حاوره - علي بن سعد القحطاني:
شب منذ طفولته على حبّ بالثقافة والأدب والشعر العربي تأثراً بوالده وأخيه اللذين كان لهما دور كبير في تعزيز حبه واهتمامه بالأدب، التقت «الثقافية» بالشاعر عبدالعزيز بن سعود البابطين، وتحدث عن اهتمام مؤسسته بالشعر العربي الذي أنشأها منذ أكثر من أربعة عقود واحتفائه بالشعر جمعاً ودراسة، كما قام بإنشاء كراسي الثقافة العربية في أكثر من خمسين جامعة عربية وفي كثير من الجامعات الأوروبية والإفريقية والآسيوية لتعليم اللغة العربية ونشر الثقافة العربية الأصيلة ويرى الشاعر عبدالعزيز بن سعود البابطين أن الشعر هو ديوان العرب وذاكرة أمجادها وأيامها الباهرة، وهو -أيضًا- صوتها المعبر عن هويتها وشخصيتها الحقيقية في الحوار مع الحضارات والثقافات، حصلت قصيدته «لن أسلاكمُ» على جائزة الأمير عبدالله الفيصل في مجال القصيدة المغناة من بين 323 مشاركة من 21 دولة، ويرى الدكتور عبدالعزيز البابطين أن الغناء يزيد من شهرة القصيدة وانتشارها إذا كان من يؤديها صاحب صوت متميز، وعلى دراية جيدة بالموسيقى والمقامات، وتحدث ضيف (الجزيرة الثقافية) الشاعر عبدالعزيز بن سعود البابطين عن «معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين» التي أصدرتها مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية للشعراء العرب، وهذا المعجم طبع ثلاث طبعات، حيث كانت الطبعة الأولى عام 1995م، والطبعة الثانية في عام 2002م، والطبعة الثالثة في عام 2014م، وبلغ مجموع الشعراء في هذا المعجم في طبعاته الثلاث (2514) شاعرًا، وأن هناك طبعة رابعة قادمة، ووجّه من خلال حواره مع (الجزيرة الثقافية) النداء الأخير للشعراء الراغبين في المشاركة في هذه الطبعة، ليرسلوا استماراتهم إلى المؤسسة قبل البدء بإصدار هذه الطبعة من المعجم.
«اللغة: عنوان الثقافة»
س/ لك اهتمام باليوم العالمي للغة العربية والذي يصادف 18 ديسمبر من كل سنة وقمت بالدعم والتشجيع والمساندة على تعليم اللغة العربية ونشر آدابها وثقافتها في عواصم الدول الأوروبية، وأنشأت كراسي للثقافة العربية باسمك في جامعات أوروبية.. ما الرسالة التي تود إيصالها؟
ج/ اللغة هي عنوان الثقافة، والثقافة هي الحصن الباقي للعرب في زمن العولمة والتيارات الجارفة، لذلك أنشأنا كراسي الثقافة العربية في أكثر من خمسين جامعة عربية وفي كثير من الجامعات الأوروبية والإفريقية والآسيوية لتعليم اللغة العربية، ونشر الثقافة العربية الأصيلة، ليتعرف عليها الآخر عن كثب وبشكل صحيح، وليعرف العالم الوجه الحقيقي للإنسان العربي من خلال حضارته وأدبه وفكره وفنه، لا من خلال ما يروج عنه من شائعات زائفة تضخم أفعال قلة متطرفة لا تمثل العروبة ولا تمثل الإسلام.
«طبقات الشعراء»
س/ يقول محمد بن سلام الجُمَحي، في كتابه «طبقات فحول الشعراء»: «كان الشعرُ في الجاهلية ديوانَ علمهم، ومنتهى حُكمِهم، به يأخذون، وإليه يصيرون»، كانت منزلة الشعر عند العرب لها قدسية، ما فلسفتك تجاه الشعر كشاعر؟
ج/ الشعر هو ديوان العرب وذاكرة أمجادها وأيامها الباهرة، وهو أيضًا صوتها المعبر عن هويتها وشخصيتها الحقيقية في الحوار مع الحضارات والثقافات، ولأن شعوبنا لا تزال في مرحلة نهوض؛ فهي تحتاج إلى من يحثها على إسراع الخطا لتدارك ما فاتها، وليس أقدر من الشعر على استثارة الوجدان الجمعي، والعزيمة الشعبية لكي تبذل ما فوق طاقتها لتبلغ أقصى ما تستطيع.
والحقيقة أنني أحلم منذ أيام الشباب بأن أسعى للقيام بدور من أجل أن نعيد للشعر العربي وجهه النبيل كنداء للوحدة وصوت للتقدم ومنارة للإبداع.
فالشعر إذًا ومنذ القدم أدى مختلف الأدوار، فتارة يؤدي دورًا إعلاميًّا, وتارة دورًا اجتماعيًّا أو سياسيًّا، وهو أيضًا المؤرخ للأحداث والموثق للوقائع التي مرّت عبر العصور، وهو المؤثر بها، وربَّ قصيدة تعادل كتابًا فكريًّا كاملًا.
لذلك يجب ألّا نستهين بالشعر، وقد عرف العرب على مرِّ العصور أهمية الشعر فحفظوا مكانته، وعاملوه معاملة خاصة، ولم يخرجوه من حساباتهم بل كانت له دائمًا قيمة كبيرة في حياة الإنسان العربي.
قصيدة «لن أسلاكم»
* حصلت قصيدتكم «لن أسلاكمُ» على جائزة الأمير عبدالله الفيصل في مجال القصيدة المغناة من بين 323 مشاركة من 21 دولة، ما منزلة تلك القصيدة لديكم.. وهل الموسيقى والغناء يذيع من شهرة القصيدة بعد أن جوّدت غناءها الفنانة ولاء الجندي؟
ج/ قصيدة (لن أسلاكم) هي إحدى قصائد ديواني «أغنيات الفيافي» وعنوانها في الديوان «عهد الحب»، وهي في نفسي كغيرها من قصائد دواويني الثلاثة؛ جميعها تصلح للغناء والإنشاد والترنم بها لأنها تلتزم بالسمات الأصلية للشعر العربي الذي هو شعر غنائي بطبيعته، ولذلك تغنت المطربة الأستاذة ولاء الجندي بهذه القصيدة وبغيرها من قصائدي وأجادت، وكذلك هناك قصائد أخرى غنتها باقتدار الفنانة الدكتورة غادة شبير وأبدعت في أدائها، وأعجب المستمعون بها جميعًا، وهو ما تشهد به نسب المشاهدة العالية لهذه الأغنيات.
والحقيقة أن الغناء يزيد من شهرة القصيدة وانتشارها إذا كان من يؤديها صاحب صوت متميز، وعلى دراية جيدة بالموسيقى والمقامات، ولكن -أيضًا- كثيراً من القصائد اشتهرت من خلال أداء الشاعر نفسه في الأمسيات الشعرية أو المهرجانات أو حتى من خلال قراءتها قراءة واعية عبر الصحف والدواوين الشعرية.
«الارتقاء بفن الغناء»
س/ هل ستمنح شعرك لمطربين آخرين ليتغنوا به، ممن يجيدون الغناء باللغة العربية، وما أكثرهم في وطننا العربي، خاصة أن شعرك أحبه الجمهور من مختلف أنحاء الوطن العربي؟
ج/ أنا من المؤمنين بأن غناء النصوص الشعرية الجيدة يسهم في إثراء الذوق العربي والارتقاء به والارتقاء بفن الغناء نفسه، وأن من واجب المطربين والملحنين أن يحرصوا على تقديم هذا اللون من الغناء، والحمد لله على ما تفضل به من نعمة تقبل الجمهور للقصائد التي تغنى بها المطربون من شعري.
وأنا أيضًا أؤمن بأن الشاعر ما إن ينتهي من قصيدته ويذيعها بين الناس تصبح القصيدة جزءًا من تراث أمته وجماعته، لذلك، وعلى الرغم من احترامنا لقوانين حقوق الملكية الفكرية التي سادت في السنوات الأخيرة فأنا لا أمانع على الإطلاق من أن يتغنى المطربون الجادّون المجيدون بقصائدي وأشعاري التي يجدونها تلامس مشاعرهم وتتماشى مع رسالتهم الفنية.
«معجم البابطين للشعراء العرب»
س/ هل من تعليق حول الطبعة الرابعة المقبلة من «معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين»، ودعوتكم الشعراء الراغبين في الانضمام إلى المعجم إرسال بياناتهم الشخصية والفنية إلى المؤسسة عبر الاستمارة الإلكترونية الموجودة؟
ج/ «معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين» هو أول معجم في حلقة موسوعة سلسلة المعاجم التي أصدرتها مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية للشعراء العرب على مَرِّ العصور، في محاولة جادة ومتأنية لرسم صورة دقيقة عن المشهد الشعري في الحياة العربية منذ أبعد نقطة في تاريخ العرب المعروف قبل الإسلام وحتى اليوم.
وهذا المعجم طبع حتى الآن ثلاث طبعات، حيث كانت الطبعة الأولى عام 1995م، والطبعة الثانية في عام 2002م، والطبعة الثالثة في عام 2014م، وبلغ مجموع الشعراء في هذا المعجم في طبعاته الثلاث (2514) شاعرًا.
وعقب أن وزعنا الطبعة الثالثة من المعجم في ندوة كبيرة بمكتبة الإسكندرية، شرعنا على الفور في إعداد الطبعة الرابعة ودعوة الشعراء إلى الانضمام إليها، وقد أجازت الهيئة الاستشارية للمعجم ولجانها الفنية إلى الآن 223 شاعرًا من بين مئات الشعراء الذين تقدموا باستمارات المشاركة في المعجم، وبإذن الله تعالى سيصدر المعجم في أقرب وقت، وأحب أن أوجه من خلال حواري مع الجزيرة الغراء النداء الأخير للشعراء الراغبين في المشاركة في هذه الطبعة ليرسلوا استماراتهم إلى المؤسسة قبل البدء بإصدار هذه الطبعة من المعجم.
«المال والشعر»
س/ كيف كانت العلاقة بين الشعر والمال في مجرى الزمن العربي، وهل تكاملا أم وقع أحدهما تحت جبروت الآخر؟
ج/ العلاقة بين الشعر والمال على مر الزمن علاقة تبادلية، فالمال يوفر الرعاية والحماية، والشعر يبرز القيم والفضائل ويحفظ السير المجيدة، ويضمن استمرارها مثلما حدث بين المتنبي وسيف الدولة على سبيل المثال، صحيح أن هذه العلاقة قد شابها في بعض الحالات علامات سلبية كأن يستغل المال سطوته في الضغط على الشعراء ليصبحوا من وسائل الدعاية أو الترويج أو حتى من وسائل الترفيه، ومن الجهة الأخرى -أحيانًا- يستغل الشعر سطوته كذلك لاستخلاص المال بالترغيب أو الترهيب، لكن في كثير من الحالات تبقى الثوابت الصحيحة هي الأساس في العلاقة بين الشعر والمال، وهنا تحضرني قصة دالة عن أن أولاد هرم بن سنان التقوا أولاد زهير بن أبي سلمى في مجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومعروف أن زهير بن أبي سلمى كان يمدح هرم بن سنان، وينال جوائزه وعطاياه التي كانت في ذلك الوقت أثوابًا وأكسية، فسأل عمر بن الخطاب أولاد زهير: ماذا صنع الله بالثياب التي كساها أبو هؤلاء لأبيكم؟ فقالوا له: بليت يا أمير المؤمنين، فالتفت عمر -رضي الله عنه- إلى أولاد هرم بن سنان وقال لهم: ولكن الثياب التي كساها أبو هؤلاء لأبيكم (يقصد قصائد المديح) لا تبلى إلى يوم القيامة.. هذه هي العلاقة الحقيقية بين الشعر والمال، كما قلت، المال يرعى والشعر يمجِّد ويخلِّد.
«الشاعر: صوت القبيلة»
س/ كان الشاعر صوت القبيلة وعرّافها وحكيمها في العصور القديمة، وأصبحت «القصيدة» الفن الأكثر شيوعًا؛ فهل بقيت تلك الحفاوة للقصيدة في عصرنا الحاضر أم أنه ازدحم بفنون وأجناس أدبية أخرى؟
ج/ كان الشعر صوت القبيلة وحاديها قديمًا كما ذكرت كتب التراث وتأريخ الأدب.. ولا تزال بعض القصائد وبعض الشعراء يلعبان دورًا مهمًا في حياتنا في مناحٍ عديدة، ولكن من دون شك، ومع انتشار الأجهزة الحديثة ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية وانتشار القنوات الفضائية، فقد بدأ دور الشعر يخفت، فالأمة تحتاج إلى مزيد من الاعتناء بالشعر وباللغة العربية بشكل عام.
ولكن هذا لا يعني أنني قلق على مستقبل الشعر، فهو مستمر منذ آلاف السنين وسوف يبقى هكذا، وأرى أن المناهج المدرسية والتعليمية لا تكفي وحدها لتقوية مكانة الشعر الفصيح، خصوصًا العمودي في وجدان الأجيال، بل لابد من تضافر الجهود من وسائل الإعلام أيضًا، واستحداث أدوار تحفيزية للمؤسسات الثقافية العامة والخاصة، وهناك الكثير من الشباب الذين لا يزالون يتمسكون بأصالة القصيدة ويكتبونها باقتدار وشغف، وهؤلاء علينا رعايتهم وقد أدركنا ذلك، فعمدنا إلى إنهاض همم الشعراء، وعودة الألق إلى الشعر بما استطعنا إلى ذلك سبيلًا، فأقمنا مؤسسة تُعنى بالشعر والشعراء، وتقديم الجوائز المجزية لتشجيع المبدعين، وأخذنا نقيم الدورات الشعرية، ونحيي الأمسيات، ونكرّم الشعراء، ونعقد الملتقيات التي ندعو إليها مئات الشعراء من أقطار الوطن العربي كافة، ومؤخرًا أطلقنا ديوان الشعر العربي، والذي يأتيه الشعراء من كل حدب وصوب، فيه يتطارحون الشعر ويتناقشون حول الشعر والشعراء في جلسة حوارية مفتوحة. ونعقد هذا الديوان شهريًّا في مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي بالكويت، وأعتقد أن الشعر باقٍ إلى ما شاء الله، فهو جزء أساسي في حياة الأمة.
«أثرياء العرب ودعم الثقافة والشعر»
س/ قِلَّة هم رجال الأعمال والأثرياء العرب الذين يبذلون مما أعطاهم رب العالمين في سبيل التعليم والثقافة والأدب والمشاريع الخيرية المتنوعة، فما الكلمة التي تقدمونها لهم؟
ج/ على رجال الأعمال والأثرياء العرب، وأيضًا المؤسسات الاقتصادية والمالية كالبنوك وكبار الشركات وأصحاب رؤوس الأموال، أن يسعوا إلى الإسهام في تفعيل النشاط الثقافي وتمويله عبر وسائل كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر تقديم الجوائز للمبدعين، ونشر إبداعاتهم ونتاجهم في شتى المجالات الأدبية والعلمية، والإسهام في إرساء البنية التحتية وإقامة المؤسسات الثقافية، وإنشاء مراكز الترجمة من اللغات الأجنبية إلى العربية وبالعكس، وإقامة الجامعات، والإسهام في التعليم، وإدخال التكنولوجيا وعدم الاعتماد الكلي على الدولة.
إذ كلنا يعلم بأن الثقافة في أمريكا مثلًا وهي أكبر دول العالم وأقواها، لم تقم إلا على أكتاف رجال المال والشركات وجزء كبير، مما يصرف على الثقافة هناك هو من القطاع الخاص وحوالي فقط 17 % من الحكومة.
فينبغي تشجيع الرساميل العربية لتسهم في النهضة الثقافية التي هي نهضة لجميع مناحي الحياة.
فالدول تتكامل إنجازاتها بتضافر جهود القطاع الخاص معها.. وينبغي أن ندرك قيمة الاستثمار الثقافي في منطقتنا العربية، وأن نعطيه الأولوية لأنه في الحقيقة هو الرصيد الباقي للأجيال الحالية والقادمة، وبالتالي للوطن والأمة بصورة أشمل، ولكن للأسف فإن الدور الذي لعبته رؤوس الأموال العربية منذ زمن طويل في الساحة الثقافية العربية لا يتناسب وضخامتها، وهذا الأمر انعكس سلبًا على الأمة العربية بشكل كبير.
إلا أنه خلال السنوات القليلة الماضية بدأت بعض الأعمال الجليلة ترى النور من خلال جائزة الملك فيصل، وجائزة سلطان العويس، وجائزة دكتورة سعاد الصباح، ومؤسسة الفكر العربي، ومؤسسة شومان، ومؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية، وغيرها، وإن كان هذا غير كافٍ، إلا أنني أراها نواة لنهضة ثقافية.
فعندما قامت الحضارة العربية الإسلامية في زمن الأمويين والعباسيين كان هناك تشجيع كبير من أصحاب رؤوس الأموال، سواء الخلفاء أو الأمراء أو الوزراء أو الأثرياء للمبدعين في جميع المجالات إلى جانب إسهامات الدولة.
وأتمنى أن يتنادى أصحاب رؤوس الأموال ليكون لهم دور في الساحة الثقافية العربية، وهذا سيخلد أسماءهم لمئات السنين.
إنَّ أيّ نشاط ثقافي يطرح على الساحة من أي جهة مخلصة لوطنها ولأمتها هو بلا شك جهد مطلوب وله دور مهم، ليكمل ما تقوم به المؤسسات الرسمية في مختلف الدول، وإن كان هذا لا يعني انسحاب الجهات الحكومية من المشهد، بل يجب أن يكون للهيئات الثقافية الرسمية دور أكبر لتحريك تلك الساحة والتكاتف مع القطاع الخاص في هذا المجال.
«اللقب الفخم: الشاعر»
س/ الأستاذ عبدالعزيز البابطين: الحقيقة سُئلت مرة هل ترغب في أن نناديك برجل الأعمال أو الشاعر؟ قلت: لا والله، أرغب بأن تُنادوني الشاعر، ماذا يعني لك هذا اللقب؟
ج/ كما قلت أنا شاعر قبل أن أكون رجل أعمال، أما التجارة والأعمال التجارية فهي عندي في المحل الثاني بعد الأدب والثقافة، والنجاح الذي صادفني في التجارة جاء نتيجة جهود متصلة لسنوات طويلة من العمل في هذا المجال، ولا يخلو الأمر من عاملي الجد والاجتهاد وإعمال الفكر، وأنا منذ نصف قرن تقريبًا أخصص قسمًا ممَّا مَنّ به الله -عز وجل- عليَّ، من أموال لخدمة الشعر والأدب والتعليم في الأقطار العربية والإسلامية، وفي الوقت الحاضر تركت شؤون التجارة لإخواني وأبنائي، فهم من يديرون الأعمال التجارية، ويشرفون عليها، ويقسمون العمل فيما بينهم.
ولذلك أصبح لدي متسع من الوقت لقراءة المزيد من الشعر والاستماع إليه، والعودة إلى دواويني وقصائدي ودواوين غيري من الشعراء أقرأ وأستمتع بها.. فالشعر كان وسيظل الأقرب إلى نفسي وعقلي.. ولذلك أنا سعيد بانتسابي لدائرة الشعر ومعشر الشعراء.
«أحلام الشاعر»
س/ الأمة العربية لا يمكن لها أن تنهض ما لم تنهض أولًا بالثقافة، والشعر العربي هو العمود الفقري للثقافة العربية، ماذا عن طموحات وأحلام الشاعر عبدالعزيز البابطين للثقافة العربية وللأمة العربية؟
ج/ طموحاتي للثقافة العربية والأمة العربية أن يعطي المبدعون العرب من أوقاتهم الكثير لخدمة الثقافة العربية لإظهار صورتها الناصعة أمام العالم أجمع، وأن يكونوا مخلصين لحضارة أمتهم، وحاضرها، ومستقبلها، بما يستطيعون من أدوات يمتلكونها، وهي بلا شك متوافرة لديهم لأن العقل والروح والوجدان هي الأدوات الأشد قوة وتأثيرًا في بناء المجتمعات.
وما أحلم به للشعر العربي أن يواصل دوره في التعبير عن أماني أمتنا، والسعي إلى إعلاء قيمها الأصيلة، لكي يستعيد ألقه وحضوره في حياتنا كما كان في حياة أجدادنا.. وأن يكون الشعر والثقافة أداة وحدة وتلاقٍ لا أداة تباعد وتفريق.