بمزيدٍ من الألم والحزن فجعت محافظة الرس خلال شهرين متقاربين في هذا العام بوفاة ثلاثة من رجال التعليم الأوائل في الرس الذين لهم خبرة طويلة في مجال التربية والتعليم, ومن لهم دور في إرساء حمل رسالة التعليم النظامي مع بداية أول افتتاح للمدارس الابتدائية في كافة مناطق المملكة, بافتتاح المدرسة السعودية بعدها بسنوات تم افتتاح المدرسة الفيصلية, ثم العديد من المدارس في مختلف المراحل, بتواجد نخبة من المدرسين الأكفاء كان فراقهم مؤثراً من الأهالي عامة والأسرة التعليمية خاصة, وبالفعل تم توديعهم وتشييعهم والصلاة عليهم في جامع الشايع.وسوف نتطرق بالحديث عن كل واحد من هؤلاء القادة المعلمين وبشكل مختصر عن مسيرتهم التعليمية والتربوية خاصة أثناء هذه الرسالة التعليمية والتربوية في هذه المهمة التي تعتبر من أهم الأعمال التي حث عليها القرآن الكريم والسنة النبوية..ونعود للحديث عن أول الذين ودعناهم إلى الدار الآخرة حسب ترتيب وفاتهم رحمهم الله..
أولاً الشيخ عبد الله بن عبد العزيز الغفيلي الذي كان فراقه بحزن وألم من الجميع وخاصة من عائلة الغفيلي المعروفة والتي كثير من أبنائهم الذين يخدمون في التعليم حتى وقتنا الحالي والفقيد توفي بعد معاناة مع المرض في سنواته الأخيرة وهو من مواليد الرس عام 1357هـ ونشأ في أسرة تعليمية على يد عدد من المشايخ وطلاب العلم كانت بداية عمله وكيلاً لمدرسة الحوطة الابتدائية بالرس بعدها انتقل إلى مدرسة موسى بن نصير الابتدائية وكان آخر عمل له في ثانوية الرس حتى أحيل للتقاعد وكان طوال عمله مخلصاً في أداء هذه الرسالة بكل همة ونشاط تخرج على يديه العديد من الطلاب الذين تخرجوا من الجامعات في مختلف التخصصات.
فقيدنا الثاني عبد العزيز إبراهيم الفجحان.. أحد المعلمين القدامى الذين كانت جهودهم ملموسة في هذه المهنة كمدرس ومراقب في المدرسة المحمدية الابتدائية في بداية افتتاحها وهي ثالث مدرسة تم افتتاحها في الرس ثم عين وكيلاً لها، كان حاضراً بتخريج أول دفعة من المدرسة عام 1480هـ وكنت أنا من ضمن هذه الدفعة..
وفقيدنا الغالي كان ممن اهتم في تأسيس الحركة الرياضية والشبابية عن طريق نادي الحزم وكان أحد أعضاء مجلس الإدارة في ذاك الزمن وكان متواصلاً ومحباً مع أقاربه وجيرانه وزملائه حتى وهو يعاني من المرض في سنواته الأخيرة مما تأثر الجميع لفراقه والدعاء له بالمغفرة والرحمة..
أما آخر من فقدناهم فهو المعلم والمربي علي بن عبد الله الفلاح الذي أمضى حياته العملية التربوية والتعليمية على مدى أكثر من أربعين عاماً بكل نشاط وحيوية كانت بداية عمله مدرساً متنقلاً بين القرى التابعة لمحافظة الرس حتى استقر به المقام داخل الرس قريباً من أهله وأسرته في عدد من المدارس الابتدائية, وكان له تعامل خاص في أداء رسالته التعليمية وسرعة تقبل الطلاب لسهولة إلقاء مواده وتوصيل المعلومة لهم والفائدة منها.والفقيد محب لزملائه وأقاربه يتصف بالأخلاق الحميدة ورحابة الصدر وطوال أربعين عاماً كان مجلسه في منزله يستقبل الزملاء والأصدقاء والأقارب كل يوم سبت من الساعة العاشرة صباحاً ويومي الأحد والثلاثاء عصراً ولم ينقطع عن استقبال ضيوفه إلا في بعض الظروف وخاصة ما حصل له من المرض والذي زاد شدته حتى توفاه الله، وكان يزين مجلسه لوحة تحث الجميع على تجنب الغيبة والنميمة والفائدة من الجلسة في الكلام السليم.
لم يمهله المرض طويلاً وكان ذاهباً للرياض للمراجعة عند أحد الأطباء ولكنه اشتد به المرض وتوفاه الله وتم نقل جثمانه إلى مسقط رأسه الرس حسب توصيته رحمه الله وتم الصلاة عليه وتشييعه ودفنه في مقبرة الرس بحضور عدد كبير من محبيه وأقاربه ودعواتهم له بالمغفرة والرحمة وأن يسكنه فسيح جناته {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
منصور بن محمد الحمود - الرس