش فيه قمة المجد والتطور من «يوم بدينا» بفضل من الله تعالى، ومن ثم حرص ولاة أمرنا على استكمال ما بدأه الأئمة والملوك الذين تتابعوا على حكم هذه الأرض المباركة.
حيث شهدت بلادنا في عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين -حفظهما- نهضة حضارية وتنموية شاملة وضعتها في مصاف الدول المتقدمة في العديد من المجالات في ظل عملية التطوير والتحديث التي تمر بهما بلادنا تماشياً مع رؤية المملكة 2030.
فأصبحت هذه الذكرى احتفالاً واحتفاءً بتاريخ تأسيس وانطلاق السعودية العظمى الضاربة جذورها في أعماق التاريخ، حيث ستبقى هذه الذكرى مناسبة وطنية متجددة يحتفل بها شعبنا السعودي، مجددين بها العهد والوفاء واستمرار وإصرار للبيعة المباركة، بالتمكين الرباني، والتآلف الإنساني، والترابط الاجتماعي التي ضربت للأبناء والأحفاد أبلغ الأمثلة وأصدق المشاعر الجيّاشة في التلاحم.
وسيظل يوم التأسيس مناسبة وطنية متجددة، نستدعي من خلالها العمق التاريخي لوطننا الغالي، ونجدد فيه العهد والبيعة بالوفاء للكيان الذي أمّن بفضل الله من خوف، وأغنى بعد عَيلة، ومكّن لنا ديننا ودنيانا تحت راية الإسلام الخالدة.