عبدالوهاب الفايز
منتدى الرياض الدولي الإنساني الثالث..
والمنتدى الإعلامي العربي في دورته الثانية، عقدا في يومين، وكانا حدثين كبيرين في الحضور، وفي الدلالات والمعاني. وانعقادهما الأسبوع الماضي في يوم واحد أوجد لنا أزمة حضور، وتزامن المناسبتين وحضورهما في عاصمة بلادنا تجعلنا نتذكر أمرين يعتز بهما كل سعودي، وهو: الريادة في الأعمال الإنسانية.
نحمد الله الذي مكّن لبلادنا السبل والموارد لتكون رائدة العمل الإنساني والخيري في العالم العربي. بلادنا قدمت مليارات الدولارات من المساعدات التنموية، وفتحت أبوابها لأبناء الدول العربية ليشاركوا إخوانهم جهود بناء بلادنا، ولكي يستفيدوا من الثروة ويفيدوا اقتصاد بلادهم. والوجه الإنساني نراه أيضاً في المجال الإعلامي على وجه التحديد، فقد كانت السعودية، ومازالت، هي رائدة المشاريع الإعلامية العربية الكبرى حيث فتحت المجال لكل الإعلاميين العرب ليساهموا في بنائها وإدارتها.. ومازالوا يستفيدون من خيراتها.
في أيام وليالي المنتدى تجددت فرص التعارف وتبادل الخبرات، فمن أبرز إيجابيات المنتدى اللقاءات الإعلامية الجانبية والخاصة التي تجمع الزملاء من مختلف الدول العربية، والتعارف والتشبيك يعد من أبرز أهداف المنتديات والمؤتمرات. وكان المنتدى فرصة لأن يكون بيننا الأستاذ الكبير سمير عطالله، فقد كان حضوره إضافة خاصة، وأسعدنا رؤية جميع الإعلاميين العرب يبحثون عنه ويلتفون حوله، وهذه خصلة وفاء ونبل يستحقها الأستاذ الكبير الذي ظل مخلصًا للمهنة ولم يبدل مواقفه المستقلة المحايدة التي جعلته يقف على مسافة واحدة من القضايا ومن البشر، وظل محبًّا ووفيًّا للسعودية، قيادة وشعبًا.
كما أسعدنا المنتدى باستمرار تقديم جائزة الملتقى وهي رمزٌ للوفاء والعرفان الذي يستحقه الإعلاميون السعوديون، وكل الأسماء التي تم تكريمها تستحق هذا التكريم ولديها التاريخ الحافل بالإنجازات، ولديها ملامح التعب في المهنة.
وكما أسعدنا في الدورة الأولى للمنتدى تكريم الشيخ جميل الحجيلان بمنحه (شخصية العام الإعلامية)، أسعدنا جميعاً كإعلاميين سعوديين هذا العام تكريم الأستاذ خالد المالك في بلاده وفي هذا المنتدى وبين أهله وزملائه وأصدقائه وكل محبيه بمنحه هذه الجائزة.
وهذا التكريم يأتي بعد منحه في دولة الإمارات جائزة شخصية العام الإعلامية خلال حفل توزيع جائزة الإعلام العربي بدورتها الـ 21، أكتوبر الماضي 2022م. وقبلها في سبتمبر منحه المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في جمهورية مصر العربية (جائزة الرواد)، في احتفالية نظمها المجلس بمناسبة اجتماعات وزراء الإعلام العرب، وبحضور الوزراء والوفود المشاركة في الاجتماعات وكبار الصحفيين والإعلاميين المصريين والعرب.
وتقديم التقدير والوفاء الرمزي لقيادات الفكر والثقافة والإعلام سنة حسنة لم تنقطع في بلادنا، والوفاء لجيل الرواد في كل مجال خصلة نبيلة وواجب تقديراً لما قدموه في رحلة بلادنا الصعبة في البناء والتعمير وقيادة المشاريع التنموية ورعاية المواهب الشابة وتهيئة الفرصة لهم للترقي العلمي والوظيفي.
أما الجانب الإنساني فقد برز واضحاً في (منتدى الرياض الإنساني) من خلال نوعية المشاركة للقيادات السياسية والاقتصادية والدولية العاملة في المجالات الإنسانية من أغلب دول العالم، وهذا الحضور النوعي يعكس دور المملكة الإنساني والإغاثي وأياديها البيضاء التي شملت أنحاء المعمورة؛ فحجم المساعدات السعودية في العقود الماضية بلغ 95 مليار دولار أمريكي، استفادت منها 160 دولة حول العالم.
وبدايات العمل الإغاثي السعودي تعود إلى عام 1950م حيث قدمت مساعداتٍ إنسانية دولية لضحايا فيضانات البنجاب، وفي عام 1974م أنشأت المملكة الصندوق السعودي للتنمية لتحفيز النمو الاقتصادي في الدول النامية حيث وصل خلال 4 سنوات إلى 55 دولة.
وحققت المساعدات السعودية نقلة نوعية جديدة مع تأسيس مركز الملك سلمان للإغاثة عام 2015م، ليكون الذراع الإنساني للمملكة والجهة الوحيدة المخولة لتسليم مساعدات المملكة للخارج، ومشاريع المركز الإنسانية والإغاثية تتجاوز الألفي مشروع في 86 دولة بالتعاون مع 175 شريكًا دوليًّا وإقليميًّا ومحليًّا، بقيمة تجاوزت الـ 6 مليارات دولار أمريكي، ولليمن النصيب الأوفر منها، وتشمل مختلف قطاعات العمل الإنساني مثل: التعليم والصحة والتغذية والإيواء والتطوع والحماية والمياه والإصحاح البيئي والاتصالات في حالات الطوارئ والخدمات اللوجستية وغيرها.
ولا ننسى الوجه الإنساني المشرق للسعودية وهو البرنامج السعودي لفصل التوائم السيامية الذي وضع بلادنا في قائمة المراجع الدولية في هذا المجال الطبي الصعب والمكلف حيث استطاع منذ إنشائه دراسة 125 حالة حتى الآن من 23 دولة في 3 قارات حول العالم، وإجراء 54 عملية جراحية لفصل توأم سيامي وطفيلي.
سوف تظل بلادنا رائدة العمل الخيري والإنساني مهما كانت الظروف والتحديات، في مختلف المجالات، ونتطلع إلى مثل هذه المنتديات الدولية والعربية المتخصصة، ليس لأجل أن نقول إننا نقدم ونساعد فهذا ليس من شيمنا وأخلاقنا، بل نحتاجها حتى تساعدنا على تطوير تجربتنا لتعميق وتوسيع الأثر الخيري الإنساني للمساعدات، ويبقى القول: كل التقدير والشكر لمن تعب وبادر لتنظيم المنتديين.