أ.د.محمد بن حسن الزير
لقد جاء الأمر الملكي الكريم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بأن يكون (يوم 11 مارس) من كل عام يومًا خاصًا بالعلم السعودي باسم (يوم العلم السعودي) في وقته وفي محله؛ لما للعلم من مكانة عظيمة وأهمية بالغة ورمزية خالدة في حياة الأمم والشعوب بعامة وفي مسيرة بلادنا (السعودية) بخاصة وفي مسيرة تأسيسها وتاريخها المجيد الحافل بالأمجاد والعطاء والبطولة والتضحيات، ولما لهذا اليوم من أثر إيجابي عميق على الذاكرة والوجدان في إبقاء (وَهَج الوَعْي وحَيَويَّة الشعور بالانتماء) إلى الوطن الواحد والإحساس بالارتباط به وبرسالته وتضحياته، وبكل ما يعنيه الوطن من معانٍ سامية، وغايات نبيلة، وحياة آمنة، وعيش رغيد، وسلام واطمئنان، وتطور وازدهار لدى جميع المواطنين السعوديين، في هذا الوطن العزيز: «المملكة العربية السعودية» قيادة وشعبا، رجالًا ونساء، شِيْبَا وشُبانا، كبارًا وصغارًا؛ وقد جاء في ديباجة الأمر الكريم ما نصه:
«وانطلاقاً من قيمة العَلَم الوطني، الممتدة عبر تاريخ الدولة السعودية منذ تأسيسها في عام 1139هـ الموافق 1727م، الذي يرمز بشهادة التوحيد التي تتوسطه إلى (رسالة السلام والإسلام التي قامت عليها هذه الدولة المباركة) ويرمز بالسيف إلى القوة والأنفة وعلو الحكمة والمكانة، وعلى مدى نحو ثلاثة قرون كان هذا العلم شاهداً على حملات توحيد البلاد التي خاضتها الدولة السعودية، واتخذ منه مواطنو ومواطنات هذا الوطن راية للعز شامخة لا تُنكّس، وإيماناً بما يشكله العَلَم من أهمية بالغة، بوصفه مظهراً من مظاهر الدولة وقوتها وسيادتها ورمزاً للتلاحم والائتلاف والوحدة الوطنية.
وحيث إن يوم 27 ذي الحجة 1355هـ الموافق 11 مارس 1937م، هو اليوم الذي أقر فيه الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - العَلَم بشكله الذي نراه اليوم يرفرف بدلالاته العظيمة، التي تشير إلى (التوحيد والعدل والقوة والنماء والرخاء) أمرنا بما هو آت:
أولاً: يكون يوم (11 مارس) من كل عام يوماً خاصاً بالعلم، باسم (يوم العلم).. «...».
ولا شك في أن (يوم العَلَم) بما يُمثله من تذكر للتاريخ وبما يُمثله من شارة للوطن وعزته وكرامته ومكانته السامية، وما يُحققه من ترسيخ لوعي عميق بمعاني الهُوية ودلالاتها الشاملة؛ من سلام وإسلام، وتلاحم ووئام، وأنفة وعلو حكمة، واعتزاز بالحق والعدل، وما يُحققه ذلك من أمن ونماء، وسكينة ورخاء، وتضحية وعطاء، هو يوم من أيام الله، ونعمة من نعمه، نتذكرها فنشكرها، ونعيها ونشعر بمعانيها ودلالاتها فنقدرها، ونحافظ عليها بكل ما أوتينا من قوة وعزم، وبكل ما نملكه من هِمّةٍ وحزم.
ولأهمية العَلَم في حياة الوطن والمواطن، وما يحمله من قدسية العقيدة، وشرف الانتماء إليها، وما يدل عليه من رمزية الهُوِيَّة والوَطَنِيَة اعتنت به الدولة وجعلت له نظاما ومواصفات محددة بالنسبة للونه الأخضر لأرضية العلم والأبيض للكتابة والحدود، وبالنسبة لطوله وعرضه: بحيث يكون عرضُه نِصْفَ طُوله، وما يحمله من كلمة التوحيد والشهادتين وتحتهما السيف رمز قوة الحق وقيمة العدل، ولأهمية ذلك كله جعلت الدولة - حرسها الله ووفقها وأعزها - نظاما خاصا بالعلم، ومراسم بينة لكيفية التعامل معه في المناسبات، ورفعه على الدوائر الرسمية الحكومية وغيرها، وطريقة التعامل معه داخليا وخارجيا؛ وذلك باحترامه وتقديره وعدم تنكيسه لأي سبب من الأسباب كما هي حال الأعلام الأخرى في أصقاع الأرض كلها؛ لما يحمله من كلمة الحق العظيمة التي تجعل مكانته على الدوام محفوظة مصونة، وتجعل مكانه أبدا رَفِيْعا عَلِيّا.
إن العَلَمَ ورايةَ الحقّ والوَطَن عِزٌّ وَفخار، وشارةٌ لنا واستبصار، يجب أن يظل عاليا مرفوعا، وأن نُضَحِىَ من أجل ذلك، بالنفس والغالي والنفيس، وبالعمل الدؤوب الجاد لصالح الوطن والمواطن، ولصالح البلاد والعباد؛ مستذكرين في وعينا على الدوام، في عملنا وسعينا من أجل الوطن وعَلَمِه؛ كم مات تحت ظلال (العلم الرفيع الشأن) من صحابة أجلاء، ومن قادة نُبلاء، ومن سادة عظماء، ومن حكام أوفياء، فداء لراية الحق والهُدى، وتضحية من أجل عَلَمِ الوطن والحِمى؛ فنالوا شرف البطولة والكرامة، وفضيلة الشجاعة والشهامة، ونال كلُّ واحد منهم بمنقبة الشهادة مرَامَه.
وحفظ الله وطننا العزيز «المملكة العربية السعودية» وقائده الحكيم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وأيدهم بنصره وتوفيقه، وحفظ الله أمننا وأماننا واستقرارنا تحت ظلال علم الهدى وراية الحق، الراية الخالدة، راية؛ «لا إله إلا الله محمد رسول الله». وعاش الملك للعلَم والوطن.
وختامًا أقول:
مَنْ ذَا يُفَاخِرُنا وَفي دار السّعو
دِ لنا منارات الهُدى تتوقدُ
وَحْيٌ تَنَزَّلَ فِي رُبا بَلَدِيْ سَنَاً
الضّادُ فِيْهَا والهُدَى والمَنْجَدُ
اللهُ أكرَمَنَا وَعَزّ بِلَادَنَا
الوَحْيُ يُتْلَى والحَدِيْثُ يُسَنّدُ
وَالرَّايَةُ الخَضْرَا شِعَارٌ (وَاحِدٌ)
والشَّعْبُ جُنْدٌ والحُسَامُ مُهَنَّدُ