د.عبدالعزيز الجار الله
السياحة هي المورد الاقتصادي الغزير للأجيال القادمة متى ما قرَّرنا أن ندخل فعلاً في مرحلة ما بعد النفط، وأن لا نربط التنمية بعوائد النفط، فالاقتصاد العالمي ما زال ممسكاً بحلول النفط والغاز، رغم مؤشرات البدائل التي تطرح بين الحين والآخر، يطرح الآن بدائل النفط من طاقة أخرى مثل الرياح وتوسع في الاستثمارات والسياحة وهي أي السياحة تعتبر القوة المبطنة والتي تملك مقوماتها المملكة.
طروحات السياحة عديدة
وغنية بالمرتكزات الاقتصادية، لدينا محاور كثر: الآثار والمتاحف، والتاريخ العربي والإسلامي، السيرة النبوية وأماكنها وجغرافيتها، تنوع البيئات والتباين فيما بينها، أنماط الحياة وأسلوب المعيشة، تعدد الأقاليم وتنوع الثقافات المحلية.
من المشروعات المطروحة اليوم هي: تنمية القرى التاريخية والتراثية. ويمكن إضافة قرى أخرى التي يتم تصنيفها حسب الوظيفة مثل: القرى الريفية، والزراعية، والرعوية، والساحلية البحرية، وقرى الجبال والهضاب والأودية، وقرى الرمال.
وتحويلها إلى مشروعات سياحية للاستجمام والترفية والتثقيف، تشمل الإيواء والأكل والطبخ والمقاهي التي تنتج عنها ما يعرف باسم سياحة الطبخ. فالقرى التاريخية والتراثية والقرى الأخرى هي فكرة استثمارية لتحويل مكان وإقامة الأجداد إلى مورد اقتصادي له عوائده المالية، وفتح فرص العمل لأبناء المناطق النائية، وتدوير الاقتصاد في المجتمع الريفي.
لكننا سنصطدم بالتمويل والصرف على المشروع وهذا معوق كبير لأصحاب القرى السياحية.
المملكة تزخر بأنماط من القرى التي يمكن تحويلها إلى منتجعات يفد إليها سياح الداخل والخارج، وهي ما زال بعضها محافظاً على نمطيته تاريخيته وريفه، لم تؤثّر على طرازه المعماري التحولات التي مرّت بها المملكة من تنمية وما يُعرف بالطفرات الاقتصادية، الدورة الاقتصادية الأولى 1975، والدورة الاقتصادية الثانية 2003م، صحيح أننا فقدنا كثيراً من القرى التراثية، لكن ما زال بعضها قائماً ويمكن توظيفه لغرض السياحة، مع تعديلات في بعض الإنشاءات مع المحافظة على روح وأصالة التراث.
كما أن بلادنا تمتلك أنماطاً وطرزاً متعددة من القرى التاريخية، لها سمات مختلفة حسب بيئتها وجغرافية المكان، ومن أمثلة البيئات:
- بيئة البحر الأحمر التي تضم الجزر وقرى الساحل التي تميزت بالصيد، كذلك سهل تهامة الممتد من جازان جنوباً حتى تبوك شمالاً.
- بيئة جبال المرتفعات الغربية، تضم قرى الجبال: السروات والحجاز ومدين، وبيئة الحرات البركانية التي تشكلت بفعل ثورات بركانية قديمة قبل ملايين السنين، وعلى هذا النمط باقي بيئات المملكة: بيئة الهضاب الشرقية مثل نجد ونجران، وبيئة الرمال الربع الخالي والنفود الكبير، وجبال طويق وبيئة سواحل الخليج العربي.