رسالة إلى صديقي العزيز
آخر ما يُفكرُ فيه لدينا بعض العرب الوعي بثقافة القانون، والعمل على تحقيق سيادة القانون، فالكل يجتهد في التحايل على القوانين والأنظمة المنظمة لشؤون الحياة...
للأسف آخر ما يُفكر فيه على المستوى الرسمي وقبل كل ذلك أيضا على المستوى الشعبي هو فرض سيادة القانون على الجميع أفراداً ومؤسسات، لغياب أو ضعف مفهوم الوطن والمواطنة في وعينا وثقافتنا. وما يترتب على هذا المفهوم من حقوق وواجبات للفرد والمجتمع والدولة ومؤسساتها..
يبدو في تكويننا المجتمعي الثقافي والفلسفي العربي ولا أعمم، أننا ننحو نحو حالة السيبة والفوضى ونشتاق إليهما وإلى اللا حكم الرشيد، قال الشاعر (لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم.. ولا سراة لهم ان جهالهم سادوا).. نسعي إلى اللا قانون، كأنها سمات للكل للفرد العربي وللعقل العربي..
لذا أنتجنا بعض مجتمعات عربية غير ناجحة بل فاشلة ودول عربية غير ناجحة بل قد تصل إلى درجة الفشل على مدى قرن من الزمن الذي أتيح فيه للعرب بناء مجتمعاتهم ودولهم العتيدة...
يا صديقي العزيز..
المشكلة فعلا إذا فينا، تبدأ منذ الولادة والنشأة والتربية والتعليم، حيث فيهن توضع أساسات الوعي والثقافة وعندها يتم غرس التناقضات في وعينا التي ستحكم الفرد منا والمجتمع بكامله مستقبلا..
لذلك نستهون ونستسهل أكل حقوق الولايا (النساء) رغم التحريم القطعي فيها ولها قانونا ودينا.. كما نستسهل أكل حقوق البسطاء والضعفاء بيننا ونعتبرها فناً وشطارة...
إننا نعيش حالة من الانفصام بين تعاليم الدين والتدين.. وبين احترام القانون وعدم الالتزام به، والسعي إلى اللا قانون لحل كثير من القضايا والإشكالات التي تواجهنا، ونعاني حالة الانفصام بين السلوك السيء وسلوك الأخلاق والالتزام بها...
التناقض إذا يعيش في دواخلنا..
لأننا نملك وعياً نظرياً يناقض ما هو في دواخلنا وبين ممارساتنا الفعلية والعملية..
عبثاً أن نتغنى بالقانون وسيادته والتحلي بالأخلاق الحميدة والتمسك بها وبالدين وفي دواخل بعضنا ما يناقض كل ذلك...
نرفض الألتزام بأحكام الدين ومقتضيات القانون ونتجاوز عما لا يجوز التجاوز عنه ونتشدد في الصغائر ونتهاون في الكبائر..!
هل يمكن أن يصلح الفرد ومن بعده المجتمع ونحن على هذه الحالة وهذه الصفات والتناقضات.
أجمل تحياتي لكم أيها الصديق الرائع والغيور على وعي شعبه وأمته ودولته.
دمت صديقي بخير شامخا بعز الفكرة وشموخها..