رقية سليمان الهويريني
يتمدد ويطول بعيداً عن قياسات الأطوال، بيد أنه لا ينحني.
يكبر دون أن يشيخ, يتضخم بشموخ، دون تورم. فالتورم ما هو إلا تكبر، ولم يُعرف عن الأستاذ خالد هذه الصفة مطلقاً.
عرفته رئيساً للتحرير وأنا تلميذة في المرحلة المتوسطة أسطِّر ردوداً تغلب عليها المثالية في صفحة عزيزتي الجزيرة، وأتكلف السجع كـ(قناني العطر وقناني الحبر) ومنذ تلك الفترة وحتى الكتابة حالياً عبر عمود (المنشود) وأنا أشعر بالانتماء إلى الجزيرة (الصحيفة) كما أنتمي مكاناً ووجداناً لجزيرتنا العربية الشامخة.
كان الأستاذ خالد المالك آنذاك يشكل نموذجاً مثالياً، ولم أكن أتوقع يومها أن يجري بيني وبينه حديثٌ تطيش فيه سهامي الحماسية حول الكتابة الاجتماعية، فيردها بعقله الحكيم وقلبه الرحيم, وكثيراً ما جنبني خالد المالك - الأخ - اللوم والانتقاد الحاد من المجتمع، ذلك اللوم الذي قد يكون موجعاً.
أبعدني خالد المالك - الرئيس - عن مزالق في الكتابة قد لا أدرك عواقبها، وفي الوقت ذاته دفعني - بلطف - نحو التجديد ومواءمة الواقع، والإصرار على الحيادية والاحترافية.
أجادله في سطور مقالةٍ أرى أهميتها ولكنه قد لا يجد مناسبتها لمقتضى الحال, وعلى الرغم من ذلك فكثيراً ما أجاز مقالة تحمل نقداً حادا- في محله - لجهازٍ حكومي أو قطاعٍ خاص, وهذا ديدنه مع جميع الزملاء.
خالد المالك الأستاذ الذي حمل هذا اللقب بكدٍّ وعرق ومكابدة مع وجود تدخلاتٍ كانت تهدف إلى إعاقته وتأخير عجلة التنمية في بلدي, ولكنه يحمل إصراراً عجيباً، وعزماً أكيداً.
على الرغم من العقبات التي واجهته إلا أنه يسير غير آبه لمن قد يسيء فهمه. فهو يراعي ربه أولاً ويبتعد عن الإثارة ثانياً وثالثاً وعاشراً, فما أسوأ صحافة الإثارة، وما أحسن السياسة والدبلوماسية مع أشخاص ومؤسسات يجمعهم بلد واحد وتفرقهم اتجاهات مختلفة، فهم أطياف متعددة من الأفكار والمناهج.
وحين تم تكريمه الأسبوع الماضي (شخصية العام الإعلامية) منتدى الإعلام السعودي بعد أسابيع من تكريمه (شخصية العام الإعلامية) في منتدى دبي شعرت بالزهو والفخر والاعتزاز لانتسابي إلى منظومة محترمة يقودها ربان تحمل روحه التجديد والحيادية، عدا عن الطابع المتزن الذي تتسم به شخصية المالك بقامته الإعلامية وتعامله الإنساني النبيل مع فريقه التحريري والإداري وحرصه على مشاركتهم أفراحهم وأحزانهم.
مبروك لربان سفينتنا التكريم المستحق الذي يليق به، وتحية مقرونة بالامتنان على ما حظيت به صحيفة الجزيرة في رئاسته من مكانة عالية ومنزلة رفيعة.