إيمان الدبيّان
سِرٌّ وعلنٌ، على مَرِّ الزمن، عامٌ وخاصٌّ، ليكون الاختصاص، ظاهراً ومخفيّاً في المُفرح والمُبكي، هكذا هي أمور البشر ليس كل ما يُعلَم يقال، ولا يجب أن يعرف الآخرون كل حال، وهنا ثقافة الخصوصية الغائبة عند البعض، والمقبولة عند آخرين على مضض.
الخصوصية ليست مقتصرة على العوائل أو السيدات وإنما حتى في التعامل بين الأصدقاء والصديقات، والقريبين والقريبات والأزواج والأبناء والبنات، فهناك مساحة خاصة لكل إنسان لا يقبل من أحد أن يقتحمها، ولا يريد أن يفصح عنها إما خجلاً منها، أو اختلافاً عن الآخرين لن يربح بها، أو أهدافاً يسعى لها، تختلف الدوافع لاختلاف المنافع، وتبقى الحرية الخاصة التي يجب أن تحترم طالما أنها لا تطغى على خصوصيات الآخرين.
تكمن ذروة احترام خصوصية الآخرين عندما تكون من الأقوى نحو الأضعف كاحترام خصوصية العاملات والخادمات، واحترام الآباء والأمهات لخصوصيات أولادهم الشباب والشابات، ويكمن جمالها عندما تكون ثقافة وطقوساً من طُقُوسِ الحياة، فلا تدخل في شؤون الناس، مع احترام المشاعر والإحساس، دون طرح أسئلة دفينة، أو طلب تفاصيل سمينة عن أمور مادية، أو مواقف حياتية، وربما تحولات جذرية، فما الفائدة من معرفة السبب في عدم زواج فلان رغم صفاته الثرية؟ وما الأهمية في الوصول إلى حكايات شخصية؟
ثقافة الخصوصية شاملة كل مجالات الإنسانية وأهمها الدينية، نعم نحن أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؛ ولكننا أيضاً أمة نُهيت عن التجسس والتتبع، والاستشراف بتوسع، فالبعض للأسف يرصد تحركات الآخرين باحترافية تكاد تكون أكثر دقة من مراصد الزلازل وأبلغ من فلكي يخبرك بالطقس مضمناً الدلائل، ليفوز بسبق الحكاية ونشر الشائعة أو شبه الحقيقة بشيء من الدعاية.
ثقافة الخصوصية ليست مع الآخرين فقط وإنما حتى مع الذات والنفس هناك احترام، احترام لخصوصية الأنا والفكر والمزاج مع عدم الإخلال بالالتزام؛ لذا كان مقالي هذا احتراماً لخصوصية قلمي وفكري وروحي ومزاجي في عدم الخوض بموضوع معين، فكان الحديث عن هذه الثقافة بشيء من الخصوصية.